ذكرت في مقال سابق عنوانه "صراعات غذائية دوائية" أن بعض الحالات المرضية والأدوية التي تصرف بخصوصها قد تتعارض مع النظام الغذائي ومعيشة المريض، ونكمل في هذا المقال كيف تتفاعل الأدوية الكيميائية وبعض الأغذية وما مضاعفاتها الجانبية، فلتفاعل الأدوية مع الأطعمة مخاطر خفية نحن نغفلها، في حين كثير من الأمراض التي تصيب الإنسان ما هي إلا نتيجة تداخل الدواء مع دواء آخر أو تداخله مع الطعام، لأن كل واحد يغير طريقة التمثيل الغذائي للجسم، أو أن بعض الأدوية تعوق قدرة الجسم على امتصاص الغذاء.

لقد أدرك الباحثون في علم العقاقير وعلم الغذاء أنه يمكن للطعام أن يقلل من تأثير الدواء أو يزيده، وقد تؤثر الأدوية على الجهاز الهضمي ذاته، فعلى سبيل المثال لا يُحبذ تناول الموز والبرتقال والخضار الورقية الغنية بالبوتاسيوم مع الأدوية التي تخفض ضغط الدم، فتتسبب بعدم انتظام ضربات القلب أو خفقان سريع للقلب، في حين يضعف استعمال الكورتيزون المناعة، فيُعرض الجسم إلى أمراض معدية وهشاشة العظام وارتفاع نسبة السكري في الدم، في حال الإكثار من السكريات معه، ويؤدي إلى ارتفاع الضغط والتعرض للإصابة بجلطة في القلب أو الدماغ، وانحباس الماء في الأنسجة إذا أُخذ مع الأطعمة المالحة والبقوليات، كما أن الأوردة الرقيقة جدا قد تتعرض إلى شبه "انفجار" بسببه، فتظهر بقع زرقاء على الجسم، إلى جانب مشاكل تساقط الشعر والأرق.

Ad

كما أن آخر الدراسات نصحت بخفض جرعة الباراسيتامول نظرا لما يترتب على جرعته الزائدة من مشاكل في الكبد ونزيف الدم، وكذلك يجهل الكثيرون مخاطر "البيبي أسبرين" الذي يمكن أن يزيد نزيف قرحة المعدة والأمعاء إذا وجد الزنجبيل والثوم في الوجبة مما يزيد سيولة الدم، أما ما تفعله المضادات الحيوية من الإصابة بالقصور الكلوي، وخصوصاً إذا كان المريض يعاني داء السكري، فهذا خطر آخر، وبالإضافة إلى أدوية الاكتئاب التي تؤدي أحياناً إلى ارتفاع ضغط الدم مع الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الحمض الأميني Tyramine الموجود في بعض أنواع الجبن المعتق أو كبد الدجاج، والأسماك المخللة والمجففة والبقوليات والموز.

ويعمل البكتين والألياف القابلة للذوبان على تقليل عملية امتصاص المسكن المعروف Acetaminophen، كما أن للنخالة والألياف غير القابلة للذوبان تأثيراً مماثلاً على دواء الديجوكسين Digoxin لعلاج عضلة القلب الضعيفة، وكذلك فاعلية أدوية الضغط المرتفع تقل بسبب تناول شراب جذور العرقسوس أو الأطعمة المالحة!

ما سبق يستدعي دق ناقوس الخطر من أجل التوعية بمخاطر أنواع كثيرة من الأدوية وعلاقتها بالتغذية لتلافي كثير من المضاعفات، وعلى الصيدلي الحاذق أن يلفت نظر المريض إلى علاقة أنواع معينة من الأدوية والأطعمة التي ينبغي تناولها، والتأكد من صحة الجرعات وكشف تعارض الأدوية مع بعضها أو مع بعض الأطعمة.

* باحثة سموم ومعالجة بالتغذية