وصلت القوات اليمنية المدعومة من السعودية والإمارات إلى مشارف مدينة الحديدة في غرب اليمن، حسبما أعلن التحالف العسكري بقيادة المملكة، بينما دعا المتمردون الذين يسيطرون على المدينة الاستراتيجية إلى «النفير العام» لوقف هذا التقدم.

وتضم الحديدة المطلّة على البحر الأحمر مطاراً وميناءً رئيسياً تمر عبره غالبية المساعدات والمواد الغذائية الموجهة إلى ملايين السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين، وبينها العاصمة صنعاء على بعد نحو 230 كلم شرقاً.

Ad

لكن التحالف العسكري يقول أن الميناء يشكل منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر، ومعبراً لتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية المجاورة من الأراضي اليمنية بشكل مكثّف منذ نهاية العام الماضي.

وقال المتحدث باسم التحالف العقيد الركن طيار تركي المالكي في مؤتمر صحافي في الرياض مساء الاثنين «لم يتبق إلى الحديدة إلا ما يقرب من 20 كلم ولا تزال العلميات مستمرة».

وأضاف «نريد قطع الشريان الذي يستفيد منه الحوثيون».

نفير

ويدور النزاع المسلح في اليمن منذ سنوات بين قوات موالية لحكومة معترف بها دولياً والمتمردين الذين يسيطرون على صنعاء والحديدة ومناطق أخرى، وتدخلت السعودية على رأس التحالف العسكري في مارس 2015 دعماً للسلطة المعترف بها.

وبينما تحدث المالكي عن «انهيار وهروب» في صفوف المتمردين، دعا هؤلاء إلى «النفير العام» في جبهة الساحل الغربي، وإلى ارسال تعزيزات لوقف تقدم القوات الموالية للحكومة.

ونقلت الثلاثاء وكالة «سبأ» المتحدثة باسم المتمردين عن «أمين العاصمة» حمود محمد عُباد دعوته خلال تجمع في صنعاء إلى «بذل المزيد من الجهود للحشد والتعبئة خلال المرحلة الراهنة لدعم وإسناد كافة الجبهات بالرجال والعتاد وخاصة جبهة الساحل الغربي».

وشدد على «ضرورة استشعار الجميع للمسؤولية الدينية والوطنية في الدفاع عن الوطن»، داعياً مشايخ القبائل وسكان المناطق القريبة من الحديدة إلى «النفير العام إلى جبهة الساحل الغربي».

وكان العُباد يتحدث في تجمع نظم في ذكرى مرور أربعين يوماً على مقتل صالح الصماد، أعلى مسؤول سياسي لدى المتمردين، في غارة في أبريل في محافظة الحديدة.

وقالت «سبأ» أن كلمات المشاركين في التجمع أكدت «إعلان النفير العام ورفد جبهة الساحل الغربي بالرجال والعتاد لدحر الغزاة».

إفشال

وجاءت التصريحات بعد تأكيد زعيم المتمردين عبدالملك الحوثي مساء الأحد أن الحوثيين قادرون على افشال أي عملية عسكرية قد يشنّها التحالف على ميناء الحديدة الاستراتيجي.

وقال الحوثي في خطاب تلفزيوني بثّته قناة «المسيرة» ليل الأحد الإثنين إن «شعبنا اليمني اليوم سيقف بكل صمود وثبات لدعم هذه المعركة والتصدي للعدوان في الساحل الغربي اليمني».

وأضاف أن «المعتدي يستطيع أن يفتح له معركة هناك (في الحديدة) لكنه يستحيل عليه أن يتمكن من حسم هذه المعركة»، معتبراً أنه «إذا نجح بفعل الغطاء الجوي وبفعل قوته العسكرية من خلال المدرعات أن يحدث اختراقاً إلى منطقة هنا أو إلى منطقة هناك، يمكن أن يطوّق هذا الاختراق وأن يواجه».

ويتهم التحالف ايران بدعم المتمردين الشيعة بالسلاح، لكن طهران تنفي هذا الاتهام.

وكانت الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف العسكري، جمعت في بداية 2018 ثلاث قوى غير متجانسة ضمن قوة واحدة تحت مسمى «المقاومة اليمنية» من أجل شن العملية في الساحل الغربي باتجاه مدينة الحديدة.

وتضم هذه القوة «ألوية العمالقة» وهي وحدة من النخبة في الجيش اليمني أعادت الإمارات تأهيلها وكانت في مقدم الهجوم، يدعمها آلاف المقاتلين من اليمن الجنوبي.

القوة الثانية الرئيسية هي «المقاومة الوطنية» وتتألف من موالين للرئيس الراحل علي عبدالله صالح الذي قتل على يد حلفائه الحوثيين في ديسمبر الماضي، ويقود هذه القوة طارق صالح ابن أخ الرئيس الراحل.

أما القوة الثالثة فهي «مقاومة تهامة» وتحمل اسم المنطقة الساحلية للبحر الأحمر وتتألف من مقاتلين محليين من المنطقة يوالون الرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي المقيم في الرياض.

تحذيرات

وتحذّر الأمم المتحدة من أن أي عملية تهدف للسيطرة على الحديدة قد تعطّل دخول شحنات المساعدات التي يعبر 70 بالمئة منها من خلال هذا المرفأ.

وفي نوفمير 2017 أعلن التحالف فرض حصار كامل على الحديدة رداً على اطلاق المتمردين صاروخاً بالستياً استهدف الرياض.

لكن التحالف، ومع تخفيف الحصار نتيجة ضغوط دولية، وضع نصب عينيه السيطرة على هذه المنطقة، خاصة مع تزايد الهجمات الصاروخية للمتمردين.

وقال السفير الأميركي السابق إلى اليمن والمدير في معهد الشرق الأوسط جيرالد فيرستاين في تغريدة «السؤال الرئيسي ليس إن كان باستطاعة التحالف الاستيلاء على الحديدة، أنه ما الذي ينوون فعله بعد ذلك».

وتابع «هل باستطاعتهم استخدام السيطرة على المرفأ لضمان دخول المساعدات الإنسانية بدون عرقلة؟».

واتسمت المعارك في غرب اليمن بالشراسة، لكن الألغام التي زرعها المتمردون وفق مصادر عسكرية يمنية أبطأت العمليات القتالية.

وقال بيتر سالزبوري من مركز «تشاتام هاوس» للدراسات على تويتر «مع معركة الحديدة تدخل الأزمة مرحلة جديدة لكن من غير المرجح أن تكون نهاية اللعبة».

وأضاف «السؤال هو كم ستستغرق المعركة من أجل الحديدة، وكم من الأضرار سيلحق بأهم ميناء في البلاد؟، إذا استمر القتال لأسابيع وأشهر بشكل مدمر للغاية، ستكون هذه أنباء سيئة لليمنيين العاديين؟».

ومنذ التدخل السعودي على رأس التحالف العسكري، قُتل نحو عشرة آلاف يمني وأصيب أكثر من 50 ألفاً بجروح، في حين تقول الأمم المتحدة إن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية حالياً في العالم.