لماذا لا يريدون لنا الديمقراطية التي يتشدقون بها ويطبقونها على أنفسهم، أليسوا هم من يفرضون علينا ما يريدون ودون خجل، إذن ألا يملكون فرض الديمقراطية علينا كما يفرضون جباية الأموال والبترول ومطالبة حكوماتنا بمنح المرأة حريتها في قيادة السيارة وغيرها من الحريات التي لا ترقى إلى معنى الديمقراطية الحقيقية التي يطبقونها في بلدانهم؟ لماذا لا يركزون على القمع والظلم والاستبداد الذي يمارس في معظم الدول العربية؟ وأين ديمقراطيتهم وشعاراتهم عن الحريات وحقوق الإنسان التي تنتهك في الوطن العربي؟

هذه أسئلة إذا طرحت عليهم فلن يجيبوا عنها، لأنهم ببساطة لا يريدون لنا ما أرادوه لأنفسهم من ديمقراطية وحريات حقيقية، أما ما يتشدقون به فمجرد شعارات زائفة يدغدغون بها مشاعر السذج منا.

Ad

يقول لي أبو عبدالعزيز قصة دارت بينه وبين صديق له أميركي منذ أربعين عاماً، حيث وجده ذات يومٍ حزيناً فسأله: ما بك حزيناً؟ فقال له: ألا تعلم أن اليوم ذكرى مقتل ٦٠٠٠ آلاف عسكري أميركي في معركة بيرل هاربر، لذلك نحن في كل عام نتذكر هذه المأساة الإنسانية التي حلت بنا، ونذكر بها أجيالنا. فرد عليه أبو عبدالعزيز: ولكنكم ضربتم هيروشيما وناغازاكي فمسحتم كل من عليهما، ألا تعتبر هذه مأساة تفوق مأساتكم؟

فرد صديقه بأن ما فعلوه هو من أجل أميركا ومستقبلها، وها نحن نجني ثمار تلك الضربة ونتسيد العالم، إلى أن وصلا في حديثهما للنظام الأميركي المطبق في ولاياتهم، فسأله أبو عبدالعزيز: طالما أنكم متسيدون العالم وتملكون القدرة على أن تنفذوا ما تدّعونه من شعارات ديمقراطية وإنسانية، فلماذا لا تفرضون على الدول العربية تطبيق ما تطبقونه في بلادكم، أو على الأقل تدرسون العرب نظامكم الديمقراطي لكي يتعلموا منكم ويعلموه لأبنائهم؟

فضحك الأميركي ورد عليه: هذا جنون كيف تريدنا أن نسمح لكم بالتطور ونحن من نعتمد كلياً على جهلكم في شفط ثروات بلدانكم؟ صدقني لو أن واحداً تجرأ ليقوم بما طلبت لقتل دون أن يعرف قاتله.

يعني بالعربي المشرمح:

حقيقة الحديث الذي دار بين "بوعبدالعزيز" وصديقه الأميركي هو الواقع الذي لا نريد رؤيته أو الحديث عنه، فالغرب لا يمكن أن يسمح لنا بممارسة الديمقراطية الحقيقية، ولا تطبيق نظامه في الحريات وحقوق الإنسان لأنه سيفقد ذات يومٍ كل ما خطط له، بل لن يستطيع أن يتطور على حسابنا ومن خلال نهب ثرواتنا التي يستغلها في بناء حضارته وتقدمه وقوته، وفي المقابل يزداد جهلنا وفقرنا وتخلفنا، فمتى نعي ما يخطط ضدنا من مؤامرات، وكأن همنا الوحيد هو دور السينما والاختلاط وقيادة المرأة للسيارة؟