عادت فاتن إلى القاهرة، وراحت الصحف تكتب عن أدوارها وتميزها، غير أن الإشاعات عادت لتطاردها، فرشحتها للزواج من مليونير عربي، ولم تكن صحيحة طبعاً، ثم مشروع زواج من المنتج منير رفلة ابن المخرج حلمي رفلة، ومرة ثالثة للزواج من المخرج يوسف شاهين، الذي أشيع أيضاً أنه كان يحبها قبل عمر الشريف، ولم يبح بحبه بعد ظهور الأخير في حياتها، ومرة رابعة للزواج من الموسيقار فريد الأطرش... غير أن ذلك كله كان مجرد إشاعات، لسبب بسيط، وهو أن زواجها من الشريف كان لا يزال قائماً فعلاً.

عاد الحديث حول علاقتها مع عمر الشريف، وطاردتها الأسئلة حول إذا ما كان الطلاق بينهما تمّ فعلاً؟ كانت ترد قائلة:

Ad

* مافيش طلاق تمّ فعلاً... وعموماً ده كلام سابق لأوانه لأن دي حاجة ماتهمش حد.

أما عمر الشريف فكان يؤكد لكل من يقابله، سواء من أصدقائه أو من الصحافيين، أن الانفصال تمّ بينه وبين فاتن، وإن لم يكن الطلاق تحقق، وأن العلاقة الوحيدة التي تربطه بها هي أنها أم ابنه طارق، لأنه لن يجبرها على تحمل الحياة الصعبة التي يعيشها، والتي هي عبارة عن سلسلة من التنقلات في أنحاء العالم، ما تستحيل معه الحياة الزوجية.

بينما راحت فاتن تقرأ عدداً من الروايات لاختيار من بينها ما تقدمه، وصلتها رسالة من ابنها طارق، يسألها أن تفي بوعدها بالحضور للاحتفال معه بعيد ميلاده الذي يحل في منتصف ديسمبر. لم تتردد وسافرت فوراً إلى لندن، واحتفلا بعيد ميلاده، وحضرته أيضاً نادية، ليحتفلوا معاً بعيد رأس السنة الميلادية. لكن عمر الشريف لم يحضر لأنه احتفل بين أسرة فيلمه الجديد في أحد نوادي العاصمة البلغارية، ونشرت الصحف صورته وهو إلى جانب النجمة العالمية صوفيا لورين، وسؤال لا يخلو من دهاء من أجل خلق إثارة حول علاقتهما الخاصة، بعيداً عن العلاقة الفنية:

= هل هي قصة حب في الفيلم أم في الحقيقة؟

لم تعد مثل هذه الصور، أو حتى الإشاعات التي كانت تسمعها فاتن من آن إلى آخر، وتحمل كثيراً من الحقيقة حول علاقات عمر الشريف، تثير غضبها أو تحرك مشاعر الأنثى في داخلها، فقد تمّ الاتفاق على الانفصال في هدوء، سواء من جانبها أو من جانب عمر، الذي حرص على حضور زواج نادية ذو الفقار، ابنة فاتن حمامة، وسكرتيرته الخاصة السابقة، التي أعلنت اعتزالها العمل معه بسبب الزواج من المصور السينمائي الفرنسي «بيار أوجيه»، بعدما أشهر إسلامه وأصبح اسمه «أمين بيار أوجيه»، وعاد العروسان إلى مصر، حيث أمضيا شهر العسل بين الأقصر وأسوان.

هموم فنية

عادت فاتن إلى القاهرة وراحت تبحث عن الجديد الذي تقدمه. وجدت المؤلف والمخرج سمير عبد العظيم يعرض عليها تقديم مسلسل للإذاعة، بعنوان «كفر نعمت». ما إن قرأته حتى أعجبت به، وقررت فوراً تقديمه للإذاعة، وشاركها بطولته كل من فريد شوقي، ومحمود ياسين، وماجدة الخطيب، وحسن مصطفى، والفنانة الشابة هدي رمزي.

حقّق المسلسل نجاحاً كبيراً، خصوصاً في الريف المصري، لتصل بعده إلى النجمة فجأة ومن دون سابق معرفة، دعوة على الغداء مع السيدة جيهان السادات، قرينة الرئيس السادات. لم تتردد ولبتها فوراً، إلى جوار السيدة عائشة راتب، وزيرة الشؤون الاجتماعية، والكاتبة أمينة السعيد، وعدد آخر من سيدات المجتمع.

