أعلن المجلس الوطني للانتخابات في فنزويلا فوز الرئيس نيكولاس مادورو بولاية ثانية في الاقتراع الذي جرى الأحد وطعن منافسوه بشرعيته مطالبين بإعادة تنظيمه في وقت لاحق من العام.

وفي ظل أزمة اقتصادية مدمرة، لم يشارك إلا 46 بالمئة من الناخبين في الاقتراع الذي قاطعته المعارضة ودانته معظم دول العالم لكنه منح مادورو ولاية ثانية إلى العام 2025.

Ad

وقال منافسه الرئيسي هنري فالكون للصحافيين حتى قبل إعلان النتيجة «لا نعترف بهذه العملية الانتخابية على أنها شرعية وصادقة، بالنسبة إلينا لم تجر انتخابات، يجب تنظيم انتخابات جديدة في فنزويلا».

لكن مادورو أشاد بفوزه بولاية جديدة مدتها ست سنوات حيث قال أمام الآلاف من أنصاره خارج قصر ميرافلوريس الرئاسي في كراكاس «لم يحصل مرشح رئاسي قط في السابق على 68 بالمئة من التصويت الشعبي» واصفاً النسبة بأنها «قياسية وتاريخية».

وقال «فزنا مجدداً! نحن قوة التاريخ تتحول إلى نصر دائم».

وأظهرت النتائج الرسمية حصول مادورو على 67,7% من الأصوات، متقدماً بفارق شاسع عن فالكون الذي حل في المرتبة الثانية بعدما حصل على 21,2% من الأصوات. وكان آخر استطلاع للرأي جرى قبل التصويت توقع نتائج متقاربة بين المرشحين.

وضم السباق كذلك المرشح الآخر في الانتخابات الرئاسية القس الانجيلي خافيير بيرتوتشي الذي حل ثالثاً مع حصوله على نحو 11 في المئة وقد انضم إلى الداعين لاجراء انتخابات جديدة.

وخلال عهد مادورو، الوريث السياسي للرئيس اليساري الراحل هوغو تشافيز والذي تسلم المنصب عام 2013، انهار اقتصاد البلد المنتج للنفط.

وأثار ارتفاع نسب التضخم والنقص في الغذاء والدواء إضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة وتعطل شبكات المياه والطاقة والمواصلات، اضطرابات عنيفة وتسبب بوصول نسبة غير الراضين عن مادورو إلى 75 بالمئة.

ودفع ذلك مئات آلاف الفنزوليين إلى مغادرة البلاد خلال الأعوام الأخيرة.

ووصل مادورو (55 عاماً) الذي كان سائق حافلة وزعيماً نقابياً إلى مركز اقتراع مع زوجته سيسيليا فلوريس مرتدياً قميصاً أحمر اللون كتب عليه «تشافي» نسبة إلى سلفه هوغو تشافيز، وأعلن «صوتكم سيقرر: إما أوراق الاقتراع أو الرصاص، إما بلدكم الأم أو الاستعمار، السلام أو العنف، والاستقلال أو التبعية».

وعكست التصريحات إصرار القائد الاشتراكي على أن فنزويلا هي ضحية «حرب اقتصادية» تشنها المعارضة المحافظة والقوى الخارجية الساعية للإطاحة به كالولايات المتحدة.

ولدى بدء الاقتراع، ندد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالانتخابات «المزيفة».

وأفاد مراسلو وكالة فرانس برس من عدة مدن أن طوابير صغيرة مكونة في معظمها من أنصار مادورو تشكلت عند بعض مراكز الاقتراع في حين كانت أخرى فارغة تقريباً.

واتهم فالكون، وهو ضابط سابق في الجيش يبلغ من العمر 56 عاماً وفشل في الحصول على دعم تحالف المعارضة الرئيسي، الحكومة بإجبار الناخبين على المشاركة.

وقال في مؤتمر صحافي عقد قبل الإعلان عن النتيجة الرسمية أن طعنه بشرعية الانتخابات سببه الأساسي إقامة الحزب الحاكم «نقاطاً حمراء» هي عبارة عن خيم حمراء اللون نصبت أمام مراكز الاقتراع لتسجيل أسماء المقترعين بهدف منحهم مكافآت مقابل الإدلاء بأصواتهم.

وأكد محافظ ولاية لارا كذلك أن مراكز الاقتراع بقيت مفتوحة حتى بعد انتهاء مدة التصويت وأن مراقبيه طردوا من بعضها.

وخرج مئات الفنزوليين إلى الشوارع في عدد من عواصم دول أميركا اللاتينية بينها بوغوتا وبوينوس ايرس وليما إلى جانب العاصمة الاسبانية مدريد للتنديد بعملية التصويت.

لكن التظاهرة الأكبر خرجت في سانتياغو عاصمة تشيلي حيث تظاهر أكثر من ألف شخص ضد الانتخابات.

ومنحت تشيلي 73 ألف تأشيرة دخول للفنزوليين الفارين من البلاد العام الماضي.

ورفضت الحكومة التشيلية النتيجة التي اعتبرت أنها «تفتقد للشرعية ولا تستوفي حتى الحد الأدنى من الشروط الضرورية لاعتبارها انتخابات ديموقراطية وشفافة بناء على المعايير الدولية».

وقالت ربة المنزل تيريزا باريديز (56 عاماً) «للمرة الأولى في حياتي لن أصوت لأننا نعيش كالكلاب دون دواء ولا طعام».

لكن رافايل مانزاناريس (53 عاماً) الذي يعيش على مساعدات الحكومة قال إنه يصدق ادعاء مادورو بأن «الوضع سيء بسبب الحرب الاقتصادية على البلاد».

وكان مادورو تعهد بالإشراف على «ثورة اقتصادية» في بلاده في حال أعيد انتخابه.

من جهته، تعهد فالكون بأن تستخدم البلاد الدولار في التعاملات المالية وبإعادة الشركات التي تم تأميمها في عهد تشافيز والسماح بالمساعدات الإنسانية من الخارج، وهو أمر يرفضه الرئيس الحالي.

وأشار فالكون إلى أنه يمكن اجراء انتخابات رئاسية جديدة في نوفمبر أو ديسمبر المقبلين، وهو الموعد الذي تنظم فيه عادة الانتخابات في فنزويلا.

لكنها جرت في وقت مبكر هذا العام بناءً على طلب الجمعية التأسيسية النافذة والداعمة للحكومة وهو ما شكل مفاجأة للمعارضة الضعيفة والمنقسمة فيما بينها.

وحظي تحالف المعارضة «منصة الوحدة الديموقراطية» بدعم كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى جانب 14 دولة من «مجموعة ليما» التي طالبت بتأجيل الانتخابات.

ومادورو متهم بتقويض الديموقراطية والاستيلاء على السلطة من المجلس التشريعي الذي تهيمن عليه المعارضة بعدما حلت الجمعية التأسيسية محله وشن حملة قاسية على المعارضة.

وأسفرت التظاهرات التي خرجت العام الماضي ضد حكومته عن مقتل نحو 125 شخصاً.

وتم تهميش أو اعتقال أبرز قادة «منصة الوحدة الديموقراطية» ما جعل من مقاطعة الانتخابات سلاحهم الوحيد المتبقي.

ورغم امتلاكها الاحتياطي النفطي الأكبر في العالم، تواجه البلاد خطر الانهيار التام حيث تحدث صندوق النقد الدولي عن تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 45 بالمئة في عهد مادورو.

ويفتقر قطاع صناعة النفط كذلك للاستثمارات فيما تواجه البلاد خطر التخلف عن سداد ديونها.