في الماضي كان يقال إن التاريخ لا يعيد نفسه، ولكن ثبت أن وقائعه تتشابه في الكثير من الأحيان، ويلجأ العديد من خبراء السوق الى استخدام التناظر التاريخي على شكل جزء من أدوات التحليل، وهم يعملون وفقاً للنظرية التي تقول إن النماذج المتشابهة تميل الى توليد نتائج متماثلة.

ويقضي أحد تحليلات السوق بأن تتمكن من تحديد النقاط المهمة في الارتفاع والهبوط مع درجة معقولة من اليقين. ولهذه الغاية، ستتمثل الخطوة الأولى في معرفة الميزات التي تميزت بها حالات بلوغ الأسواق حدها الأقصى في الماضي بشكل محدد.

Ad

هل يمكن حقا تحديد مجموعة العناصر التي ميزت الارتفاع والهبوط التاريخي؟ لقد قررت أن ألقي نظرة، وأنا خبير استراتيجي يكتب زاوية في وكالة بلومبرغ في صفحات "ماكرون مان" التي استعرضت فيها بعض حقائق السوق من أجل معرفة ما اذا كانت المعلومات تدعمها – أم لا.

كيف يجب أن نعين بصورة محددة ارتفاع وهبوط السوق؟ من خلال تحليلي للمسار الماضي قمت بتعريف الارتفاع والهبوط على شكل ذروة تمثل ارتفاع السعر الى حده الأقصى خلال الأشهر الستة التي سبقت، وتلك التي أعقبت الملاحظة والمراقبة.

وهكذا ومن خلال النظر الى مؤشر يورو ستوكس 50 في الفترة ما بين 2014 و2016 –على سبيل المثال– تمكنت من رؤية هبوط في أكتوبر 2014 وفبراير 2016 مع ارتفاع حاد في أبريل 2015. والحد الأدنى الذي تحقق في يونيو 2016 بعد نتيجة تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وذلك لم يكن انخفاضا الى الحد الأقصى لأنه حدث على مدى 6 أشهر من سعر أدنى.

وفيما لدى كل شخص مؤشره الفني المفضل لتحديد ذروة السوق فإن عددا من العوامل تطرح في أغلب الأحيان للتدليل على الارتفاع والهبوط، وفيما يلي العوامل الأربعة التي استعرضتها لهذا الغرض:

اختلاف السعر

يصل السعر عادة الى مستوى أقصى جديد، لكن تذبذب حركة السهم التي يعكسها مؤشر القوة النسبية لا يدل على ذلك –وهذا المؤشر هو أحد أكثر المؤشرات الفنية استخداما– وهو يقارن بين حجم الارتفاع والهبوط خلال فترة محددة، وتتحرك قيمة المؤشر بين 0 و100، وقمت بمقارنة الـ14 يوما من مؤشر القوة النسبية في اليوم الذي وصل فيه السعر الى حده الأقصى في الارتفاع والهبوط خلال العشرين يوماً من التداولات السابقة.

حجم التداول

يعتقد في أغلب الأحيان أن حجم التداول يقل بعد ارتفاع السوق، حيث يبدأ المستثمرون الخروج. وعلى العكس من ذلك، تشير الحكمة التقليدية الى أن الهبوط يترافق مع زيادة تدريجية في البيع، وتبدأ الأسواق بعد ذلك الارتفاع بحجم تداول أقل.

وقد قارنت الحجم اليومي في يوم بلوغ السوق حده الأقصى مع معدله في الأسبوع والشهر والستة أشهر السابقة، كما قارنت أيضاً الحجم في الأسبوع الذي سبق الحد الأقصى مع الأسبوع الذي تلاه.

رفض السعر

إن رفض الاتجاه السائد –مثل ذلك الذي يحدث عند القمة– على سبيل المثال يحدث عندما يصل السوق الى ارتفاع جديد، ثم يغلق على انخفاض في ذلك اليوم، وقمت بقياس حركة متوسط السوق في أيام الارتفاع والهبوط.

التقلبات

نحن نظن في العادة أن الارتفاع يحدث خلال فترات الاطمئنان، وأن الهبوط ينجم عن الهلع، وهكذا قمت بعملية تحقق لمعرفة ما اذا كان التقلب الذي تحقق كان متدنيا بصورة غير عادية قبل ارتفاع السوق، ثم تحسن قبل أن يهبط، من خلال مقارنة التقلب المتحقق في الأسبوعين السابقين مع الأشهر الثلاثة السابقة.

الارتفاع والهبوط اليومي لدى بلومبرغ

معلومات السعر المستخدمة تبدأ في سنة 1982، أما أرقام حجم التداول اليومية فبدأت منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي. وعبر استخدام تلك المعلومات حددت بلوغ السوق حدوده القصوى في سبعة مؤشرات أسهم رئيسية هي: ستة من الأسواق المتقدمة – ستاندرد آند بورز 500 وناسداك ونيكاي 225 وداكس ويورو ستوكس 50 واف تي اس اي 250 – وواحد من الأسواق الناشئة هو شنغهاي كومبوسيت.