تحدثت جيهان السادات عن المرأة المصرية، ودورها في المجتمع وأهمية وجودها جنباً إلى جنب مع الرجل، بل ومنافسته في المجالات كافة، وأن ذلك لن يحدث إلا بعد إنصافها اجتماعياً، فحكت عائشة راتب عن واقعة حقيقية لسيدة طلقها زوجها بعد زواج دام بينهما 30 عاماً ليتزوج بأخرى، لتجد السيدة نفسها بعد هذه السنوات كافة بلا دخل وبلا مأوى.

تأثر الجميع بقصة هذه المرأة، ونظرت جيهان السادات إلى فاتن وسألتها:

= ليه الفن مابيسلطش الضوء على القضايا المهمة دي يا مدام فاتن؟

* بالتأكيد دي قضايا مهمة. لكن انا شخصيا متبنية قضايا المرأة من فترة طويلة... في كتير من أفلامي من بدري زي «الزوجة العذراء، والطريق المسدود، ودعاء الكروان، والمعجزة، والباب المفتوح... وحتى آخر حاجة «امبراطورية م» لكن فعلا قوانين الأحوال الشخصية محتاجة نظرة إلى المرأة.

= بالتأكيد لأن المجتمع بيبص لها على أنها شيء مكمل للرجل وليس نصف المجتمع.. وأعتقد أن الدولة في المرحلة اللي جايه لازم تغير نظرتها للمرأة.. لكن الفن باعتباره له دور مؤثر لازم يساهم في ده. مش كده ولا إيه؟

* بالفعل يا فندم.. وأنا هاعتبر أن دي قضيتي الشخصية.

في اليوم التالي، هاتفت فاتن الكاتبة الصحافية حُسن شاة، وتحدثت إليها في الموضوع، ويبدو أنهما كانتا على اتفاق في الأفكار، إذ عرضت عليها فكرة عمل يتناول حكاية فتاة يزوجها والدها رغما عنها لشاب يعمل في وزارة الخارجية، وبعد سنوات طويلة من عذاب الزوجة في حياتها، يرحل والدها، فتقرر منح نفسها حريتها من الدبلوماسي الكبير، بعد سنوات طويلة من الحياة التي اضطرت إليها، لكنها تصطدم بالمجتمع وبنظرته إلى المرأة التي تطلب الطلاق ومن ثم تصبح مطلقة، إضافة إلى عدد من القضايا التي تؤكد وقوع المرأة تحت الظلم.

سعدت فاتن جدا بالموضوع، وهي تستمع إليه وإلى جوارها الفنان صلاح ذو الفقار الذي كان يتناول الغداء معها، وقرر أن ينتج الفيلم، فرحبت فاتن النجمة واتصلا بالمخرج سعيد مرزوق، وحددا موعدا معه.

كتب الحوار للفيلم سعد الدين وهبة، وتولى سعيد مرزوق السيناريو والإخراج، ورشح لبطولته إلى جانب فاتن كلاّ من رشدي أباظة، وأمينة رزق، وليلى طاهر، وعلي الشريف، والوجه الجديد شريف لطفي، وهي ترشيحات أسعدت المنتج صلاح ذو الفقار، رغم عدم مشاركته في الفيلم كممثل.

حقّق الفيلم نجاحاً مدوياً، واستمر في سينما «ريفولي» بالقاهرة 15 أسبوعاً، وتخطّت إيراداته 40 ألف جنيه. كذلك أثار ضجة كبيرة بين مؤيدين ومعارضين، وبينما تعاطفت معه النساء انقسم حوله الرجال. وحاول البعض الهجوم عليه من باب مخالفة الشريعة الإسلامية، وتزعمت هذا الفريق المذيعة كريمان حمزة، واصطحبت مجموعة من السيدات اللاتي يشاركنها الرأي، وشاهدن الفيلم. غير أنها عندما خرجت من صالة العرض اتصلت بفاتن لتشكرها عليه.

حصل الفيلم على جائزة أحسن فيلم في المسابقة التي أقامتها وزارة الثقافة في العام نفسه، وفازت فاتن بجائزة أفضل ممثلة من مهرجان «طهران» وسلمتها الإمبراطورة الإيرانية فرح ديبا الجائزة.

تجربة فاشلة

لم يمرّ عام على زواج نادية من المصور الفرنسي، إلا وكانت أنجبت طفلة جميلة، تشبه إلى حد كبير جدتها، فأطلقت عليها والدتها اسم «فاتن» وأصبحت تلقب بـ{فاتن الصغيرة»، لتصبح فاتن حمامة أصغر جدة في الوسط الفني. لكن سرعان ما دبت الخلافات بين نادية وزوجها الفرنسي، وتطلقا.

