شاركنا الاثنين الماضي في مؤتمر «حوكمة الإعلام في الوطن العربي» المقام في رحاب جامعة الشرق الأوسط في المملكة الأردنية الهاشمية، وشارك معنا أساتذة أجلاء وخبراء وإعلاميون ومختصون في مجال الإعلام من عدة دول عربية، الأمر الغريب أننا جميعنا بمن فينا المسؤولون عن جهاز الإعلام في بلادنا العربية متفقون تماماً على أهمية حوكمة الإعلام، مرددين شعارنا الكويتي «لا تبوق لا تخاف».

والحوكمة عموماً عزيزي القارئ، سواء كانت تتعلق بالإعلام أو بغيره، ترتكز على ثلاث قواعد أساسية: الشفافية والمشاركة، والمساءلة، والشفافية هنا تعني تبادل المعلومات أينما كانت تلك المعلومات، ما دامت لا تؤثر على الأمن القومي أو الاجتماعي أو الصحي... إلخ، فإذا أتاحت كل وزارة أو هيئة حكومية المعلومات للجميع، وعلقت على كل ما يقال عنها بالأدلة والبراهين قطعت وقطعنا دابر مطلقي الشائعات ومدبري الفوضى.

Ad

ولك أن تتخيل ماذا حصل في بعض الأنظمة العربية بما يسمى «الربيع العربي»، فالعملية في الأصل حجب معلومة حتى قاد بعض السياسيين الشارع بشعاراتهم وشائعاتهم وأفكارهم وأطماعهم، وفي منتصف الطريق تركوا الفوضى تعج وتفرجوا على النار، ومنهم من هرب بأهله وماله خارج حدود الوطن، فأصبح الخاسر هو الدولة التي لم تؤمن بأهمية الشفافية (تبادل المعلومات)، أي يحق لأي شخص الاطلاع على حقيقة ما يدار داخل الدولة ويتعلق برفاهيته ومستقبل أبنائه، وهذا ما نعني به المشاركة، فجميعنا لا بد أن نشارك حكوماتنا في مشاريعها وتطلعاتها ومستقبل البلاد.

نعم في السابق كان هناك محدودية في التعليم ومحدودية في وسائل الإعلام ونقل المعلومات، لكن الآن أصبح ثلث شباب البلد متعلما في أرقى الجامعات، والثلث الآخر مطلعا على التقدم الذي حققته بعض الأنظمة في بلدانها، والثلث الأخير متحمسا ليرى وطنه في مصاف الأوطان المتقدمة في جميع المجالات، وهذا يتطلب منا العمل الجاد كلٌ في مجاله حتى نحقق المشاركة بعدما تحقق الدولة الشفافية.

أما المساءلة فتجب علينا بعد تحقيق قاعدتين: أن نتجرد من انتمائنا القبلي والفئوي والمذهبي وننصهر جميعاً داخل قالب الانتماء الوطني، وأن نبتعد عن الانتماءات الضيقة التي جسدها أستاذ علم الاجتماع الدكتور علي الزعبي في مقاله المنشور بعد الاستجوابات الثلاثة التي عرت مجلسنا الموقر، وظهرت لنا الخيوط التي يتعلق بها الدوما، فالمساءلة التي أقصدها هي المساءلة المباشرة من الشارع بالطرق السلمية التي تعبر عن رقي الشعوب وخوفها على أوطانها وأبناء جلدتها.

إن عملية حوكمة الإعلام عملية تمكين وسائل الإعلام من الوصول إلى المعلومة ونشرها للعامة بصدق وأمانة؛ لكي نكون على اطلاع بكل شاردة وواردة، وهذه هي أساس قيام المجتمعات الديمقراطية (أعطني الحرية بأن أقرأ وأكتب وأنشر) فهذه أعظم الحريات، فيا مسؤولون أعطونا أعظم الحريات وخذوا منا أعظم الولاء والانتماء، فنحن نريد أن نعرف أين نحن سائرون.

أرجوكم لقد اتفق أكثر من خمسين باحثاً على أن «الحق بالاطلاع على المعلومات هو صمام أمان للحكم والحكام»، متى تفيقون يا أصحاب السلطة؟!

أرجوحة شكر:

شكراً من القلب لبلد النشامى حاكما ومحكومين، شكراً من القلب لجميع القائمين على هذا المؤتمر المهم، بل الأهم في القرن الحادي والعشرين، شكراً لجامعة الشرق الأوسط، وأخص بالذكر الأستاذ الدكتور يعقوب نصرالدين وعميد الإعلام عزت حجاب الذي جمعنا مع أساتذتنا د. علي نجادات، ود. هاشم التميمي، ود. محمود شلبية وغيرهم من الأعزاء كمستشار وزارة الإعلام الأستاذ يحيى شقير، ومدير هيئة الإعلام الأستاذ محمد قطيشات، ربي احفظهم وبارك فيهم واحفظ الأردن والكويت وسائر بلاد المسلمين، وكل عام وأنتم والحوكمة الشاملة بخير، رمضان كريم.