مداخلات وملاحظات عدد من النواب للنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد حول خطة كويت "2035" (تطوير الجزر وطريق الحرير) في مكانها الصحيح، فنبرة اليأس أمام الواقع السيئ للإدارة الحكومية تظهر واضحة في مداخلة النائب عبدالله الرومي، والنائب عبدالكريم الكندري، الأول يكرر كلمة "واقعنا" عدة مرات، ويقصد به واقعنا السياسي المتمثل في الحكومة وفساد إدارتها وعجزها وتكاسلها عن إصلاح حالها، رغم كل الحديث الطويل والمكرر عن الحال. النائب عبدالكريم الكندري يصف هذا الواقع بـ"الكابوس الذي نعيشه قبل أن تحلم برؤيتك... ونأمل أن تغير هذا الكابوس... وهناك أزمة التوظيف إلى جانب الاحتكار في السوق التجارية..." النائب الحربش يشخص هذا الواقع بأنه "حالة احتكار المشاريع الكبرى، الذي ينقل المال من الدولة إلى العائلة...".

مداخلات هؤلاء النواب تشخص وضع الرداءة الحكومية تماماً، ولا يبدو أن مثل تلك الكلمات أو ما يكرر عبر المقالات الصحافية ووسائل التواصل الاجتماعي، وهي بالمناسبة تكتب في الأغلب داخل أقفاص المراقبة ومصالح أصحاب رأس المال وقوانين القمع بالدولة، لها أي تأثير في قناعة وسلوك السلطة، فمازالت السلطة هي السلطة وعلى طمام المرحوم، ولو قلنا هذا المثل آلاف المرات... لكن السؤال هو ما إذا كان الشيخ ناصر يتحسس هذه الحالة المزرية ويملك خطة واضحة لمكافحتها؟!

Ad

في أكثر من مناسبة يكرر الشيخ ناصر حديثه عن واقع التعليم المنهار، وتراجعه سنة بعد سنة للأسوأ، حسب الدراسات الدولية، حاله مثل حال معظم الأمور في دولة "الله لا يغير علينا"... أيضاً يقر الشيخ ناصر في الجلسة ذاتها "... ان من ضمن... الأولويات التصدي لحل اشكال الفساد من خلال برنامج تنفيذي للاستراتيجية الوطنية...".

قبل أي أمر، لا يمكن مناقشة موضوع رؤية 2035 الاقتصادية لفتح قنوات جديدة للدخل القومي بعد انهيار منظومة أسعار النفط قبل حل إشكالية هذه السلطة. القضية ليست كلاماً ووعوداً، وإنما هي ممارسة وسلوك لابد أن يشهد عليه الناس، الشيخ ناصر وهو الآن في منصبه كنائب لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع يشكل حيزاً حيوياً لسلطة الحكم، ويتحمل بالتالي الكثير من همها وهموم البلد معها، وهو وإن كان يعي خبيصة من "الذين هم بقربه ومن حوله" ومن فرضوا أنفسهم على واقع السياسة الحكومية لسنوات ممتدة، فهذا الإدراك لا يكفيه، لأن الجمهور حتى هذه اللحظة لا يرى تغييراً جوهرياً في النهج السياسي للسلطة... الفساد على حاله... كمثال بسيط ومؤلم هناك... أراض زراعية ومناصب كبيرة في الإدارة توزع حسب الأصول الفاسدة المتعارف عليها، وهناك أشخاص يمكن عدهم رموزاً كبيرة في الاستغلال والإثراء من مناصبهم مازالوا في مكانهم وعلى "حطة ايدك... يا بو عبدالله"... وفساد الإدارة من لامبالاة وعدم الاكتراث في أداء الواجب الوظيفي على وضعه بالبصمة اليوم وبدونها بالأمس... والقائمة طويلة.

هذا هو الكابوس الذي نعيشه اليوم، والذي يخشى أن يتحول إلى حقيقة في أي لحظة قريبة... هو الكابوس الذي يبتدأ بنظام المحاصصة لأبناء الأسرة الحاكمة، فكل صاحب نفوذ من الأسرة أو من أفراد الدولة العميقة، الملتصقة بها، لابد أن تكون لجماعته حصة وسهم في الكعكة الوظيفية العليا أو المناقصة العامة، ويتمدد هذا الفساد السلطوي للأسفل في السلم الإداري - السياسي، وتحل الواسطة والمحسوبيات مكان حكم القانون ومعايير الكفاءة في التعيين والإدارة... وعندها وفي غياب مقاييس العدالة تنمو مشاعر الظلم والرفض، وتدركون كيف تنتهي عواقب الأمور أمام واقع تناقص الدخل للناس وضيق الحال.

الكابوس الذي لم يتغير وعشعش في وجدان الناس هو غياب حكم القانون في الإدارة السياسية... بما يعني المساواة والعدل بين الناس في المناصب وتوزيع الثروة الوطنية، أو ما تبقى منها على الأقل... كيف يمكنك أن تهدم جبال الفساد المتراكمة، وأين تبدأ وبمن؟! أنت تعرفهم... المسألة ليست سهلة... لكن عليك أن تشرع بها الآن... لا مكان للتأخير.