أقيمت احتفالية للروائي ناصر الظفيري، نظمها أصدقاؤه ومحبوه في رابطة الأدباء، وأدار الأمسية الأديب فهد مشعل، وشارك فيها جمع من الأدباء والمثقفين، احتفاء بالروائي الظفيري، ومسيرته الأدبية الحافلة بالمنجزات والعطاءات.

واستهلت الاحتفالية الشاعرة سعدية مفرح، بكلمة قالت فيها: "مساء الخير... من الجهراء، حيث البدايات البعيدة والأحلام المستمرة والطموحات التي تحقق بعضها، وبقي بعضها الآخر معلقا على حبال العمر".

Ad

وعادت بذاكرتها إلى عام 1995، وهو عام صدور رواية "سماء مقلوبة" للظفيري، والتي كتبت مقدمتها بطلب من مؤلفها، الذي كان زميل طفولة ودراسة وعمل ورفيق كتابة.

وأشارت إلى رواية أخرى سابقة للرواية المذكورة عنوانها "عاشقة الثلج"، وقالت: "إذا كان ناصر احتاج لعامين فقط كي تتبلور موهبته الروائية الأصيلة، وتتطور بشكل يلاحظه بسهولة كل من قرأ روايتيه الأولى والثانية، فإن عقدين من الزمن تقريبا هما عمر تجربته الروائية حتى الآن حريان بكشف المزيد من كنوز تلك الموهبة، التي تعتقت في فيض من التدريب المستمر في تشكيلات الكلمة، كقصص قصيرة وروايات ومقالات أدبية ونقدية وقصائد أيضا".

هدوء عميق

وأضافت مفرح: "تعرفت إلى ناصر للمرة الأولى بشكل جدي بعيدا عن أطياف الطفولة المشتركة في منطقة سكن واحدة، ضمن إطار مجموعة أدبية ساهمنا في تأسيسها أثناء دراستنا بجامعة الكويت. كنت طالبة في التربية والآداب، وكان هو طالبا في الهندسة، لكننا نهوى الكتابة، فكانت تلك المجموعة التي تضم بضعة رفاق ورفيقات آخرين هي المحك الأول لتجاربنا الأولية في الكتابة". وتابعت: "في شارع الصحافة زاملت الظفيري مرة أخرى، وهذه المرة في إطار المهنة الواحدة كمحررين في القسم الثقافي لجريدة الوطن. ولم أفاجأ يومها بأنه احتفظ بذلك الهدوء العميق الذي ميَّزه دائما حتى وهو يعمل في مهنة صاخبة بطبيعتها، وهي الصحافة، التي اتخذها مهنة إضافية له".

بعد ذلك، سردت مشاعر الظفيري عندما قرر الهجرة إلى كندا لاحقا تحت وطأة شعوره بضرورة عمله على تأمين مستقبل أسرته الصغيرة.

الوطن والغربة

وقالت: "غادرنا ناصر إلى كندا، لكنه لم يغادر الإبداع. لم أشك يوما أن تلك الغضبة الممزوجة بدمعة حارقة ستكون رواية… وكانت! بل أصبحت روايات، حاول فيها الروائي أن يستعيد ذاته بين الوطن والغربة في مشروع كتابي ما زال مستمرا باجتهاد ودأب، رغم إنهاك المرض الذي غافل جسده قبل عام ونصف العام تقريبا، ليجعله أكثر إصرارا على المضي قدما في طريق الكتابة، باعتبارها الحل الممكن".

وختمت مفرح: "نحن هنا الليلة، لا لنحتفي بتجربة تستحق الحفاوة وحسب، لكن أيضا لكي نقول لناصر: شكرا، لأنك وطن. ذلك أن الصداقة هي أجمل أوطان العمر".

عقب ذلك، شاهد الحضور فيلما قصيرا من إعداد وإخراج صفاء ناصر الظفيري، احتوى على سيرة المحتفى به، وشهادات للروائي إسماعيل فهد إسماعيل والشاعرة سعدية مفرح، والأديب عبدالرحمن الحلاق، والكاتب عبدالوهاب سليمان، كشفوا عن شخصية الظفيري، التي تتمتع، إلى جانب موهبتها الإبداعية، بالطيبة والإنسانية والهدوء.

وألقى الكاتب عبدالله البصيص كلمة، قال فيها: "أول مرة قابلت فيها ناصر كانت بمعرض الكويت الدولي للكتاب 2011. كنا مع مجموعة من الأصدقاء الكُتاب في جلسة جاءت من غير موعد في بيت الصديق فارس كامل، وكنت قرأت اسمه قبلها بسنوات على رواية أغرار".

ذكريات ضالة

وأضاف: "حتى جاءت سنة 2013، كنت انتهيت من روايتي (ذكريات ضالة)، وقبل معرض الكتاب بأيام قليلة تناقل الأصدقاء خبر صدور رواية الصهد، ومع الخبر كانت كلمات الثناء ممن قرأها تحمل رائحة غيمة تأتي من بعيد".

وأوضح أن "المميز في أسلوب الظفيري، أن له بصمة خاصة ككاتب حقيقي، نستطيع خلالها معرفة شخصيته"، وأشار إلى أن "اللغة الشاعرية التي يستخدمها في تراكيب الجُمل الطويلة عند ذكره الجهراء، والقصيرة عند ذكر بلد المهجر، تعطينا انطباعا عما يدور في نفسه من شوق وأسى".

وتحدث البصيص عن توطد علاقته بالظفيري وقراءته لمعظم رواياته، مثل: "الصهد"، و"كاليسكا"، و"المسطر".

مشهد تمثيلي

وجسَّد الفنان ناصر كرماني مشهدا تمثيليا عنوانه "شومان"، لخَّص فيه رحلة الظفيري مع الكتابة الروائية، ليؤكد أن رواياته مجتمعة هي عبارة عن جواز سفر كويتي.

وألقى الأديب عبدالله الفلاح كلمة اتسمت بالشاعرية. وأنشد الشاعر محمد النبهان قصيدة شعرية مزدانة بالجمال أهداها للظفيري، وألقى الكاتب حمد بدر كلمة ذكر فيها رواية "عاشقة الثلج"، التي ألهمته فكرة مسلسل "خطوات على الثلج"، واصفا الظفيري بأنه المناضل الأديب.

وتكلم المحتفى به وكانت الدموع سبقته في التعبير عن الامتنان لهؤلاء الأصدقاء الذين أحاطوه بالحب والتكريم، وقال: "لا تفرِّطوا في طبيب أو مهندس أو جندي أو عامل اختلطت دماؤه بدمائكم، صاهركم وصاهرتموه. فكم من رجل في الغربة من البدون يعلّم أولاده حب الكويت".

تكريم

وتابع: "كنت حريصا على أن ينتمي كل ما كتبته من روايات إلى الكويت"، وتقدم بالشكر لكل الأصدقاء والمحبين الذين سعوا إلى تكريمه في هذه الاحتفالية.

وفي ختام الأمسية الاحتفالية تلقى الظفيري التكريم من الكثير من الجهات الثقافية ودور النشر، ثم أقيم حفل توقيع على كتاب "ناصر الظفيري... رواية الوطن والغربة"، شارك في كتابته نخبة من الأدباء والكُتاب، من خلال دراساتهم ومقالاتهم وشهاداتهم وقصائدهم الشعرية.