* كيف كنتم تتابعون الأفلام السينمائية؟

Ad

- كما هو معروف أن الأفلام السينمائية كانت تعرض في المنازل، عند بعض الموسرين، في أواخر ثلاثينيات القرن الفائت، وكانوا يمتلكون آلات عرض سينمائية خاصة بهم، وقبل العرض يتركون أبواب منازلهم مفتوحة لاستقبال من يرغب من الجيران في مشاهدة الفيلم. وأغلب الأعمال التي كانت تعرض مصرية، ويغلب عليها الطابع العاطفي، وكان من أوائل العاملين في جلب أجهزة العرض السينمائي والأفلام خالد الشريعان، وعبدالله الشريدة.

* هل تذكر الأفلام التي شاهدتها في تلك الفترة؟

- من بين الأفلام التي شاهدتها، الفيلم المصري "أمير الانتقام"، إنتاج عام 1950، للنجم أنور وجدي، سيناريو وحوار يوسف عيسى، ويوسف جوهر، وهنري بركات، عن قصة "كونت دي مونت كريستو" للكاتب الفرنسي ألكسندر دوماس، ومن إخراج هنري بركات، وبطولة: أنور وجدي، ومديحة يسري، وفريد شوقي، وحسين رياض، وسراج منير، وكمال الشناوي، وسامية جمال، وعلي الكسار.

* ما مدى تأثرك بهذا العمل؟

- هذا العمل، أثار الكثير من التساؤلات لدي، خصوصا انني كنت تلميذاً حينذاك، فذهبت إلى مكتبة المدرسة باحثاً عن هذه القصة، فاستعرتها لأبدأ مرحلة جديدة في قراءة أول كتاب، من خلال هذه الرواية، التي استمتعت بقراءتها، وبأحداثها، وشخصياتها، فهي رواية عالمية ترجمت إلى عدة لغات، وبيعت منها ملايين النسخ، وعُدَّت من الكتب الخمسين الأكثر مبيعاً في العالم، كما ظهرت على المسرح، وفي الأفلام، وحتى الرسوم المتحركة.

والكثير من النقاد يعزون قوة الرواية إلى كونها، لربما أُخذت جزئياً من قصة حقيقية، تحاكي الواقع، رغم أن أحداثها قُدمت في بداية حكم الملك لويس الثامن عشر لفرنسا، وإزاحة نابليون عن الحُكم عام 1815، كما أنها تصلح لكل زمان، وتقدِّم صورة عن الانتقام المشروع.

مأساة البحَّار دانتيس

* ماذا تعرض هذه الرواية؟

- هذه الرواية الجميلة تعرض مأساة أدمون دانتيس، البحَّار الذي خانه أصدقاؤه، ولفَّقوا له تهمة خيانة الدولة، وكيف سيق إلى السجن في منتصف حفل زفافه، وبقي هناك سنوات طويلة، بدَّلت شكله وفكره، حتى خرج واكتشف أن خطيبته تزوَّجت من عدوه، وأن المتآمرين عليه باتوا من نبلاء الطبقات الرفيعة، فينتقم منهم واحداً تلو الآخر، كرواية من النمط التقليدي تتصاعد فيها الأحداث إلى ذروتها، ثم تنفرج بقوة، بلغة حيوية تناسب فئات المجتمع المختلفة.

وبالطبع، إن هذه الرواية حفزتني في تلك الفترة على تنوُّع قراءاتي، وزاد حرصي على الذهاب إلى المكتبة، للاطلاع على المزيد من الروايات العربية والعالمية.

«الكشاف الوطني»

* وماذا عن متابعة "أبوالفنون"؟

- لم تتوقف متابعتي للفن عند الإذاعة والسينما فقط، بل حرصت على متابعة "أبوالفنون" المسرح، من خلال فرقة الكشاف الوطني، وهي جرَّاء تحمُّس الرائد المسرحي الراحل محمد النشمي واستهوائه لفكرة تكوين مسرح ترفيهي، يقلد فيه مسرح نجيب الريحاني في مصر، فأنشأ هذه الفرقة أواخر عام 1954، بمساعدة بعض المخلصين له وللحركة المسرحية، وهي أول فرقة مسرحية وأول تجمُّع مسرحي منظم جمع شتات المسرحيين وهواة التمثيل، وتطوَّرت فيما بعد إلى فرقة المسرح الشعبي.