عاشت نادية مع فاتن الكبيرة وفاتن الصغيرة، لا يفترقن لحظة، وفجأة طرأ على ذهن نادية أن تخوض تجربة التمثيل مجدداً للمرة الثانية، بعدما خاضتها للمرة الأولى وهي طفلة لم تتجاوز الخامسة من عمرها على يد والدها المخرج الكبير الراحل عز الدين ذو الفقار في فيلم {موعد مع السعادة}.

تناقشت فاتن طويلاً مع ابنتها في هذا الموضوع، ووجدتها متحمسة له، بل ومدفوعة إليه بشكل كبير، ولم يكن أمامها سوى مساندتها وإرشادها إلى الطريق الصحيح. رشحت لها إحدى روايات الكاتب إحسان عبد القدوس «أنا لا عاقلة ولا مجنونة» فرحبت نادية بها، واختارت المخرج حسام الدين مصطفى، الذي أعجبت بأسلوبه كمخرج، وأبدى هو استعداده الكبير، وإن كان يتمنى أن يكون العرض مع الأم وليس الابنة. ورغم أنه عرض على فاتن أن تظهر في الفيلم ولو ضيفة شرف، غير أنها حرصت على أن تخوض ابنتها التجربة بمفردها من دون مساندتها كي لا يبدو أنها تعتمد على اسم والدتها.

عرض حسام الموضوع على المنتج إبراهيم شوشة، الذي تحمس له، وبدأ حسين حلمي المهندس في كتابة السيناريو والحوار، ورشح حسام لمشاركة نادية أول بطولة سينمائية لها، محمود ياسين، ومعه عم نادية الفنان صلاح ذو الفقار، ومريم فخر الدين، وعماد حمدي، وإبراهيم خان، وزوزو ماضي، ونادية الكيلاني.

انتظر الجميع، الجمهور والنقاد والوسط الفني، أن يروا «فاتن حمامة» في ثوب الشباب مجدداً، غير أن التجربة جاءت مخيبة للآمال، ولم يحقق الفيلم نجاحاً يذكر، ما أصاب نادية بإحباط شديد، وقررت ألا تكرر التجربة، ولم تشأ فاتن أن تتدخل في قرارات ابنتها، سواء عندما قررت التمثيل، أو الابتعاد عنه.

سافرت نادية بعد ذلك هي وابنتها إلى باريس، فيما توجهت فاتن إلى لندن للاطمئنان على ابنها طارق، على أن تلحق بنادية في باريس.

لم تقتصر زيارة فاتن لندن على لقاء ابنها طارق والاطمئنان عليه، بل كانت فرصة لمشاهدة كل جديد من السينما والمسرح الإنكليزيين، وفي الوقت نفسه لقاء بعض الأصدقاء المقيمين في لندن، أو حتى من حضروا لزيارات مثلها، وهو ما فعلته في اليوم التالي لوصولها، إذ ذهبت إلى رشدي صبحي أحد الأصدقاء المقيمين في العاصمة، والذي اعتادت زيارته كلما مرت بها، لتجد لديه ما لم تتوقعه:

* معقولة. الدكتور محمد عبد الوهاب أستاذ الأشعة... هنا في لندن.

= مدام فاتن حمامة. إيه الفرصة الجميلة دي. دا أنا حظي كويس اوي. آجي لندن مع صديق بيعمل جراحة وآجي لزيارة رشدي، قوم تحصل الصدفة الجميلة دي.

- إيه ده؟ هو انتوا تعرفوا بعض. وانا اللي كنت ناوي أقدمكم لبعض.

= طبعا مدام فاتن غنية عن التقديم والتعريف وباشكرها أنها لسه فاكراني.

* العفو يا دكتور انت من الشخصيات المحترمة جدا. اللي الواحد مش ممكن ينساها لو قابلها في حياته لو مرة واحدة.

= دي شهادة اعتز بيها يا هانم من فنانة عظيمة زيك.

- ماكنتش أعرف يا دكتور محمد انك مهتم أوي بالفن كده؟

= أولا مافيش إنسان عنده عقل وإحساس ممكن يتجاهل الفن العظيم اللي بتقدمه سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة. ثانياً يا أخي الفن هو الشيء الوحيد اللي بجد فيه نفسي وباحس أني باغسل إحساسي من آن لآخر من خلال الموسيقى والمسرح الجاد وبعض الأفلام المهمة زي اللي بتقدمها مدام فاتن.