وهكذا، هل هناك ثمة اتجاه واضح لبلوغ الأسواق حدها الأقصى؟ نوعا ما، تميل الأسواق بوضوح الى أنواع معينة من السلوك ازاء الارتفاع والهبوط، لكن النموذج يبعد عن التحقق الدائم. وربما أن الاستنتاجين الأكثر وضوحاً في هذه الدراسة هما أن الهبوط يتبع سلوكا أكثر استقرارا من الارتفاع، أما الثاني فهو أن سوق الأسهم في الصين لا يشبه أيا من الأسواق المتقدمة في الدراسة.

لنلق نظرة أولا على محصلة النتائج عبر مؤشراتنا المتعددة للأسهم، والسؤال هو ماذا تعنيه هذه المحصلة كلها؟

التباين السلبي

يميل كل سوق إلى إظهار بعض التباينات السلبية في زخم الحركة، ويكون مؤشر القوة النسبية في يوم بلوغ السوق ذروة ارتفاعه الأعلى أدنى من مستوى الذروة في الـ20 يوما السابقة في كل واحد من الأسواق التي شملتها الدراسة.

حجم التداول

يكون حجم التداول في يوم الارتفاع الأعلى بشكل وسطي أعلى من الحجم الذي سجل في الأسبوع والشهر والستة أشهر السابقة، وتميل الأسواق الغربية إلى زيادة الحجم بعد ذلك، واللافت أن السوق الصيني على خلاف ذلك إذ يتراجع حجم التداول بصورة جوهرية بعد الوصول الى الذروة.

رفض السعر

لا تظهر معظم الأسواق ميلا الى رفض ارتفاع السعر عندما تصل الى الحد الأعلى، لأن المؤشرات تتحسن بشكل متوسط في يوم تشكل الحد الأعلى، ومن جديد تمثل الصين استثناء لافتا، حيث يميل السعر الى الانخفاض بعد تحقيق الحد الأعلى.

التقلبات

يميل الحجم حقاً الى أن يكون أدنى من المعتاد على الفور قبل بلوغ الحد الأعلى على الرغم من أن التأثير كان أقل في الصين من أي مكان آخر.

التباين الايجابي

كل سوق قمت بفحصه كان لديه مؤشر قوة نسبية أعلى في يوم الهبوط بقدر أكبر من العشرين يوما السابقة، وهكذا يبدو أن اختلاف الزخم قد يكون مؤشرا مفيدا لبلوغ السوق حده الأقصى.

حجم التداول

يبدو كما لو أن الازدياد التدريجي في حجم التداول هو مؤشر على الاقتراب من الهبوط في معظم الأسواق، وتشكل الصين استثناء طفيفاً حيث يتشكل الهبوط وسط حجم تداول غير لافت وفقاً لمقاييس الأشهر الستة السابقة.

والمحير أن المستثمرين الصينيين يقبلون على الشراء مباشرة بعد تشكل الهبوط، بينما يكون الحجم في الأسواق الاخرى مشابها الى حد كبير للأسبوع الذي شهد الانخفاض.

رفض السعر

يوجد دليل بسيط على أن الهبوط يتشكل عندما تهبط الأسهم الى مستوى جديد، ثم تغلق مرتفعة في ذلك اليوم، وبينما ينسحب ذلك على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وسوق شنغهاي (بشكل وسطي) فإن عدة مؤشرات أخرى تميل الى التعرض لخسائر كبيرة في يوم تشكل الحد الأدنى.

التقلبات

يتعين أن تكون مفاجأة طفيفة نسبيا أن التقلبات المحققة تميل الى الارتفاع عند هبوط الأسواق.

إن هذه نتائج مثيرة للاهتمام، لكن واحدة من المشاكل في استخدام المتوسطات في عينة صغيرة نسبيا، تتمثل في أن النقاط المتطرفة قد تشوه النتائج. ولنلق نظرة على نسبة نجاح لكل مؤشر، والتي تكون بصورة عامة أفضل، فهي تشير الى أن هذه المقاييس أبعد من أن تكون مؤشرات محصنة من الفشل، وهي تبدو أنها تعمل بصورة عامة بشكل أفضل في الهبوط وليس الارتفاع.

وعندما يتعلق الأمر بصنع الحد الأقصى في الأسواق فإن من الواضح أن التاريخ لا يعيد نفسه، وفيما يتطابق ذلك في أغلب الأحيان توجد مناسبات كثيرة يختلف فيها سلوك السوق عن القاعدة والمعيار، ومن سوء الحظ أن دافع الارتفاع والهبوط سوف تظل محيرة في الوقت الراهن.