نظمت القوات المسلحة الإيرانية، أمس، استعراضاً غير مسبوق احتفالا بيومها الوطني، في وقت رأى مراقبون أن الاستعراض الضخم والشامل يأتي بسبب تصاعد نبرة التهديدات الأميركية والإسرائيلية التي تواجهها طهران من جهة، وبسبب التوتر بين حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني ومؤسسة "الحرس الثوري" من جهة أخرى.

وشاركت جميع أفرع القوات المسلحة في الاستعراض، الذي أقيم بجوار مرقد الخميني في طهران، وجرى خلاله عرض منظومة "إس 300" للدفاع الجوي روسية الصنع.

Ad

رسائل روحاني

واستغل روحاني الذي حضر الاستعراض المناسبة لتوجيه عدة رسائل للداخل والخارج، وأشاد بالجيش وبنزاهته لعدم تدخله بالسياسة والاقتصاد، في رسالة واضحة لـ "الحرس الثوري" الذي يسيطر على العديد من القطاعات الاقتصادية والشركات، ويتدخل في السياسة الخارجية والداخلية.

وسعى الرئيس المعتدل الذي يواجه ضغوطاً متزايدة مع تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب المخاوف من انهيار الاتفاق النووي منتصف الشهر المقبل، إلى تهدئة مخاوف الدول المجاورة لبلاده.

وقال إن طهران ليست بحاجة إلى الاعتداء على أراضي أو مصالح بلد آخر، لكنه دعا "القوى العظمى إلى عدم تحويل المنطقة إلى مخزن بارود، وألا تملأ مستودعات أسلحة دول المنطقة بالسلاح".

وأكد أن بلاده التي تواجه تهديدات بفرض عقوبات غربية جديدة عليها بشأن برنامج تسلحها الصاروخي مستمرة في "تعزيز قوتها العسكرية".

في هذه الأثناء، وصل وزير الدفاع الإيراني، العميد أمير حاتمي أمس، إلى بغداد في زيارة تستمر يومين يشارك خلالها في أول اجتماع للجنة التعاون الدفاعي بين إيران والعراق.

انغلاق إيراني

في غضون ذلك، أعلن مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي إغلاق قناته عبر "تلغرام" الذي يستخدمه نحو 45 مليون إيراني، ولعب دورا بارزا خلال الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام.

وذكر الموقع الرسمي لمكتب خامنئي، أمس، أن قرار الإغلاق يأتي من أجل "حماية المصالح الوطنية وإلغاء احتكار الفضاء الإلكتروني من التطبيقات الأجنبية".

في السياق ذاته، أكد مصدر في رئاسة الجمهورية الإيرانية لـ "الجريدة" أن روحاني انصاع للضغوط ووقع قراراً يلزم جميع المؤسسات الحكومية وموظفيها بإقفال محطاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي الأجنبية.

ولدعم قرار روحاني، أغلق نائب رئيس الجمهورية إسحاق جهانغيري جميع حساباته على الشبكات الأجنبية.

وكانت "الجريدة" نشرت منذ حوالي شهر تقريراً عن اجتماع المرشد الأعلى علي خامنئي مع اللجنة العليا للاتصالات في إيران وإصداره أوامر بإقفال شبكات التواصل الأجنبية.

وقبل أسبوع، اندلع تلاسن بين روحاني والمدعي العام للبلاد محمد جعفر منتظري، الذي هدد باعتقال وزير الاتصالات محمد جواد جهرمي والموظفين الذين لا يلتزمون بقرار حظر التواصل الأجنبي.

ولدى استقباله وزير الأمن الإيراني ومسؤولي الوزارة وجمعا من منتسبيها، أمس، شدد المرشد الإيراني على ضرورة ابتعاد وزارة الأمن عن صراع أجنحة النظام، محذرا من حرب استخباراتية "تشنها جبهة واسعة من الأعداء" ضد النظام الإيراني.

وقال إن أحد المحاور المهمة لتلك الحرب تتمثل في "التغلغل والتأثير على حسابات المسؤولين، وتغيير معتقدات الشعب"، مطالبا المسؤولين بـ"الدفاع وإغلاق منافذ التغلغل، إلى جانب القيام بالهجوم".

فرار مرتضوي

إلى ذلك، وبعد تواري المدعي العام السابق لمدينة طهران، سعيد مرتضوي، عن الأنظار بالتزامن مع الحكم عليه بالسجن عامين، ادعت شبكات خبرية تابعة للإصلاحيين أن مرتضوي خرج من طهران إلى سلطنة عمان ثم السعودية والسودان بجواز سفر مزور، كي يستقر أخيراً في نيجيريا ويطلب اللجوء السياسي هناك.

ومرتضوي متهم بإصدار قرارات غير قانونية بحق أنصار "الحركة الخضراء" الذين تظاهروا عام 2009 احتجاجا على انتخاب محمود أحمدي نجاد مجدداً أدت الى وفاة 25 معتقلا على الاقل في معتقلات لم تكن أصلا سجونا قانونية.

وكان مرتضوي متهما بإعطائه الأوامر بضرب واعتقال الصحفية الكندية الإيرانية الأصل زهراء كاظمي، الأمر الذي ادى الى وفاتها وقطع العلاقات الإيرانية - الكندية بسببها.

وطبع الإصلاحيون صورا كبيرة للمدعي العام السابق كتبوا عليها "مطلوب حياً أو ميتاً"، وألصقوها على الجدران.

وطالب نواب إصلاحيون من رئيس المجلس علي لاريجاني خلال جلسة أمس بكتابة رسالة الى المرشد والطلب منه محاسبة أخيه رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني على التقصير في اعتقال مرتضوي.

وكانت زوجة مرتضوي نفت أمس الأول فرار زوجها الى خارج البلاد، وقالت إنه يطالب بإعادة محاكمته، نظرا لخدماته للنظام.

في سياق آخر، أوعز مجلس الوزراء الإيراني، لجميع الوزارات والمنظمات والشركات الحكومية، باعتماد عملة اليورو في إعداد التقارير ونشر الإحصاءات والمعلومات المالية.

وكلف مجلس الوزراء البنك المركزي بإدارة وإعلان سعر الريال مقابل اليورو بشكل متواصل. ويأتي القرار الصادر عن المجلس، على وقع تهاوي سعر صرف العملة الإيرانية وحظر التداول بالعملات الأجنبية خارج إطار البنوك.

وشهدت العملة المحلية انهيارا تاريخيا، حيث بلغ سعر صرف الريال الإيراني 61 ألف ريال مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء، بينما تبلغ قيمة الدولار 42 ألفا لدى بعض المصارف.