أكدت «التمييز»، في حيثيات حكمها البارز، الذي الزمت فيه «التعليم العالي»، الاعتراف بشهادة أحد الطلاب الخريجين من دراسة الحقوق وفق نظام التعليم المفتوح، أن هذا النظام تتوافر فيه اسس وضوابط تقييم الشهادات العلمية الواردة بقرار وزارة التعليم العالي رقم 20 لسنة 2000، من ناحية المدة الزمنية المطلوبة للحصول على الدرجة العلمية والمتطلبات الدراسية والمستوى التعليمي للجامعة المانحة، واعتماد درجاتها العلمية، والحصول على قدر كاف من الاشراف العلمي الحقيقي.

وترجع وقائع القضية إلى الدعوى التي اقامها أحد خريجي نظام التعليم المفتوح بإحدى الجامعات المصرية، ضد وكيل وزارة التعليم العالي، لاعتماد شهادته بتخصص الحقوق، الا أن الوزارة رفضت اعتمادها، الأمر الذي دعاه إلى رفع دعوى ضد الوزارة، وتقدم المواطن أمام المحكمة الإدارية بطلب إلغاء القرار السلبي بامتناع الوزارة عن معادلة شهادة ليسانس الحقوق التي حصل عليها من جامعة بني سويف المصرية بنظام التعليم المفتوح، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

Ad

لجنة علمية

وقال المواطن، في دعواه، إنه حصل على تلك الشهادة وتقدم بطلب معادلتها، الا أنه لم يتلق ردا على طلبه وحكمت محكمة اول درجة بإلغاء القرار الإداري السلبي، فطعنت الوزارة أمام محكمة الاستئناف، وانتهت الأخيرة إلى رفض الاستئناف، وتأييد الحكم الصادر من محكمة اول درجة، ثم طعنت الوزارة على الحكم أمام التمييز، التي قضت بتمييز الحكم المطعون فيه للقصور في التسبب لعدم بحث نظام التعليم المفتوح في الجامعات المصرية، ومدى اتفاقه مع النظم المعتمدة في الكويت، ومدى استيفاء الشهادات الصادرة، وفقا له، كل اسس وضوابط تقييم الشهادات العلمية الواردة في القرارات الصادرة في هذا الشان، وقضت قبل الفصل في الاستئناف بندب لجنة علمية من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت لاداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم.

البحث

وقد باشرت اللجنة مهمتها وأودعت تقريرا خلصت فيه إلى أن الشهادة محل النزاع لا تعادل الشهادات الممنوحة من جامعة الكويت لعدم حصول الطالب وفقا لنظام التعليم المفتوح على قدر كاف من الاشراف العلمي والحقيقي والتدريب على البحث بما يجعل شهادته جديرة بالاعتراف بها وتقديرها، وتدوول الاستئناف بعد ذلك امام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة إصدار حكم، حيث صدر بجلسة أمس.

وقالت التمييز، في حيثيات حكمها، إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقييم المؤهلات العلمية ومعادلة الشهادات الدراسية وإن كان من المسائل الفنية التي تستقل بها الجهة الإدارية القائمة على شؤون التعليم بأجهزتها المتخصصة وفقا للضوابط والمعايير الفنية التي تقررها في هذا الشأن، إلا أن القضاء الإداري له أن يبسط رقابته على القرار الذي تصدره برفض معادلة الشهادة الدراسية وبحث الأسباب التي قام عليها حتى يتبين مدى مشروعيته واستقامته على اسس مستمدة من عناصر ثابتة بالاوراق.

وأضافت المحكمة أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، وتقدير الادلة المقدمة فيها والاخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه وإن رأي الخبير الذي ندبته لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الاثبات التي تخضع لتقديره، ا فيكون لها أن تأخذ به أو أن تطرحه، وان تأخذ ببعضه وتطرح البعض الآخر، ما دامت قد اقامت قضاءها على أسباب سائغة من شانها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت اليها وتتفق مع هو ما ثابت بالاوراق.

وبينت المحكمة أن المستأنف ضده قد حصل على درجة ليسانس حقوق بنظام التعليم المفتوح من جامعة بني سويف دور ابريل 2014 وامتنعت الجهة الإدارية عن معادلة شهادته وأفصحت بأن سبب امتناعها هو أن نظام التعليم المفتوح لم يتم اعتماده في دولة الكويت، وأنه يخالف القرار رقم (20) لسنة 2000 الخاص بأسس وضوابط تقييم الشهادات العلمية، كما يخالف القرارات ارقام (20) لسنة 1994 و(1) لسنة 1997 و(14) لسنة 1997 التي حظرت معادلة الشهادات التي تتم الدراسة فيها عن طريق المراسلة أو الانتساب أو تأدية الامتحان عن بعد، أو وفقا لأنظمة غير تقليدية لا تطبق على المواطنين المسجلين بالجامعة من أبناء دولتها.