- يعني أخرج أنا منها.

* أنا مش مستغربة طبعاً أني اسمع الكلام ده من شخصية زي حضرتك يا دكتور محمد. بس المدهش بالنسبة لي أنك تكون مهتم بالمسرح.

= أشكرك جداً. بس في الحقيقة هو اهتمام متذوق مش متخصص طبعا. وخصوصا المسرح الإنكليزي. بيعجبني جداً.

* كده. يظهر أن ذوقنا واحد.

= ده شرف عظيم ليا يا هانم.

لم تكن المرة الأولى التي تلتقي فيها فاتن حمامة الدكتور محمد عبد الوهاب، أحد أهم وأشهر أساتذة الأشعة التشخيصية بكلية طب «قصر العيني»، وسليل عائلة وفدية كبيرة، تملك الكثير من الأراضي الزراعية، ووالدته تنتمي إلى عائلة «مرعي» وهي ابنة عم المهندس سيد مرعي، رئيس مجلس الشعب. كان اللقاء الأول بينه وبين فاتن، عندما شعرت ببعض الآلام فقررت الخضوع لأشعة تشخيصية للصدر، وعندما طمأنها الدكتور محمد صارا صديقين بعدها. وكان اللقاء الثاني في زفاف «نهى» كريمة الرئيس أنور السادات، على حسين مرعي، الابن الأكبر للمهندس سيد مرعي، ثم تعددت اللقاءات بينهما مصادفة، وأحياناً بترتيب مسبق، سواء في «نادي الجزيرة» أو «شاطئ المنتزه» بالإسكندرية، حتى تم اللقاء في لندن، حيث أمضيا غالبية اليوم معاً، ودارت بينهما أحاديث طويلة، في مختلف المجالات. وفي اليوم التالي، أرسلت فاتن دعوة له إلى مقر إقامته، ليحضر معها المسرحية الموسيقية South Pacific ليبدأ بينهما فاصل جديد من صداقة أقوى.

طلاق وزواج

غادرت فاتن لندن متجهة إلى باريس، وهناك كان لقاء جديد ومختلف بينها وبين عمر الشريف، لم يكن عاصفاً كبقية اللقاءات السابقة، بل كان أكثر هدوءاً وتعقلاً من الجانبين. بدا أن كلاً منهما ارتضى بتلك النهاية لقصة حبهما وزواجهما الذي امتد نحو 20 عاماً، أمضت فاتن منها نحو 12 عاماً في قلق وتوتر، وصل في أوقات كثيرة إلى حد الثورة على كل ما كان يقوم به الشريف، الذي لم ينكر لحظة أنه لم يحب سواها، غير أنه كان يريد أن يحبها بشروطه هو، وليس وفق العلاقات الزوجية الطبيعية، ولم تكن فاتن ترضى بذلك بالتأكيد. لذا جاء هذا اللقاء الأخير، ليضع كلمة النهاية في حياتهما الزوجية.

توجه الشريف إلى السفارة المصرية في باريس، وسجل وثيقة الطلاق بينه وبين فاتن في القنصلية، وانتشر الخبر كالنار في الهشيم، وكتبته الصحف العالمية والعربية، حتى أن بعضها أكد أن جمهور النجمين لم يُفاجأ لظنه أن الطلاق وقع قبل ذلك بسنوات طويلة.

خرجت جريدة «أخبار اليوم» في 13 يوليو 1976، تحت عنوان «أبطأ طلاق في التاريخ» بهذا الخبر:

«أخيراً تم الاتفاق بين النجم العالمي عمر الشريف، وسيدة الشاشة العربية الفنانة فاتن حمامة على الطلاق، وصرح عمر الشريف أن السيدة فاتن حمامة هي التي طلبت الطلاق.

وتوجه عمر إلى السفارة المصرية في باريس، لتسجيل وثيقة الطلاق في القنصلية، وصحب معه ابنه طارق ليستخرج له شهادة رسمية تثبت أنه ابنه الوحيد، كي يتمكن من مواصلة دروسه في لندن، وتعفيه من التجنيد».

