هو الأمير أسد الدين شيركوه، الملك المنصور أسد الدين وزير العاضد؛ ولد في إحدى قرى أذربيجان هو وأخوه نجم الدين أيوب والد الناصر صلاح الدين الأيوبي، والتحق هو وأخوه بخدمة عماد الدين زنكي، فأحسن إليهما، وخاضا معه كل حروبه ضد الصليبيين ثم صار شيركوه من أقرب القادة إلى نور الدين محمود حتى عينه قائد جيوشه.

أفضل أعمال أسد الدين شيركوه هو تحقيق حلم حياته بتوحيد الإمارات الإسلامية في الشام ومصر، لتتكتل جهودها من أجل طرد العدو الصليبي من الأرض المقدسة، وقد جاء تحقيق هذا الحلم على عدة مراحل.

Ad

كانت البداية في جمادى الأولى سنة 559 هجرية، حين استنجد شاور وزير العاضد لدين الله الفاطمي، صاحب مصر، وقد نازعه في الوزارة الأمير ضرغام الذي استولى على مقاليد الأمور، ورحب نورالدين بنجدته، فأرسل جيشا بقيادة أسد الدين شيركوه، الذي استطاع أن يدخل الديار المصرية ويقتل الأمير ضرغام ويعيد شاور للوزارة.

عاد شاور الى الاستغاثة من جديد، ولكن هذه المرة بالصليبيين ليطردوا أسد الدين من القاهرة، وصمد شيركوه أمام جحافل الصليبيين أكثر من ثمانية أشهر، واستغل السلطان نورالدين غيبة الصليبيين في مصر ودخل بلادهم، فاضطروا إلى فك الحصار عن أسد الدين وعقدوا معه صلحا خرج بموجبه كلاهما من مصر.

استطاع الصليبيون الدخول إلى مصر بمعاونة بعض الخائنين، فاستأذن أسد الدين شيركوه نورالدين في المسير لمصر، فأذن له، فلما علم شاور بذلك راسل الفرنج، فأتوا من كل مكان وذلك في سنة 562هـ، واشتبك أسد الدين بجيشه الصغير مع جحافل الصليبيين وهزمهم، واتجه إلى الإسكندرية ففتحها، وترك عليها ابن أخيه صلاح الدين، ثم اتجه إلى الصعيد فملكه، فاستغل الصليبيون الفرصة وحاصروا صلاح الدين في الإسكندرية، فامتنع عليهم صلاح الدين، واضطر أسد الدين لمصالحتهم ليفك حصارهم، ومرة أخرى بادر نورالدين إلى الإغارة على البلاد التي بأيدي الصليبيين، ليفك الحصار عن رجاله في مصر.

المرة الثالثة جاءت عندما تحكم الصليبيون في مصر، فاستغاث الخليفة العاضد العبيدي بنور الدين، وأرسل له شعور نسائه، فأرسل نورالدين أسد الدين ومعه صلاح الدين بجيش كبير هذه المرة، فلما سمع الصليبيون بقدومهم خرجوا من الديار المصرية. دخل أسد الدين القاهرة في 7 ربيع الآخر سنة 564هـ، فوجد الصليبيين قد هربوا من مصر، ووجد شاور الخائن نفسه قبالة أسد الدين، فقتله لخيانته المتكررة للمسلمين، وعينه الخليفة العاضد وزيرا مكان شاور، فبدأ في تنظيم الأمور وعيّن العمال، وأرسل النواب، وأقطع الإقطاعات، ولكن أمر الله عز وجل كان أسرع، فقد أصابته ذبحة صدرية في 22 جمادى الآخرة سنة 564هـ، ومات ولم يمكث في الولاية غير شهرين وخمسة أيام، ودفن في داره بالقاهرة، وتولى أمر مصر من بعده ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي.