لم يعتد المشاهد أو المستمع في دولة الكويت أو الخليج غياب الفنان عبدالحسين عبدالرضا خلال الدورة الرمضانية، لأن الراحل كان شديد الحرص على الإطلالة الرمضانية، سواء تلفزيونياً أو إذاعياً، نظراً لارتباط أعماله بهذا الشهر الكريم منذ عقود، وإن كان شهد غيابه في فترات سابقة فلأسباب صحية أو عدم توافر عمل جيد يطل من خلاله على مريديه.

ومع حلول شهر رمضان نقترب من الذكرى الأولى لرحيل النجم الكبير بوعدنان، الذي فقده محبوه في شهر أغسطس من العام الماضي، و«الجريدة» تستذكر عملاق الكوميديا الخليجية عبر خمس حلقات تسلط الضوء فيها على مجموعة من الشخصيات، التي جسّدها عبدالحسين عبدالرضا خلال مشواره الممتد نحو 60 عاماً من الإبداع والتألق والنجومية.

Ad

وفي الحلقة الثانية نستعرض شخصية حسين بن عاقول الشاب الحالم والطموح، الذي اشتهر بالمشاكسة والغرابة فانتفض على فقره متكئاً على قوة الإرادة وحب المغامرة والفطنة، لكنه لم يدر بخلده أن الاندفاع بشكل مبالغ فيه سيضعه على جادة «درب الزلق» كما غاب عن ذهنه التحلي بالحذر أثناء المشي في حقل الألغام لئلا يخسر كل شيء... وفيما يلي التفاصيل:

في مشهد يجمع بين عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج يشرح فيه الأول لشقيقه الأكبر طرق الغش في التجارة، لكنه يوصيه بضرورة تحلي التاجر بالنزاهة والأمانة والصدق وينفق جزءاً من ماله على أعمال الخير، فيرد سعد: كل هذه الصفات تتوافر فيك يا شقيقي لذلك دائماً التوفيق حليفك، وعقب ذلك يسأل سعد:" فيقول: هل ... فيرد حسين: الآن هذا الصوت صوت تاجر لكن وجهك وجه فقر، هل التي ذكرتها يستخدمها التجار، فيشعر سعد بالسعادة ويكمل سؤاله: هل.. كيف يصير غش في التجارة ؟ فيبادره حسين: لأن السؤال بهذه الطريقة لا يجوز، ويوضح له أن وقته ثمين لكن هو مجبر على تعليم شقيقه طرق التجارة ويستمر المشهد بين أخذ ورد ببعض المفردات الكوميدية الجميلة.

وعقب ذلك تكتشف وزارة الصحة الحيلة وتلقي السلطات القبض على حسين وشريكه غلام ويحكم عليه بالجلد في ساحة الصفاة، وعقب ذلك يعود إلى البيت هو وشقيقه سعد فيشاهده بوصالح والخال قحطة ويتهكمان عليه فلا يتحمل الإهانات التي يسمعها ويستشيط غضباً ويوسعهما ضرباً، فيتم استدعاؤه للمثول أمام المحكمة، وفي هذه الأثناء يقرر أن يصبح محامياً لاسيما عقب مشاهدته المحامي حديب بن ديره وهو يساهم في إخلاء سبيله من التهم التي وجهها إليه خاله وبوصالح.

انهيار عصبي

وتمر الأحداث ويسافر حسين إلى البصرة، لمتابعة شؤون عمله الجديد، لكن حينما يعود إلى الكويت يجد المفاجأة بانتظاره، فزواج سعد من صالحة كان متوقعاً، لكن الذي لم يدر بخلده أن يتزوج بوصالح من أمه، فيصعقه هذا الخبر وينهار عصبياً وعلى إثر ذلك يرقد في مستشفى الأمراض النفسية، ويقترح الطبيب المعالج على سعد أن يصطحب شقيقه إلى مصر للنقاهة والاستجمام هناك، ويسافر ويتعرف على فؤاد بن سعيد باشا الذي يصطحبه حسين معه إلى الكويت لتنفيذ مشاريعهم، ويقترح فؤاد على حسين أن يؤسس مصنعاً للكبريت.