رغم أن فاتن لم تكن تتمنى هذه النهاية، فإن الشريف اضطرها إليها، وجعل حصولها على وثيقة الطلاق مطلباً ملحاً، لتشعر بعدها بأنها لا بد من أن تبدأ حياتها مجدداً، ليس من أجل البحث عن زوج، بل للعيش لأول مرة دون قلق أو توتر، وحصار الإشاعات. عادت فاتن إلى القاهرة ولديها إحساس كبير بأنها تريد أن تقدم عملاً جديداً، تريد أن تنعش ذاكرة جمهورها بأدوار تذكرها بسيدة الشاشة العربية. عرض عليها المخرج هنري بركات فكرة نقل المسلسل الإذاعي «كفر نعمت» إلى شاشة السينما، غير أن فاتن لم تتحمس له:

* الموضوع كويس بس جمهوره محدود.

= يعني إيه جمهوره محدود؟

* يعني يهم أهل الريف بس... مايهمش كل الجمهور.

= حتى لو زي ما بتقولي... أغلب أهل مصر من الريف.

* أنا موافقة. بس جمهور السينما الأكبر من المدن. أهل الريف أغلبهم متجه للإذاعة بشكل كبير علشان كده المسلسل نجح في الإذاعة. لكن المدينة لها اهتمامات تانية.

= بس أنا واثق أن الفيلم ها ينال إعجاب الكل.

* دي وجهة نظرك. وأنا عارفاك لما تتحمس لموضوع. لكن تفاصيل المسلسل ما تعملش فيلماً ناجحاً. إحنا في نهاية السبعينات يا أستاذ بركات مش في الأربعينات.

= مش فاهم يعني إيه؟

* يعني حكاية الشاطر حسن وست الحسن والجمال ماتنفعش مع جمهور السبعينات دلوقت. البيه اللي بيقع في غرام خدامة ويتحدى بيها كل اللي حواليه. مش كفاية علشان نعمل قصة حبهم في فيلم دلوقت.

= أنا عايزك تفكري بس في الموضوع شوية.

* أنا فكرت... وممكن أعمله. بس بشرط.

= موافق عليه. إيه هو؟

* أنا ملاحظة أن الدولة مهتمة جداً اليومين دول بموضوع تنظيم النسل. وضرورة أن الشعب ينظم نسله علشان يقدر ينظم حياته. لو المؤلف يقدر ياخد الفكرة للزاوية دي. هايبقى موضوعاً هايلاً. وفي الوقت نفسه هاتبقى رسالة مهمة جداً بتخدم أهداف الدولة لتحسين معيشة المواطنين.

= فكرة هايلة... أنا هاكلم سمير عبد العظيم حالا.

بدأت فاتن تصوير الفيلم الذي تغير اسمه إلى «الحب الصغير»، ثم اقترحت أن يكون اسمه «أفواه وأرانب»، ليشاركها بطولته أبطال المسلسل فريد شوقي، ومحمود ياسين، ورجاء حسين، وعلي الشريف، ومحسن محيي الدين. وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً لم تتوقعه، كما لم يتوقعه مخرجه هنري بركات، وحصل على جائزتين في الدورة الثانية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي انطلقت دورته الأولى في 16 أغسطس 1976، من خلال الجمعية المصرية للكتاب والنقاد السينمائيين، برئاسة الكاتب كمال الملاخ. وحصدت فاتن واحدة من الجائزتين، كأفضل ممثلة، ولم يمر وقت طويل حتى منحها الرئيس أنور السادات الجائزة التقديرية، ليس عن «أفواه وأرانب» فحسب بل على مجمل أدوارها، لتكتمل سعادتها، بما كان يخبئه لها القدر.

وسط النجاح والتكريم الذي كانت تلقاه فاتن، عادت الإشاعات تلقي بظلالها عليها، وتجددت إشاعة تزويجها من المخرج سعيد مرزوق، الذي لجأ إلى إحدى المجلات الأسبوعية لنشر تحقيق مصور في شقته، وظهر فيه مع زوجته وأولاده. من ثم، رشحتها الإشاعات للزواج من المهندس رمزي عمر، مصمم فندق «شيراتون الجزيرة»، فيما التزمت فاتن الصمت أيضاً حيال ذلك، ليس لأنها غير قادرة على الرد، أو لأنها تسعد بالأخبار التي تزوجها كل يوم بشخصية مهمة، بل لأنها كانت مشغولة بترتيب زواجها فعلاً، بعدما تقدم إليها رسمياً صديقها الدكتور محمد عبد الوهاب، ووجدت فيه رجلاً مناسباً لتكمل معه بقية حياته.

تم الزواج عقب فوزها بجائزة أفضل ممثلة من مهرجان القاهرة، وحددا الزوجان شرطاً واحداً والتزما به.