«مدير فاشل»

* ما المسرحيات التي تابعتها للفرقة؟

- شاهدت باكورة أعمال الفرقة أوائل عام 1955، وهي مسرحية "مدير فاشل"، ذات النزعة الانتقادية المباشرة، تأليف وإخراج محمد النشمي، ومعه في التمثيل عقاب الخطيب وعبدالرزاق النفيسي، وتتكوَّن من فصلين فقط، عُرضت على مسرح مدرسة صلاح الدين، وكانت تعالج شخصية معروفة لدى المواطنين بأنها ضعيفة ومهزوزة، استغلتها طبقة معينة من الموظفين للترقيات والعلاوات، ولاقت المسرحية تشجيعاً وإقبالاً كبيرين من الجمهور، وكان لها الأثر الكبير علي، وحينئذ كنت تلميذاً في المدرسة، فهذه التجربة المسرحية ظلت عالقة في ذهني، حينما رأيت ممثلين حقيقيين يؤدون أدوارهم على خشبة المسرح، واستدعيت ذاكرتي لتقديم الأسلوب نفسه فيما بعد عند ممارستي للتمثيل أثناء نشاط المسرح المدرسي.

فتلك المحطات في حياتي، من مشاهدة العمل المسرحي "مدير فاشل"، الذي قدَّمه محمد النشمي، إضافة إلى مجموعة من الأفلام العربية التي كانت باللونين الأبيض والأسود، وإلى جانب مطالعة الكتب والروايات، ومتابعة البرامج والمسلسلات الإذاعية، أدَّت إلى تطور علاقتي بالفنون.

«الشعبي» يرفض انضمامه

* ما حكاية رفض المسرح الشعبي لانضمامك إليها؟

- بودي أن أشير هنا إلى أن علاقتي بصديق الطفولة خليفة عمر خليفوه، لم تنقطع، والأخير يُجيد تقليد الفنان المصري الكوميدي إسماعيل ياسين ومحرم فؤاد، أما أنا فكنت أجيد تقليد فريد شوقي ومحمود المليجي.

وقد رحبت باقتراح خليفوه، بفكرة الانضمام إلى فرقة المسرح الشعبي، وكان مقرها في ذلك الوقت بالشامية، خصوصا أنني عايشت تجربة المسرح المدرسي، وفي تلك الأثناء كنت طالباً في المدرسة، أما صديقي خليفوه، فكان يعمل موظفاً في وزارة المالية. وذهبنا معاً إلى مقر الفرقة عام 1963، لتقديم طلب العضوية، فتمَّت الموافقة على خليفوه، لأنه موظف، ورُفض طلبي، لأنني مازلت طالباً، وهذا مخالف للوائح، لكن ذلك لم يمنعني من الحضور إلى المسرح.

الضويحي علمه تفاصيل المسرح في «سكانه مرته»

في أول عرض لفرقة المسرح الشعبي، بعد إشهارها كجمعية نفع عام، «سكانه مرته»، عمل فيها جاسم النبهان، لكن ليس في مجال التمثيل، إذ تمنى من المخرج الراحل عبدالرحمن الضويحي أن يفسح المجال أمامه للتعرُّف إلى المسرح بتفاصيله: السوفيتا، الإضاءة، حركة الحبال، الكواليس، الاكسسوارات، التي قام بترتيبها النبهان، وأنجز فهرساً كاملاً لها. هذه المسرحية فكرة حسين الصالح، تأليف وإخراج عبدالرحمن الضويحي، عُرضت في 30 يناير 1964، على مسرح كيفان، واستمر عرضها 29 ليلة، تمثيل: عبدالعزيز المسعود، أحمد الصالح، إبراهيم الصلال، مريم الغضبان، طيبة الفرج (أول عمل لها)، مريم الصالح، عبدالعزيز النمش، فيحان العربيد، جاسم الموّاش، خالد الصقعبي، حسين غلوم. وشاركت فرقة عودة المهنا للفنون الشعبية بهذه المسرحية، التي تعتبر المسرح الشعبي أول من أشرك الفرق الشعبية في المسرح.

