بعد انتظار استمر أياماً لأعلى سلطة روحية في العالم الشيعي، أصدر المرجع الديني الأبرز في النجف علي السيستاني جملة نصائح للعراقيين، في خطبة الجمعة أمس، بشأن انتخابات 12 الجاري، ربما هدأت نسبياً من روع الأجنحة الحليفة لطهران، التي كانت تخشى موقفاً صريحاً يفتي بحرمة التصويت لها.

وفي الوقت نفسه، رسّخ البيان الذي تلاه السيستاني في خطبته، مجموعة نقاط لا تخفف من المواجهة الحاصلة بين النجف وسياسات المرشد الإيراني علي خامنئي وحلفائه، وهو الأمر الذي لم يعد سراً منذ سنوات.

Ad

ووصّف المرشح المقبول، مستخدماً المعايير الوطنية التقليدية، بيد أنه ركّز على نقاط منها ألا يكون المرشح مرتبطاً بـ «أجندة خارجية»، وأن يحترم القانون والدولة، وهي كلمة ذات دلالة، خصوصاً بالنسبة إلى الفصائل المسلحة التي تعلن أنها تتبع مرجعية المرشد الإيراني خامنئي وترفع صوره ورموزه، ولا تحترم سيادة البلاد، إذ تشتبك مع القوات النظامية بين الحين والآخر، وتدخل في مواجهات مع حكومة العبادي.

وألمح إلى أنه من غير الصحيح استغلال التضحيات والعناوين التي تحظى باحترام الناس، في الدعاية الانتخابية، وهو ما يمثل نقداً مباشراً للفصائل المسلحة التي تتهم بالمتاجرة بشهداء، وتضحيات الحرب على «داعش».

وأشار، بما يكفي، إلى مسؤولين كانوا في الحكومات والدورات النيابية السابقة، يثبتون فشلهم ويتلاعبون بالمال العام على نحو غير مسبوق، بحسب تعبير البيان، مما يحيل -بنحو خاص- إلى رئيس الحكومة السابق نوري المالكي الذي توالى السلطة ثمانية أعوام، وتحكّم في موازنات مالية تصل إلى 700 مليار دولار، دون أي تحسن يُذكَر في حياة العراقيين.

وعلى عكس فقهاء عراقيين مقربين من إيران دعموا، قبل أيام بنحو صريح، مرشحي الفصائل المسلحة، حرص السيستاني على تجنب ذكر أي طرف بالسلب أو بالإيجاب، رغم وجود إشارات كافية لجعل الجمهور يفهم موقفه، بل ركزت فقرات عديدة من البيان على أن المواطن حر في اختياره، حتى أنه غير ملزم بالمشاركة في التصويت، منبهاً في الوقت نفسه إلى أن عدم المشاركة سيسهل وصول عناصر غير مرغوب فيها.

ووصف مراقبون أسلوب السيستاني بأنه إعلان واضح من المرجع لـ«عراق بلا ولاية فقيه»، وأن المواطن حر سياسياً، بلا قيود قومية ومذهبية ولا عشائرية.