أكد رئيس الأركان العامة للجيش، الفريق الركن محمد الخضر، أن العالم بأسره يمر بتحديات كبيرة وأحداث متسارعة، وتعصف به العديد من الصراعات التي تؤثر بشكل مباشر على أمن واستقرار المنطقة، مشددا على أن ذلك يتعين معه الاهتمام بالقواعد والضوابط التي تكفل الضمانات الأساسية تكريساً لمبدأ الكرامة الإنسانية، وذلك من خلال إرساء قواعد القانون الدولي الإنساني في العمليات العسكرية وتعزيز مفاهيمه واحترامه وتنفيذه وإنفاذه، وصولا إلى تحقيق التوازن بين الميزة العسكرية وتوفير الحماية للمدنيين في النزاعات المسلحة.

وأضاف الخضر خلال الاجتماع التشاوري السنوي الأول لخبراء الشرق الأوسط تحت عنوان «مبدأ التناسب في العمليات العسكرية بالقانون الدولي الإنساني»، صباح أمس، أن رئاسة الأركان العامة للجيش تحرص على التقيد بقواعد القانون الدولي الإنساني من خلال إدماجه في التشريعات الوطنية والتدريبات والتمارين العسكرية، لافتا الى أن الرئاسة تولي اهتماماً بالغاً بنشر الوعي والثقافة القانونية في مجال العمليات العسكرية بين منتسبي القوات المسلحة، ومشيرا إلى أن مادة القانون الدولي الإنساني تعد إحدى المواد الأساسية التي تدرس في الكليات والمعاهد والمدارس العسكرية.

Ad

تحديات عديدة

وذكر أن القانون الدولي الإنساني يواجه تحديات عديدة، تتمثل في تطور مفهوم النزاعات المسلحة الحديثة والمعاصرة، مشيرا إلى أن التطور المتسارع في منظومات التسليح واعتمادها على التكنولوجيا الحديثة أثر بشكل ملحوظ في ساحات القتال واستخدام التقنيات الحديثة، مما شكل تحدياً قانونياً وعملياتها في ضمان استخدام تلك المنظومات بما لا يتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني والاعتبارات الخاصة بالتداعيات الإنسانية جراء استخدامها.

ولفت الخضر الى أنهم لن يألوا جهداً بتقديم الدعم في إرساء قواعد القانون الدولي الإنساني للعمليات العسكرية، متمنيا من الخبراء في مجال القانون الدولي الإنساني بتكريس قواعده وترسيخ مبادئه وبناء مستقبل أفضل، حتى تنعم المنطقة في ظله بحماية قانونية وإنسانية ومواصلة الجهود في نشر الوعي القانوني والتسلح بالعلم والمعرفة وتبادل الخبرات.

دعامة رئيسة

من جانبه، أكد رئيس هيئة القضاء العسكري في وزارة الدفاع، العميد الركن الحقوقي عادل الجسمي، أهمية القانون الدولي الإنساني الذي يعد دعامة رئيسة من دعائم القانون الدولي العام ورعايته أثناء النزاعات، وصولا الى آفاق جديدة ترتقي بقواعده المسلحة برعاية دولية ملزمة الى العناية بالفرد كإنسان له كرامته، مضيفا أن الاجتماع التشاوري السنوي يكرس مفاهيم للتدريب وتعميق الدراسة والبحث لهذا الفرع المهم من القانون الدولي الإنساني.

ولفت الجسمي الى أن القيادة العسكرية حرصت على تطبيق القانون في كافة المجالات والأحوال، والحرص على تفعيل قواعده في السلم والحرب، حيث يعرف القانون الدولي حقوق الإنسان على انها مجموعة من الحريات الأساسية المتأصلة عند البشرية، ويمنع التصرف فيها وانتهاكها، مع ضرورة تطبيقها على الجميع، في ظل العدل والمواساة، أي أن كل إنسان يولد حرا متساويا مع غيره من الأفراد من حيث الكرامة والحقوق.

وقال إن القانون الدولي الإنساني يحظى بأهمية كبيرة تفرض ضرورة ملحة على الدول لتطبيقه، إذ يقر القانون الإنساني اتخاذ سلسلة من التدابير العملية والقانونية للحفاظ على حقوق الإنسان من خلال وضع تشريعات جزائية.

وذكر الجسمي أن مبدأ التناسب أحد مبادئ القانون الدولي الإنساني ويسعى إلى إقامة التوازن بين مصلحتين متعارضتين تتمثل الضرورة في ما تمليه مقتضيات الإنسانية حينما لا تكون هناك حقوق أو محظورات مطلقة، وهذه القاعدة تبدأ بالسلاح المشروع والإصابات المتوقعة، مقارنة مع قيمة الهدف العسكري.

وأوضح أنه نظرا لأهمية هذا القانون البالغة أثناء النزاعات المسلحة وكيفية تطبيقه في العمليات العسكرية، وتحديد الإطار القانون للعملية العسكرية ومساعدتهم على تحديد القانون الواجب التطبيق، والقدرة الكافية لتقديم الاستشارات القانونية للقادة أثناء العمليات العسكرية، إضافة إلى نشر القانون الدولي الإنساني في الجيش وتقديم المشورة للوحدات العسكرية، نسعى لإدماج مادة القانون الدولي الإنساني ضمن برامج التعليم على جميع المستويات، وذلك تنفيذا لأوامر القيادة العسكرية.

أزمات إنسانية

من جانبه، قال رئيس البعثة الإقليمية للجنة الدولية للصليب الأحمر فرع الكويت، يحيى عليبي، إن عقد هذا الاجتماع التشاوري الأول وفِي هذا الوقت يعد من الأهمية بمكان، نظير ما تشهده المنطقة العربية من أزمات إنسانية حادة سببها النزاعات المسلحة المستعرة في أكثر من مكان، مما نتج عنه تناسل المآسي الانسانية وازدياد حجمها.

وأضاف أن هذا ما دعا اللجنة، كمنظمة إنسانية مفوضة من المجتمع الدولي لحماية الكرامة الإنسانية وحماية الضحايا ومراقبة حسن الامتثال للقانون الدولي الإنساني، الى المبادرة بالتنسيق مع هيئة الأركان العامة، الى عقد هذا الاجتماع التشاوري لمناقشة كافة الوسائل والطرق والأساليب والأفكار التي تسهم فى تخفيف ويلات الحروب، وتعزيز قدر أكبر من الحماية والالتزام لنتبادل القانون الدولي الإنساني وفِي مقدمتها مبدأ التناسب الذي يعد أحد الدعائم القانونية وحجز الزاوية بالنسبة إلى سير العمليات العسكرية.