قال تقرير مركز الشال الأسبوعي الاقتصادي، إنه لم يعد القلق في الكويت حول التقدم بمؤشرات البناء والتنمية، بل حول إبطاء عمليات التخريب، لعل وعسى يأتي يوم تصحو فيه إدارتها العامة، وتبدأ إصلاحا ومازالت إمكانات الإصلاح متوافرة.

وأضاف: "بعد تخريب ممنهج ومتصل لأوضاع المالية العامة التي تضاعف حجمها 5 أضعاف في أكثر قليلاً من عقد من الزمن، وصاحب انتفاخها ضعف إنتاجيتها كثيراً مقارنة بحجمها الصغير والقديم، جاء زمن تخريب شبكة الأمان لمئات الألوف من المتقاعدين، أو من سيتقاعدون، بالعبث بنظام ضمانهم الاجتماعي، ومن قبل جناحي الإدارة العامة؛ التشريعي والتنفيذي، المتخاذل، بعد إقرار المداولة الأولى الأسبوع الفائت لقانون التقاعد المبكر، واستبدال المعاش التقاعدي".

Ad

ولفت التقرير إلى أنه في كل دول العالم المتحضر، عندما توحي الأرقام بأن هناك خللا أصاب المالية العامة، يتصدر رؤى إصلاحها رفع سن التقاعد، رغم ما يثيره ذلك في الزمن القصير من غضب، وربما تكلفة سياسية، تلك الوصفة شملت دول أزمة الديون السيادية في أوروبا بداية العقد الحالي، وامتدت إلى غيرها في القارة وخارجها.

وتابع: "في الكويت، صاحبة أكبر قطاع عام بالعالم؛ حاضراً وعلى مرِّ التاريخ، والذي يوظف نحو 77 في المئة من قوى العمالة المواطنة، ويدعم ما عداهم خارجه، وحيث مساهمة المالية العامة في أقساط التقاعد هي الأعلى أيضاً في العالم وتعادل 3 أضعاف مساهمة الموظف، تسعى إدارتها العامة إلى تبني قوانين شعبوية معاكسة تماماً لسياسة الإصلاح المطلوب".

وأوضح أنه في أي بلد بالعالم، فيه حد أدنى من الحس الوطني، وتعمل إدارته العامة على أنها مؤقتة، همها وهدفها ديمومة ذلك الوطن من بعدها، ويحدث بزمن يصاب ذلك البلد، وفي أقل من عقد من الزمن، بتبعات أزمة مالية هزت العالم، وبأحداث عنف جيوسياسية مدمرة حوله، ثم انحسار حصيلة موارده المالية إلى النصف، تكون أولى أولويات الإدارة العامة إطفاء الحريق المالي وإعادة تخصيص الموارد المالية بما يضمن استدامتها.

وأكد أن ذلك يعني ضرورة العمل أولا على ضمان استدامة الاستقرار المالي، الذي يعاني خللا جوهريا ومتسعا، وتوجيه كل الموارد لإيجاد فرص عمل مستدامة للمواطنين لا تتوافر حالياً حتى السعة المكانية لهم في قطاع عام متخم.

وأضاف: "في الكويت، ليس فقط استدامة المالية العامة واستدامة الاقتصاد مهددة، بل سيطول التخريب ضمان الحد الأدنى من أمن المستقبل لمن تركوا أو سيتركون متقاعدين سوق العمل بالعبث بمدخرات نظام تأمينهم الاجتماعي، ويحدث ذلك في زمن ما بعد أزمة العالم المالية، حيث بات القبول بمعدلات عائد أدنى على استثمار تلك المدخرات حقيقة لا خلاف عليها".

وبيَّن التقرير أن مشروع التقاعد المبكر سبق تجربته في الكويت على المؤسسات العسكرية الثلاث وقطاع النفط، وتم استنزافها من أفضل شاغلي وظائفها، ما أدى إلى تدني أدائها، وجرى إحلال معظم المراكز القيادية الشاغرة بتوظيفات البراشوت المدمرة، وهي جائزة غالبية النواب الموافقين على القانون.

وذكر أن "الهدف الوحيد لمعظم داعمي المشروع، هو ضمان ديمومة كراسي في السلطتين التشريعية والتنفيذية، على حساب استدامة واستقرار البلد، فيما الخلاصة هي ضرر ضخم للمتقاعدين تحت مقولة (إخذ في كيسه وعايده)".