يحزم حسين بن عاقول وشقيقه سعد والخال قحطة وبوصالح حقائبهم، يريدون العودة إلى الكويت لكن الخال قحطة يعود مصطحباً معه زوجته نبوية شبشب، في حين اصطحب حسين فؤاد بن سعيد باشا ظناً منه أن هذا الرجل سيجلب له الأموال الطائلة والثروة الكبيرة، وفي الكويت يشمر حسين عن ذراعيه متحاملاً على جراحه السابقة وعدم رضاه عن زواج والدته من بوصالح، يريد بدء مشوار جديد في حياته عقب مجموعة مشاريع لم يحالفه الحظ فيها ولم يحقق النجاح، وتدور عجلة إنتاج مصنع الكبريت الوطني، لكن حسين ينتبه أن المصنع لم يكن المشروع المثالي، وأن فؤاد لم يكن الرجل المناسب، الذي يعتمد عليه بل على العكس هو أوقع حسين في ورطة فيقرر الأخير تصحيح الأوضاع فيستدعي فؤاد ويخبره بأن المشروع فاشل ويجب الخروج منه بأقل الخسائر لأن استمراره سيكون بمعنى إشهار إفلاسه فيقرر حسين حرق المصنع، لكن الحيلة لا تنطلي على شركة التأمين وتكتشف أن الحريق مدبر وبذلك ستكون الشركة في حل من تسديد قيمة التأمين، وهنا يدرك حسين أنه خسر كل شيء المال والأهل والسمعة ويعيش في حالة نفسية سيئة جداً.

المنكسر والمهزوم

في المشهد، الذي يستعد فيه سعد وحسين لمغادرة البيت ونقل العفش إلى بيت خاله، وعقب ورود مجموعة إنذارات من لجنة التثمين تفيد بضرورة إخلاء البيت، يظهر سعد حاملاً بعض الأغراض التي يود وضعها في السيارة التي تقف خارج البيت، فيقترب سعد من شقيقه حسين الجالس في وسط البيت المنكسر الوجدان المهزوم في لعبة التجارة التي لم يحسن الغوص في أعماقها وردهاتها، ويرفض حسين الاستجابة لكلام شقيقه الأكبر سعد وتنفيذ كلام الخال قحطة لأنه يشعر بحجم الإهانة الكبيرة التي سيتجرعها حينما يعود إلى صفوف العمال، لاسيما أنه فكّر بمديره السابق بوخالد حالماً أن يجد ضالته لديه في وظيفة تناسبه، لكن بوخالد صعق حسين عندما قال له إنه سيقبل به موظفاً في شركته لكن في وظيفته السابقة فرّاش، فيخرج حسين من بيت بوخالد مطأطئاً رأسه يجر أذيال الخيبة والإنكسار فهو لا يود العودة إلى حياته السابقة قبل التثمين.

ألسنة النيران

لم يجد حسين بن عاقول مناصاً من دفع جريرة ما اقترفته يداه وما قاده إليه تفكيره لاسيما خسارته لثروته وأهله وسمعته، فقرر الانتحار لأنه لا يود العودة إلى وظيفته القديمة فراّش في شركة بوخالد، كما يرفض أن يكون عالة على الآخرين والعيش في بيت خاله أو عند زوج والدته، بن عاقول الذي غادر عش الفقر المدقع وتذوق حلاوة الثراء لم يود العودة إلى الماضي، فكوابيس العوز وشظف العيش والحاجة اقتطعت من عمره الكثير فظن أن أموال التثمين ستجلب له السعادة والفرح وترسم أطياف البهجة في حياته، فأطلق العنان للأحلام ورفع سقف أمنياته لكن ألسنة النيران حوّلت مصنع الكبريت الوطني إلى رماد ولم يكن لهيبها مقتصراً على التهام محتويات المصنع بل فقد نالت من حسين وأوهنت عزيمته وأثخنت جراحه وأفقدته صوابه وأصبح منكفئاً على نفسه.

مشاهد مهمة

ومن المشاهد المهمة، مشهد بحث حسين بن عاقول عن وثيقة البيت للذهاب بها إلى لجنة التثمين، فيكتشف أن البيت مرهون لأحد الأشخاص، لكنه يمزق الوثيقة في إشارة إلى أن المال الحرام لا يدوم لأن قيمة التثمين، التي حصل عليها لم تكن من حقه وحق أسرته.

