جلسة الفاتح من مايو أو جلسة "سواريه الاستجوابات" الماضية، كانت مؤلمة، وتعصر قلب كل وطني محب للكويت، بسبب ما تخللتها من أحداث وتكتيكات بمرجعيات قبلية وطائفية وفئوية، للأسف كل ما حُذر منه منذ سنوات طويلة من خطورة غوص الكويت في وحل الاصطفافات الفئوية على حساب الوطن تحقق، ولا تخطئه عين المراقب ذي الخبرة بتاريخ الأمم والشعوب التي انزلقت إلى السقوط والاندثار.

صور مؤلمة، فذاك نائب يهدد بأنه إذا أسقطتم وزير قبيلتنا فسنسقط وزيرة الصفوة المخملية التابعة لكم، ووزيرة تكشف بعد أشهر وسنوات عن معلومات خطيرة متصلة بصميم أمن الدولة، تتعلق بتهريب أموال صدقات محلية إلى جهات غير معلومة، ربما تكون مرتبطة بالمشروع الإيراني ومحطاته المتعددة في العراق واليمن وسورية ولبنان وتنزانيا.

Ad

مشهدنا السياسي مقارب أو مطابق لشكل البرلمان اللبناني في بداية سبعينيات القرن الماضي، وقبل وقوع الحرب الأهلية هناك، فهو مكون من تنظيمات ذات ارتباطات خارجية، إضافة إلى بقايا الإقطاعيين والبرجوازيين الذين يعتاشون على تناقضات وصراعات تلك التنظيمات، حتى انفجرت لبنان بالقتال، وأصبحت ساحة لكل اللاعبين الدوليين والإقليميين، ومازالت تعاني من ذلك الواقع الذي أنهى سيادة الدولة.

في الكويت كانت جلسة الثلاثاء الماضي الإعلان الرسمي عن فشل الدولة في مواجهة الخراب الطائفي والقبلي في البلد، وتقاعسها عن مواجهة الدولة الطائفية والقبلية الموازية، بعد أن استخدمت قانون منع الانتخابات الفرعية في اللعبة السياسية تطبقه وقتما تشاء، واختراق قانون الجمعيات الخيرية بشكل فج وصريح، وتفشي حكم المال في الحياة النيابية والسياسية.

ولنقولها بصراحة إن العديد ممن بيننا وخصوصاً السياسيين متورطون في مشاريع ذات امتدادات إقليمية، وخاصة الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي، ورغم محاولات مريرة على مدى الثلاثين عاماً الماضية، لتخليهم عن تلك المشاريع، مازالوا متصلين بها، ولكن نود أن نسألهم سؤالاً مهماً: هل لو نجح مشروع القاعدة أو داعش أو مشروع دولة ولاية الفقيه سيكون حاله أفضل من وطنكم الكويت؟... ولمن ينفخ في نعرات القبيلة نسأله: هل عندما انتصرت القبائل في الصومال عام 1989، وسقطت الدولة الصومالية عادت الصومال دولة مرة أخرى، أو حتى مكاناً صالحاً للسكن؟... ونسأل أيضاً المحتكرين وأصحاب المال السياسي: عندما تحالف الجشعون والفاسدون مع الأجنبي والشركات متعددة الجنسيات في فنزويلا، وأدى ذلك إلى دفع المتشددين اليساريين للسلطة وانتهت فنزويلا بالإفلاس وتبخرت ثرواتهم، هل تريدون ذلك لديرتكم؟... بربكم ارحموا وطنكم الكويت، فمازال هناك متسع من الوقت لمشروع إنقاذ وطني سريع وحاسم.