تشهد أروقة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) والبيت الأبيض نقاشات يدور بعضها همساً، وبعضها الآخر يأخذ طريقه إلى العلن بأشكال مختلفة.

ولا تخفي أوساط مطلعة في «البنتاغون» أن الوزير جيم ماتيس لعب دوراً رئيسياً في تأخير تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي، بسبب فروقات واضحة في أسلوبي الرجلين في التعامل مع ملفات أمنية واستراتيجية.

Ad

غير أن الضربة الغربية التي وجهت إلى سورية الأسبوع الماضي أظهرت بشكل لا لبس فيه أن وجهة نظر ماتيس هي التي انتصرت، خصوصاً أنها حققت، وبأقل قدر ممكن من الكلفة والأضرار، الأهداف الأميركية المعلنة في التعامل مع ملف هذا البلد.

كما أن تصاعد التوتر بين تل أبيب وطهران، جراء الهجمات المتكررة التي نفذتها تل أبيب ضد مواقع إيرانية، يطرح تساؤلاً عن احتمال حصول صدامات أوسع على الساحة السورية، تتعارض مع توجهات «البنتاغون» في هذا الملف، والتي لعب ماتيس فيها دوراً رئيسياً لتخفيف اندفاعات رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في ظل اقتراب موعد انتهاء مهلة الرئيس ترامب لإعادة النظر في الاتفاق النووي مع إيران.

وتقول أوساط مطلعة إن الأمر قد لا يكون مستبعداً إذا نجحت تطورات داخلية، على مستوى عال من الأهمية، في إعادة فرض أجندة بولتون المتشددة تجاه إيران.

وكشفت أوساط مطلعة على سير التحقيقات مع المحامي الشخصي للرئيس ترامب، مايكل كوهن، أنه قد يتجه إلى التعاون مع المحقق الخاص في ملف التدخل الروسي المفترض روبرت مولر، بسبب احتمال تعرضه للسجن 25 عاماً، بعد اكتشاف ملفات جرمية بحقه، وقد يفرض هذا التطور على الرئيس قلب الطاولة عبر حدث سياسي وأمني كبير لتشتيت التركيز على هذا الملف.

ولفتت تلك الأوساط إلى الاجتماع الأول، الذي جرى أمس الأول بين بولتون والسفير الروسي في واشنطن، وبحثا خلاله ملف التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، وسياسات موسكو في كل من أوكرانيا وسورية، واستخدام السلاح الكيماوي في هذا البلد، وفي بريطانيا عبر تسميم العميل الروسي وابنته. واعتبرت أن الأمر ربما يكون بداية تمهيد سياسي لمواقف أكثر تشدداً قد تصدر عن البيت الأبيض خلال الأيام القليلة المقبلة، من بينها فرض عقوبات جديدة على روسيا كان ترامب أجل إعلانها، مما أدى إلى اشتباك إعلامي بين البيت الأبيض وسفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي، مطلع الأسبوع.

وكشفت تسريبات عن لقاءات متعددة أجراها الرئيس ترامب بالجنرال ستانلي ماكريستال قائد القوات الأميركية السابق في أفغانستان، الذي أقاله الرئيس السابق باراك أوباما من مهامه بسبب مواقفه المتشددة في ذلك الحين، مما اعتبر مؤشراً إلى احتمال الاستغناء عن ماتيس لمصلحة جنرال آخر تنسجم توجهاته مع رغبات الرئيس وفريق أمنه القومي المتشدد.

غير أن تلك الأوساط عادت وأكدت أن احتمال تغيير ماتيس قد

لا يقود بالضرورة إلى اندلاع حروب كبرى، في وقت أظهرت الأحداث صوابية المعالجات التي تعتمدها «البنتاغون» في تلك الملفات، لافتة إلى أن الأطراف المعنية بهذه الصراعات تعيش حالة من الارتباك السياسي والميداني، بدا واضحاً فيها أن الدور الأميركي لا يزال يشكل مرجعية رئيسية، ولديه قدرة حاسمة، حتى اللحظة، على رسم توجهات الحلول لتلك الملفات.

وأضافت أن ملف تركيا أيضاً بدأ يأخذ منحى تصعيدياً هو الآخر، وأن بصمات بولتون ستظهر للعلن في الفترة المقبلة، باتجاه تصعيد الضغط عليها لفك علاقتها المتنامية مع روسيا. وهو ما ظهرت تباشيره في كلام مساعد وزير الخارجية الأميركي ويس ميتشل، أمس الأول، خلال جلسة استماع في الكونغرس قال فيها إن إصرار تركيا على عقد صفقة الصواريخ إس 400 مع روسيا سيعرضها لعقوبات، وإن استمرار حبسها للقس الأميركي سيمنع تطوير العلاقات معها.