بعد 23 سنة على انتهاء الحرب البوسنية التي أدت إلى تهجير 2.2 مليون شخص (أو نصف السكان)، أصبح اللاجئون الجدد في البوسنة من السوريين، والأفغان، والعراقيين، وغيرهم يعيشون في خيم في مواقف السيارات والمراكز الاجتماعية، وتجاهد السلطات للاعتناء بهم، وفي الآونة الأخيرة بدأ يعبر الحدود إلى هذا البلد نحو 500 شخص كل أسبوع، آملين مواصلة طريقهم إلى أوروبا الغربية.

أُقفلت طريق البلقان من سورية عبر تركيا في عام 2016، لذلك من الغريب أن يبدأ هذا العدد الكبير من اللاجئين بالوصول فجأة إلى هذا البلد، إذ يهرب بعضهم من أعمال القتال الأخيرة، إلا أن معظمهم ليسوا كذلك، فيذكر بيتر فان دير أوفيريرت من المنظمة الدولية للهجرة أن غالبية الوافدين الجدد أناس علقوا في صربيا أو اليونان ويشعرون بالاستياء حيال وضعهم، لذلك يجربون هذه الطريق الجديدة، ونتيجة لذلك بدأت مراكز اللاجئين في صربيا تفرغ بسرعة، في حين يأتي آخرون عبر ألبانيا أو الجبل الأسود.

Ad

لم تسجّل البوسنة السنة الماضية سوى 755 لاجئاً جديداً، لكن الأعداد بلغت هذه السنة خمسة آلاف تقريباً نصفهم غادر على الأرجح متجهاً إلى كرواتيا، التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي منذ عام 2013 وشكّلت مع البوسنة سابقاً جزءاً من يوغوسلافيا، وفي 30 مايو فتحت الشرطة الكرواتية النار على حافلة صغيرة محملة بلاجئين قادمين من البوسنة، مما أدى إلى جرح ولدين، وعقد وزراء المنطقة اجتماعاً بشأن الأزمة المتفاقمة في عاصمة البوسنة سراييفو في 7 يونيو.

في محاولة لوقف تدفق اللاجئين هذا أرسلت البوسنة أعداداً إضافية من رجال الشرطة إلى الحدود مع دولتَي صربيا والجبل الأسود، أما هنغاريا التي بنت سياجاً فاعلاً جداً على حدودها مع صربيا بغية وقف عمليات العبور غير الشرعية، فوعدت الجبل الأسود بسياج من الأسلاك الشائكة بطول 23 كيلومتراً بهدف إقفال أجزاء من حدودها مع ألبانيا.

لكن اللاجئين يشملون فئة جديدة: فنحو 10% منهم من الإيرانيين، إذ توقفت كل من صربيا وإيران السنة الماضية عن طلب تأشيرات دخول من مواطنيهما إلى بلديهما، كذلك انطلقت في شهر مارس رحلات جوية مباشرة قليلة الكلفة بين هذين البلدين.

أثار الوافدون الجدد جدالاً سياسياً، فعندما انتهت حرب البوسنة الدموية في عام 1995، انقسمت هذه الدولة إلى قسمين: جمهورية صرب البوسنة ذات الغالبية الصربية واتحاد البوسنة والهرسك. يدّعي ميلوراد دوديك، رئيس جمهورية صرب البوسنة، أن سياسيي البوسنة يخططون سراً لاستقدام اللاجئين بغية تبديل وضع البوسنة الديمغرافي والسيطرة بالتالي على البلد بأكمله، إلا أن الوقائع تشير إلى أن القليل من اللاجئين يودون البقاء، ولكن مع اقتراب الانتخابات في شهر أكتوبر، لا تعوق الوقائع السياسيين عن محاولة تسجيل النقاط السياسية.