وتناولت المسرحية التسلط من قِبل الزوجة، وفرض رأيها على الزوج الضعيف، والتحوُّل الحضاري والاقتصادي الذي طرأ على المجتمع الكويتي بعد ظهور النفط، وما طرأ على الأسرة من تغيُّرات في العادات والتقاليد، حيث تنهار الأسرة من سلوك الأم الخاطئ، وانقيادها وراء الشعوذة.

* وكيف تم قبولك عضواً في "الشعبي"؟

- بعد نيلي الثانوية العامة التحقت بمعهد المعلمين، وفي الفترة نفسها قرر معيل الأسرة؛ أخي علي الخشتي، السفر إلى الخارج، لمواصلة دراسته، ما أدَّى إلى تركي للدراسة مؤقتاً، لمواصلة ما بدأه أخي في تحمُّل مسؤولية البيت، والوقوف إلى جانب والدتي، رحمها الله، فتوظفت في أمانة الصندوق بوزارة الأوقاف، ومن ثم تم قبولي في فرقة المسرح الشعبي.

طيبة الفرج

* كيف التقيت بزوجتك الراحلة الفنانة الرائدة طيبة الفرج؟

- بعد انتسابي للمسرح الشعبي صرت ألتقي الفنانة الرائدة طيبة الفرج -انتسبت إلى المسرح الشعبي عام 1963- حيث ترددت على زيارة مقر المسرح، لكن محمد النشمي اكتشف الموضوع بعد زياراتي العديدة، طالباً مني عدم المجيء إلى المسرح، فلا توجد زيارات للبنات، فاعترفت له بأنني أتردد على المسرح لرؤية طيبة ونيتي سليمة، فردَّ النشمي علي بأنه يعرف والدها، وعليّ أن أذهب إليه، وعلى الفور طلبت من النشمي أن يرافقني لطلب طيبة من أبيها، وطلب الأخير مهلة لأيام بسيطة، بعدها أبلغت والدتي التي رحبت بالأمر، وعُقد القران عام 1964.

* متى انفصل النشمي عن "الشعبي"؟

- حدثت مشكلة في فرقة المسرح الشعبي عام 1963 بين الجيل الأول، أو ما يُسمى الرعيل الأول للفرقة، والجيل الثاني، فانفصلت تلك المجموعة من الرعيل الأول؛ محمد النشمي ورفاقه، وبدورهم قاموا بتأسيس فرقة المسرح الكويتي عام 1964، وكان الجيل الجديد في المسرح الشعبي يضم: عبدالرحمن الضويحي وخالد النفيسي –قبل أن ينضم إلى فرقة المسرح العربي– وعبدالله خريبط، وعبدالعزيز المسعود، وخالد الصقعبي، وإبراهيم الصلال، وأحمد الصالح، إضافة إلى خليفة عمر خليفوه وأنا وعدد آخر.

«الجنون فنون» شهدت صعوده الخشبة كممثل لأول مرة

شارك النبهان ممثلاً لأول مرة على خشبة المسرح، من خلال مسرحية «الجنون فنون»، لفرقة المسرح الشعبي، تأليف عبدالرحمن الضويحي، إخراج خالد الصقعبي، وعُرضت في 10 يناير 1965 على مسرح كيفان، تمثيل: عبدالرحمن الضويحي، مريم الغضبان، أحمد الصالح، عبدالله خريبط، إبراهيم الصلال، عبدالعزيز النمش، عبدالعزيز المسعود، شيخة العطار، ومريم الصالح.

وتظهر المسرحية صورة عن فترة ستينيات القرن الماضي، وبداية الطفرة، وقد صوَّرها الضويحي بأمانة، وتميَّزت بسهولة الأسلوب، متناولاً الشخصيات السلبية التي تسعى إلى نوع من الثراء عن طريق التحايل. وثاني أعمال النبهان مع المسرح الشعبي، كانت مسرحية «يمهل ولا يهمل»، تأليف صالح موسى، إخراج عبدالرحمن الضويحي، وعُرضت في 20 يناير 1966، واستمرت حتى 8 فبراير من العام نفسه، تمثيل: مريم الغضبان، أحمد الصالح، إبراهيم الصلال، عبدالعزيز النمش، عبدالعزيز المسعود، مكي القلاف، جاسم اللهو، حسين غلوم، وشيخة العطار.

وتتناول المسرحية الصراع بين الخير والشر، وانتصار الخير في النهاية، من خلال الجشع وحب المال على حساب الضعفاء، حتى لو كانوا من الأقرباء.