● هناك ظواهر تستدعي التوقف أمامها والتساؤل عن سبب ظهورها مثل التساهل والتعصب والتطرف والإلحاد... نود الحديث عن ذلك؟

Ad

- تلك ظواهر متناقضة مع بعضها، وكلها تخالف القانون الرباني "لا إفراط ولا تفريط"، وكلها نتيجة للفهم الخاطئ لتعاليم الدين، ما يؤدي بالإنسان إلى أن ينحو منحى خارج سياق المجتمع، والواقع، والشرع المستقيم الصحيح.

● ما سبب وجود هذه الظواهر؟

- النشأة، والمؤسسات التربوية والدينية، فنحن مقصرون جداً في تفسير الظاهرة الدينية تفسيراً صحيحاً.

● كيف نعالج هذه الظواهر؟

- سؤالك يذكرني بمقال كتبته في الماضي بعنوان (العالمية الإسلامية مقابل العولمة الغربية)، ملخصه أن العولمة الغربية تبث معالمها وأسسها في العالم كله، وعلى العالمية الإسلامية أن تبث هي الأخرى أسسها الصحيحة والدقيقة في العالم كله، عن طريق إنشاء المؤسسات التربوية للطفل أو نشرها في المساجد ووسائل الإعلام، وعلينا أن نكون موضوعيين في تفسير المبادئ الدينية.

● ما تأثير العولمة على الدين خصوصا الإسلام؟

- لها تأثير خطير، فهي من أفسدت العلاقة بين الدين والمتدين، مثلما يحدث الآن من تقمص كامل لشخصية الآخر الغربي، وهذا ما فسره ابن خلدون بقوله "إن المغلوب دائماً مهووس باتباع الغالب".

● كيف نواجه تأثير العولمة؟

- هذه مهمة العلماء والمفكرين، حيث بث الوعي الديني.

● ماذا إذا لم نتصد لمظاهر العولمة، وما بعد العولمة؟

- سيضمحل الدين، وأنا على يقين أن الله تعالى سيهيئ من ينهض بالفكر الديني، ويجدد إيمان الناس، فنحن بحاجة إلى تبعية دينية صحيحة، تبدأ من الصفر. نحن بحاجة إلى إعادة صياغة الإنسان دينياً، وتأسيسه على فكر ديني صحيح، حتى يعود إلى الالتزام بقواعد ومبادئ الدين الحنيف.

● ما أهمية الدين في حياتنا؟

- له أهمية بالغة، سواء على المستوى الأخلاقي أو الحضاري، فالدين يُحوِّل الإنسان، أو ينتقل به من مصاف الحيوانية إلى مصاف الإنسانية.

● برأيك، هل نعيش أزمة دين أم أزمة تدين؟

- نعيش أزمة دين وتدين، ودائماً ما أردد مقولة الإمام محمد عبده، حينما سافر إلى فرنسا: "وجدت إسلاماً بلا مسلمين، وفي بلادنا تجد مسلمين بلا إسلام".

● ما أسباب هذه الأزمة؟

- لأن القاعدة الدينية في مجتمعاتنا، لم تبن على أسس متينة صحيحة، حيث تراجع دور الأسرة والمدرسة، وهناك مؤسسات كثيرة أخفقت في أداء دورها في تبليغ الرسالة.

● ماذا عن المؤسسات الدينية؟

- كل يسعى ويعمل جاهداً، لكن تبقى النتائج دائما سلبية، وذلك لضعف المؤسسات الدينية والعلماء، والأسرة والمدرسة، في التوجيه الديني الصحيح، حيث تبدأ النشأة والتربية الدينية الصحيحة من الأسرة ثم المدرسة، فجميع المؤسسات تربوية ودينية واجتماعية وثقافية يعود إليها السبب في تأصيل هذه الأزمة.

● ماذا عن دور الإعلام؟

- مثل المؤسسات الأخرى، فوسائل الإعلام، حينما تعرض المفاهيم، والقضايا الدينية، تعرضها بشكل غير كاف، وبصورة غير مكتملة.

● هل هذا يؤدي إلى انحراف سلوك أم انحراف فكر؟

- هذا ما أدى إلى فهم الدين بنظرة مغايرة تماماً، فضلا عن التأثير الغربي على الإسلام، وظهور مصطلح الإسلاموفوفيا، الذي يصور الدين الإسلامي على أنه وحش، وأنه مصدر الإرهاب، وحقيقة الأمر غير ذلك، فالدين الإسلامي دين محبة وسلام، لا دين إرهاب.

● هل الخطاب الديني الحالي يحتاج إلى تجديد وتطوير؟

- بالفعل، هو في حاجة ماسة لذلك، فالكل يحتاج إلى الدين، والتجديد حتى يفهمه فهماً صحيحاً.

● أي الخطابات الدينية تستطيع الوصول إلى عقول الشباب وتهذيب الأخلاق والسلوك؟

- خطاب واحد فقط يستطيع فعل ذلك، هو النهج المستقيم "لا افراط ولا تفريط".

● ماذا عن دور المتخصصين في الفلسفة الإسلامية؟

- غالبا ما ينظر إلى الفلسفة على أنها تؤدي إلى الزندقة والإلحاد، أكثر من الإيمان، لكن هذا الكلام يمثل نظرة سطحية للفكرة الفلسفية، التي تؤدي إلى الإيمان الحقيقي، المبني على يقين تام بالله سبحانه وتعالى، فالفكر الفلسفي، إذا نظرنا إليه بنظرة عميقة، يؤدي إلى الإيمان، ولا يؤدي إلى الكفر.

● هل مطلوب تلاحم أو تعاون بين الفلاسفة والمؤسسات الدينية؟

- هذه أشكال فلسفي، قائم بذاته، منذ زمن الفارابي وابن رشد، وإلى يومنا هذا، فالإشكالية أن هناك رفضا للفلسفة، وسعى الفلاسفة لحل هذا الإشكال مثل ابن رشد في كتابه "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال"، وهذا الإشكال لايزال قائما إلى يومنا هذا، هناك من يقول بضرورة هذا التلاحم، والتوافق بين النقل والعقل، وهناك من يفصل بينهما تماماً، لكن تجد من يرفض الفكر الفلسفي يقوم بالتفلسف دون أن يشعر.