القائمون على الأعمال الخيرية في البلاد متطوعون كويتيون نحسبهم من أهل الخير والإحسان، رفعوا اسم الكويت عاليا في المحافل العالمية، وطالما وجدوا في الكوارث الإنسانية المختلفة ليغيثوا المنكوبين ويرعوا المحتاجين ويقدموا المعونات التي تبرع بها أهل الكويت سنوات مديدة، كما أن نشاطهم المحلي بارز ودورهم الدعوي لا ينكر، واستحقوا ثقة الناس بهم، فلم تنقطع عنهم التبرعات حتى مع حملات التشويه والتضييق التي يتعرضون لها.

الحفاظ على ثقة الناس والمتبرعين في الجمعيات الخيرية يحتاج إلى عمل دؤوب وتطوير مستمر لآلية العمل الخيري، وفرض المزيد من إجراءات النزاهة والشفافية والتقييم المستمر لكل العمليات المالية والإدارية التي تمارسها، وغربلة كل إجراءات التبرع واستلام الأموال وتحويلها إلى الداخل أو الخارج، ودقة إنجاز المشاريع المتبرع بها، والتواصل السليم واللائق مع المتبرعين، وإخطارهم بما يتم بأموالهم وصدقاتهم ومشاريعهم، وحسن اختيار العاملين معهم.

Ad

ومن أهم الواجبات الشرعية المطلوبة من هذه الجمعيات توضيح مصارف التبرعات تفصيلياً للمجتمع، وإبراز ذلك في الحملات الإعلانية بدقة ليكون الناس على بينة من وصول تبرعاتهم وزكواتهم حسب ما قدمت له دون خصم أي مبالغ منها تحت أي مبرر كان.

إني أطالب الجمعيات الخيرية بالتعاون مع وزارتي الشؤون والأوقاف لوضع نظام محدد ومفصل للتصرف في أموال المتبرعين، موضحاً فيه أي استقطاعات إدارية أو غيرها لتكون وفق مسطرة واحدة بين كل الجمعيات، كما أعيد وأكرر مطالبتي بضم كل رؤساء اللجان الخيرية سواء الفرعية أو الأساسية ليشملهم قانون الذمة المالية تحت مظلة هيئة "نزاهة"، فيكونون قدوة للمجتمع ونبراساً للعاملين في هذا المجال، ولا غرابة في هذا الطلب، إذ كان أول من قيل له "من أين لك هذا؟" جابي الزكاة في عهد النبوة، ومن الأهمية إعادة التذكير بالأولوية في العطاء للمحتاجين والمعوزين داخل الكويت من الأسر المتعففة وأصحاب الحالات المتعسرة.

لقد ارتبط العمل الخيري بأهل الكويت ارتباطاً وثيقاً من التاريخ القديم، المساجد الأولى منذ أكثر من ٣٠٠ عام، والوقفيات المحفوظة حتى اليوم، ورعاية الأيتام، وإفطار الصائم، ومياه السبيل، والدواوين المفتوحة للضيوف، وزوار البلد والمساكين والغرباء كلها تشهد لأهل الكويت رجالا ونساء مبادرتهم للعطاء والبذل رغم الظروف الصعبة وضنك العيش الذي مرت به البلاد، وهذا من أعظم ما توارثه الكويتيون من الآباء والأجداد، فلنحافظ عليه فإنه خير ما يحفظ به الله تعالى بلادنا وشعبنا من تقلبات الأيام والعصور.

والله الموفق.