السالمية القديمة... من منا لا يملك ذكريات جميلة هناك؟ في شارع سالم المبارك بالتحديد، كانت العائلة تذهب إلى التسوق وقضاء الأوقات الممتعة، ثم تناول "الآيس كريم" والعصير من كشك صغير قابع تحت أحد السلالم هناك وما زال، كم كنا بسطاء! يسعدنا القليل دون الحاجة إلى المبالغة والبهرجة.

بالإضافة إلى تلك القيمة الوجدانية والذكريات الحميمة، فإن شارع سالم المبارك موقع ذو أهمية تاريخية وثقافية كبرى، حيث يعتبر من التراث الحديث، ومن أول مناطق التسوق في الكويت، وقد سكنت العديد من العوائل والقبائل الكويتية تلك المنطقة.

Ad

وقبل عقد تقريباً افتُتِحت "سينماجيك"؛ تلك السينما المفتوحة في الهواء الطلق، وقد خلقت لنا أجواءً ساحرة هناك، حيث تعرض الكثير من الأفلام التي أخرجها مبدعون كويتيون بالإضافة إلى العديد من الأفلام العالمية ذات الصبغة الثقافية والفنية المستقلة، فكانت بذلك إضافة رائعة وغنية لهذا المكان.

أما بعد! فقد تناقلت الصحف ومختلف وسائل الإعلام أخباراً عن مشروع باسم "برايح سالم"، حيث يهدف إلى إحياء شارع سالم المبارك، وذلك عن طريق جعله منطقة خاصة للمشاة فقط ووضع مساحات "لأكشاك" المشاريع الشبابية التجارية. خطوة إيجابية نقدرها كثيراً، لكن هنالك بعض التوصيات التي أتمنى أن تؤخذ بعين الاعتبار، وبصدرٍ رحب:

أولاً، لا بد من تقدير القيمة التاريخية والوجدانية للمكان والتصميم بحساسية، حيث يحافظ المكان على ملامحه المعمارية الجميلة مع بعض الإضافات الحديثة دون طمس هويته واقتحامه بالكتل الإسمنتية والحديدية الضخمة، وتقدير ذكريات الأجيال التي ارتادت هذا الشارع على مدى عقودٍ طويلة. أحببت كثيراً فكرة جعله منطقة خالية من السيارات، ونتمنى المزيد من المشاريع التي تشجع حركة المشاة.

ثانياً، لا أخفي انزعاجي من التركيز على الجانب التجاري للمشروع دون التطرق إلى الجوانب الثقافية. لسنا بحاجة إلى المزيد من "الكافيهات" النخبوية، ولا بحاجة إلى المزيد من الملابس والكماليات باهظة الثمن، ما نحتاجه فعلاً هو مساحات للمعارض المفتوحة، والمسارح، والمكتبات، والورش المتعددة، هكذا تتطور الشعوب؛ لذا أتمنى أن تضاف الصبغة الثقافية إلى المشروع، حيث إنها في غاية الأهمية.

أقدر كثيراً الإبقاء على الأشجار الموجودة في المكان، وإضافة المزيد منها، لكن لابد أيضاً من تطبيق أُسس العمارة الخضراء المستدامة والتي تلطف الجو وتخفض كثيراً من درجة الحرارة، خصوصاً إذا كان الهدف هو جعل المكان نشطاً على مدار العام. يتم ذلك عن طريق حسن اختيار المواد المستخدمة، وإضافة النوافير، وتظليل المكان والبناء تحت مستوى الأرض، وقد تم تطبيق بعض هذه النقاط ونتمنى رؤية المزيد منها، والرجوع إلى المصادر الكبرى للعمارة المستدامة كـLEEDS. للتخضير أهمية عظيمة، ويمكن الرجوع إلى الصور القديمة للمكان في الستينيات لرؤية خير مثال على التخضير والعمارة الحديثة التي احتفظت بروحها التراثية.

"برايح سالم" مشروع شبابي قيد التنفيذ، نتمنى له كل النجاح والازدهار في ظل رؤية متمدنة وحضارية.