خلال المسلسل قدم فريق العمل أداءً متناغماً فكانوا كالجوقة الموسيقية كل نجم فيها يعزف موسيقى أدائه وفقاً لإمكاناته التمثيلية وخبرته لاسيما أن ثمة مخرجاً يتولى زمام إدارة الأمور بكل اقتدار وحرفية، فقد كان المخرج حمدي فريد يملك عيناً ثاقبة ورؤية إخراجية نادرة إضافة إلى أن حسه الفني الكبير في معرفة مدى تأثير الحوار على المتلقي، فهو يعرف أي جملة سيكون لها رنين الذهب في آذان الجمهور، كما أنه أجاد في تقطيع المشاهد وربطها بعضها ببعض، لاسيما أنه حافظ على سيكولوجية الشخصيات ولم يكن أي فعل يصدر منهم لا يتواءم مع تكوين الشخصيات.

ويتألف باقي فريق العمل من الفنان إبراهيم الحربي (المطوع حجي بودمغة)، والفنان خليل إسماعيل (بو فخري) رئيس لجنة التثمين، وماجد سلطان (بوهادي) موظف لجنة التثمين، الفنان علي القطان (المحامي حديب بن ديره) كما شهد العمل مشاركة المطرب صالح الحريبي، الفنان لطفي عبدالحميد (الطبيب المعالج لحسين بعد أن دخل مستشفى الأمراض النفسية)، الفنان حسن عبدالرسول (الشرطي)، الفنانة استقلال أحمد (أماني بنت المدير بوخالد)، الفنانة لمياء خطاب (نبوية شبشب)، الفنان عبدالله خريبط (المدير بوخالد) الفنان فؤاد راتب (فؤاد ابن سعيد باشا).

تسمية مسرح السالمية باسمه تقديراً لعطاءاته الفنية

تقديراً لمكانته الفنية الكبيرة قرر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب إطلاق اسم الفنان عبدالحسين عبدالرضا على مسرح السالمية.

وأكد الأمين العام للمجلس المهندس علي اليوحة حينها، أن تسمية مسرح السالمية باسم عبدالحسين عبدالرضا تأتي تكريماً لكل العاملين في الحركة الفنية والمسرحية بالكويت، وتعبيراً عن احتضان الدولة لأبنائها ورعايتهم. مشيداً بدور الراحل الكبير في الحركة المسرحية الكويتية والخليجية والعربية.

وقال اليوحة، إن الفنان عبدالحسين عبدالرضا قامة فنية عالية، وله دور كبير في مسيرة المسرح، وجسد شخصيات فنية بارزة أسعدت الملايين من عشاق الفن، سواء على خشبة المسرح أو في الشاشة الصغيرة.

وأشار إلى أن موافقة رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك، ودعم وزير الإعلام رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان الحمود (في ذلك الوقت) كان لهما الأثر الكبير في اعتماد مبادرة المسارح الأهلية بإطلاق اسم الفنان الكبير على أحدث مسارح الدولة وهو مسرح السالمية.

وشدد على أن تكريم الفنان الكبير هو تكريم لكل الفنانين والمسرحيين بالكويت، وتأكيد على أن الدولة ترعى أبناءها في كل المجالات، وتثمن عطاءات الرواد والمبدعين، الذين بذلوا الجهد والعرق في سبيل الكويت.

وآنذاك، قدم الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا الشكر لرئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك، ووزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود، والأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب علي اليوحة، وفناني المسارح الأهلية على هذه المبادرة الكريمة.

وقال عبدالرضا، إن :»احتفاء الدولة بي تكريم لكل المسرحيين الكويتيين في شخصي المتواضع»، مشدداً على أهمية التقدير والتكريم في حياة الفنان ليشعر بتكريم وطنه على عطائه، وهو رسالة سامية ونوع من التشجيع للفنانين المبدعين مفادها ان من يعمل بإخلاص يقابل بالتقدير والتكريم من الدولة التي ترعى ابناءها في كل المجالات.