تتوالى مشاكل العمالة المنزلية منذ سنوات، وتضعنا في أزمات دبلوماسية وحرج مع منظمات دولية، إضافة إلى المشاكل الاجتماعية والأمنية التي تلحق بالمجتمع، ومع ذلك لا يوجد عند الحكومة أو أي تجمع سياسي أو مدني الجرأة أو الشجاعة ليقف ويقول: كفى... وكفى لهذا الإدمان على العمالة المنزلية، الذي لا يمكن أن يستمر، ولا تستطيع أي حكومة في عصرنا هذا أن تتحمل تبعاته.

في عام 2005، وبينما كنت في دورة في معهد الأخلاقيات الصحافية في مدينة تامبا بولاية فلوريدا الأميركية، لفت انتباهي صحافية أميركية في بداية العشرينيات من عمرها في الاستراحة ترضع طفلاً حديث الولادة، ربما في الأسبوع الرابع من عمره، وعلمت لاحقاً أنها تحتاج هذه الدورة لتلتحق بوظيفة معينة، والرضيع يقضي فترات بين مركز رعاية أو حضانة وعناية جدتها، وهي تتلقى فصولها التعليمية.

Ad

في الكويت أصبحت العمالة المنزلية حالة إدمان لدينا جميعاً، بما فينا صاحب القرار، وكذلك السياسي الذي غالباً آخر همه المصلحة العامة وغايته الرئيسية الحفاظ على كرسيه أو منصبه، ولا يريد أن يواجه جمهوره بالحقائق، وإلا بالله عليكم سمعتم في عصرنا الحديث أن دولة تنشئ شركة حكومية لجلب الخدم لمواطنيها، بدلاً من أن تكافح هذه الظاهرة وتحد منها إلا لحالات خاصة، مثل كبار السن والمعاقين.

في دولة ينتهي دوام عملها الرسمي الساعة الثانية ظهراً، بخلاف معظم دول العالم الذين يعملون حتى الخامسة مساء، هل تحتاج العائلات الكويتية إلى هذا الجيش الجرار من الخدم؟ ولا تستطيع أن ترعى حاجاتها المنزلية اليومية، بل الأكثر مرارة من ذلك أن الأسر الكويتية تجر عمالتها المنزلية معها في الإجازات، وتتصارع مع السفارات الأجنبية لمنحها تأشيرات سفر لترافقها.

المشكلة أنه لا الحكومة ولا أي تجمع مدني أو مجموعة سياسية أو نيابية قادرة على المطالبة بوقف هذا الإدمان الكويتي على خدم المنازل، والذي يجب أن يتم وقفه وطرح بدائل مثل شركات التنظيف الأسبوعية للمنازل الكبيرة، والاعتماد على الأجهزة الحديثة في المنزل، وعودة حصص التدبير المنزلي للجنسين، الذكور والإناث، في المدارس كمقرر أساسي، ووقف ربط منح أذونات جلب العمالة المنزلية بدخل الأسرة المادي، لأن هذه الظاهرة انتشرت في الكويت في سبعينيات القرن الماضي، نقلاً عن الأسر الميسورة وكبار القوم، وبودي أن يبحث أهلنا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والإنترنت، كم خادماً في منزل الملياردير وارن بافيت أو نظيره بيل غيتس؟!