تميزت الكويت في تاريخها الحديث بدبلوماسيتها البيضاء، دبلوماسية قائمة على نهج عربي وإسلامي واضح، إفشاء السلام وتوحيد الصفوف والدفاع عن الحق ونصرة المظلوم والمساهمة في التنمية ومد يد العون للمحتاجين حول العالم، كسبت الكويت الكثير من احترام العالم وإعجابه وتقدير الدور الإنساني الذي تقوم به، وهذا ليس وليد اليوم، بل هو نتاج عمل دؤوب ومضن ومتواصل من عهد الشيخ عبدالله السالم عندما كان يدون على مكاتبات الدولة الرسمية شعار الكويت- بلاد العرب، واستمر هذا النهج القويم إلى يومنا هذا.

هذا الإرث الكبير لم يحصل بسهولة، فواجهت الكويت نكبات عسيرة، ومصائب ضخمة، سواء من بعض الأحزاب السياسية الحمقاء أو الجماعات الإرهابية والمتطرفة، أو من الغزو العراقي الغادر، أو من الدول التي خانت الكويت يوم احتلالها، ومع هذا استمرت الكويت في سبيلها لم تحد عنه في العطاء ونشر السلام.

Ad

للأسف فإن ما تحققه الدبلوماسية الكويتية البيضاء في العالم تفسده بعض المسلسلات المحلية السوداء، التي لا تمتّ للمجتمع الكويتي بصلة، وتظهر الكويتيين بصورة بشعة، وتبرز الأسرة الكويتية بشكل غير مقبول بالاعتماد على القصص الشاذة والأحوال الغريبة التي لا يصح أن تقاس عليها أوضاع المجتمعات، فمن خلال بعض هذه المسلسلات الوضيعة فإن الأسرة الكويتية واقعة في خيانة الأب وغياب الأم وعقوق الأبناء وهروب الفتيات وصراع العوائل الفاحشة الثراء، وهي قصص تحدث في كل المجتمعات، لكنها لا تشكل ظاهرة يختزل فيها المجتمع الكويتي.

ليست وقاحة المسلسلات المحلية في تشويه صورة المجتمع الكويتي فحسب، بل تمادت فأصبحت تسيء إلى العلاقة مع الشعوب العربية من خلال الاستهزاء بموروثاتهم وعاداتهم وسلوكياتهم وعرضها بصورة مهينة بعيدة كل البعد عن الفكاهة البريئة والكوميديا المقبولة.

هذا النهج الفني المنحدر الذي تستضيفه أحياناً القنوات الرسمية في السنوات الأخيرة يكشف الضحالة الأدبية والفقر الثقافي للقائمين على مثل هذه الأعمال، وهو أمر فضحته خلافاتهم المستمرة في وسائل الإعلام وصراعاتهم العلنية في وسائل التواصل الاجتماعي، لتؤكد لنا أن ما يمثلونه في مسلسلاتهم وبرامجهم هو واقعهم الخاص ومجتمعهم الخفي، لا واقع ومجتمع الشعب الكويتي.

لا ندّعي المثالية في المجتمع، ولكن أيضاً لا نقبل بتشويه صورته بالقصص الشاذة، ولا الترويج للمنكرات الأخلاقية بين أبنائه، كما نرفض ككويتيين الإساءة للشعوب العربية واحتقار الآخرين بدعوى الضحك، فكفوا عنا وعن الناس أذاكم وسخافتكم و«وساختكم».