قم للمعلم وفّهِ التبجيلا

كاد المعلم أن يكون رسولا

Ad

هذا البيت المشهور في مطلع قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي التي ألقاها في حفل نادي المعلمين العليا، وذلك لبيان قيمة المعلم، ربط فيه أمير الشعراء مهنة التعليم بعمل الأنبياء كما جاء في بقية القصيدة بديوان "الشوقيات".

ليتك يا أمير الشعراء بيننا الآن لترى صدى قصيدتك وكيف يتغنى بمعانيها مجتمع اليوم، فحديثي يا أمير موجه لك ولتعرف أي خط سلكه البعض، فقد حفظوا قصيدتك لفظاً دون اكتراث بمهنة التعليم ودورها في بناء المجتمع، بعدما صار التعليم وسيلة للربح على حساب القيم.

في الماضي كان للمعلم تقدير، وكانت الأسرة تحرص على غرس قيمة الاحترام في نفوس الأبناء، بل إن أولياء الأمور دائماً في صف المعلم، وفي المقابل تجده يقدر هذه الثقة بحرصه على أداء مهمته على أكمل وجه، وحتى عند قسوته تجد الحب بينه وبين طلبته، لأنها لم تكن بدافع الانتقام، الخلاصة المعلم والطالب وجهان لعملة واحدة وهما نتاج البيئة التي يعيشان فيها.

تراجع أو تطور التعليم يعودان لمجموعة من العوامل (الطالب، المعلم، الأسرة، المدرسة، المجتمع) ولكن في نظري وفي نظر الكثيرين أن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على المجتمع الذي وضع التعليم في أدنى درجات اهتمامه بالرغم من الديكورات التي يضعها عليه؛ من إنشاء مجالس عليا ومجالس لضبط الجودة، ومجالس كهذه هي لزوم البهرجة.

في الكويت يعد معدل الإنفاق على التعليم الأعلى في العالم، ويدخل ضمن مصاف الدول المتحضرة، لكن النتيجة على مستوى قياس مؤشرات الأداء تضعها في المراتب المتأخرة، فالصورة السوداوية للتعليم بطلها الأول المجتمع الذي ساهم وبشكل كبير في وأد التعليم في وطننا العربي، فالطالب يقضي أكثر من اثنتي عشرة سنة غير مرحلة رياض الأطفال، والمحصلة لا يستطيع تجويد آية من القرآن، أو كتابة فقرة بدون أخطاء إملائية، أما في الرياضيات والعلوم فحدّث ولا حرج، ناهيك عن بقية المواد الأخرى.

اليوم وزارة التربية فعَّلت لائحة كإجراء تنظيمي، كشفت بعض الخلل في منظومة التعليم، لكنها غير كافية وتحتاج إلى مجموعة من الإجراءات الأخرى، وفي مقدمتها مراجعة شاملة للمناهج الدراسية، وعمل مسح ميداني للوقوف على قدرة المعلمين على إيصال المادة الدراسية للطالب، ومن ثم القضاء على الدروس الخصوصية التي لا تقل خطراً عن الغش.

نسبة النجاح لهذا العام وصلت إلى 67.5% فقط، بسبب تفعيل قرار لائحة الغش، مما يدل على أن هناك مشكلة لها علاقة بمكونات التعليم الأخرى، ولأجل ذلك نتمنى أن تكون لدى وزارة التربية الرؤية لإصلاح منظومة التعليم والوقوف على متطلبات النهوض بالعملية التعليمية برمتها؛ لذلك يجب أن تقدم استراتيجيتها للنهوض بالتعليم كشريك استراتيجي في التنمية.

أخيراً نبارك لأبنائنا الخريجين نجاحهم، ونسأل الله لهم التوفيق في خدمة وطنهم، ونطلب من مؤسسات التعليم التكثيف من برامجها التثقيفية في توجيه الطلبة نحو التخصصات التي تحتاجها الكويت في السنوات القادمة.

ودمتم سالمين.