توافر ضوابط التقييم

وقالت المحكمة إن الثابت بالارواق أن نظام التعليم المفتوح المطبق في عدد من الجامعات المصرية يستلزم استيفاء المدة الزمنية المتعارف عليها للحصول على الدرجة العلمية التي تمنح وفقا له وهي ذات المدة الزمنية المتطلبة وفقا للنظام المعتاد بتلك الجامعات، وان المواد التي تدرس للطلبة بهذا النظام هي ذاتها المواد التي تدرس وفقا للنظام المعتاد، ويقوم بتدريسها أعضاء من هيئة تدريس الجامعة، وتعقد محاضرات اسبوعية منتظمة لذلك في قاعات الجامعة، ويتم تقييم الطلبة بناء على امتحانات تعقد بها يشرف عليها أساتذة تلك المواد، وتعتمد الدرجة العلمية التي يحصل عليها الطالب من الكلية والجامعة التي منحتها.

وبينت أن كل هذا يبين توافر اسس وضوابط تقييم الشهادات العلمية الواردة بقرار وزارة التعليم العالي رقم (20) لسنة 2000 في ذلك النظام من ناحية المدة الزمنية المطلوبة للحصول على الدرجة العلمية والمتطلبات الدراسية والمستوى العلمي للجامعة المانحة واعتماد درجاتها العلمية والحصول على قدر كاف من الاشراف العلمي الحقيقي، وهو القدر الذي يتفق مع طبيعة الدراسة بالكليات النظرية التي تبنته، اذ أن عقد محاضرات في مواعيد منتظمة حسبما يبين من الجداول الدراسية المقدمة يسمح بالتقاء الطلبة بأعضاء هيئة التدريس ومناقشتهم بشأن ما يدرسونه من مواد، بما يحقق قدرا كافيا من الاشراف العلمي يتفق مع طبيعة الدراسات النظرية.

قرارات

وأوضحت المحكمة أنه لا يمكن اعتبار هذا النظام كما هو مطبق في الجامعات المصرية- مماثلا لانظمة أخرى حظرت القرارات التنظيمية الصادرة بدولة الكويت اعتماد شهاداتها كنظام الانتساب والتعليم بالمراسلة والتعليم عن بعد، فحتى وإن كانت هناك اوجه شبه بين نظام التعليم المفتوح وتلك الانظمة الا أنه في جملته يختلف عنها ويشكل نظاما مغايرا، سيما أنه يصدر قرار من الجهة المختصة بحظر الالتحاق به أو بعدم اعتماد شهاداته على الرغم من التحاق عدد كبير من الطلبة الكويتيين به فضلا عن أن هذا النظام لم يخصص اصلا للطلبة الكويتيين وانما انشئ أساسا للطلبة المصريين ثم سمح لمن عداهم - ومنهم الكويتيون - بالالتحاق به، وبالتالي لا تتسع القرارات الوزارية التي تمسكت بها الجهة الإدارية لتكون سندا سويا للمجادلة في احقية المستأنف عليه في معادلة شهادته ويضحى امتناعها عن ذلك قرارا سلبيا مخالفا للقانون واجب الإلغاء.

نظام

ولفتت المحكمة إلى أن ما خلص إليه تقرير اللجنة المشكلة من أساتذة جامعة الكويت من أن نظام التعليم المفتوح لا يوفر للطالب الاشراف العلمي الحقيقي والتدريب على البحث لعدم وجود فصول دراسية يتم من خلالها تقديم المحاضرات والمناقشة كما هو معمول به في النظام المعتاد، اقيم على افتراض أن نظام التعليم المفتوح يطابق نظام التعليم عن بعد الذي حظرت القرارات الوزارية بدولة الكويت اعتماد شهاداته.

ولفتت إلى أن ذلك الافتراض يخالف الثابت بالأوراق من عقد محاضرات للطلبة الملتحقين بنظام التعليم المفتوح في مواعيد منتظمة داخل قاعات الجامعة، وان تقييم الطلبة يتم عن طريق امتحانات تعقد بها باشراف أعضاء هيئة التدريس، بل إنه قد سمح بعقد هذه الامتحانات للطلبة الكويتيين داخل حرم جامعة الكويت وبإشراف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة المصرية، ومن ثم تطرح المحكمة النتيجة التي خلص اليها هذا التقرير. وبالبناء على ما تقدم وبما أن الحكم المستأنف انتهى إلى هذه النتيجة، وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، بما يتعين معه تأييده ورفض الاستئناف.