لا يبدأ الطفل بالسعي إلى الخروج من سجن الحبو ومحاولة الوقوف قبل شهره الثامن. إلا أن ثمة أطفالاً لا يشعرون بالحاجة إلى الوقوف على قدمَيهم قبل بلوغهم شهرهم الثامن عشر، أي بفارق 10 أشهر. ولا شك في أنك ستشعرين باستياء كبير حين ترين طفلك يحبو على سجادة غرفة الجلوس في حين أن طفل صديقتك يتنقل بسهولة هنا وهناك. ولكن عندما تكتشفين مقدار المهارات التي يتقنها الطفل قبل أن ينتقل من الحبو إلى المشي، يسهل عليك الاسترخاء ودعمه كي يمضي قدماً في مسيرة المشي الخاصة به. تشدِّد كارين: «لا شك في أنك ستُفاجئين حين تكتشفين مقدار المهارات التي عليه اكتسابها عندما يصبح مستعداً للتأرجح عبر الغرفة على قدمين».

تبدأ هذه المهارات بالنمو من اللحظة التي يولد فيها. ربما تخالين أن طفلك المولود حديثاً يمضي معظم وقته في النوم والرضاعة. لكن كل حركة يقدِم عليها تساعده في بناء عضلات عنقه وظهره. وهكذا يكتسب القوة الكافية ليثبت رأسه، مقاوماً تأثير الجاذبية. توضح كارين: «يشكّل التحكّم في الرأس أول خطوة يحققها الطفل على الدرب نحو المشي. وفي الأشهر التالية، ينشغل بتقوية عضلاته، وإدراكه المكاني، وتنسيق حركاته، وكل هذه مهارات يحتاج إليها ليمشي. يستغل الطفل الأوقات كافة التي يستطيع فيها التحرك بحرية من دون أن يقيده كرسيه المدولب أو كرسي السيارة لتطوير عضلاته ووعيه الحسي لأنه يحتاج إليهما ليمشي». حتى بعد اكتسابه المهارات الضرورية، لا يُعتبر الانتقال من الوقوف بكل بساطة على قدميه إلى المشي بطريقة متوازنة ومتناسقة مع البقاء منتصباً مهمة سهلة. نقدّم لك في هذا المقال لمحة شاملة عن المراحل التي يجتازها الطفل ليتقن فن المشي الصعب. لذلك استعدي لتدعميه في مسيرته نحو المشي بسرعة وسهولة.

Ad

النهوض

تذكر كارين: «يحدث الانتقال من الحبو إلى المشي عادةً على مرحلتين. ترين أولاً طفلك راكعاً على ركبتيه. يرفع يديه عن الأرض ويتوازن على ركبتيه، مستنداً غالباً إلى كنبة أو كرسي ثابت أو طاولة. يمكنك أن تساعديه في إتقان هذه الوضعية بوضع ألعابه على الكنبة كي يلعب بها. وعندما يصبح مستعداً، يحاول النهوض. وإذا لاحظت أنه يريد ذلك، فأبعدي اللعبة قليلاً وراقبي ما إذا كان ذلك يشجعه على النهوض».

عندما تلاحظين أن طفلك يحاول الوقوف منتصباً، من السهل أن تفقدي صبرك بانتظار تلك الخطوات الأولى. لكنه سيأخذ الوقت الذي يحتاج إليه. كي يتمكن من النهوض على قدميه، يجب أن يتقن التحكم في رأسه. كذلك يحتاج إلى تقوية عضلات الجذع كي يتمكن من حمل وزن جسمه وينجح في الحفاظ على ثباته عندما ينهض. فالتوازن ضروري كي لا يسقط أثناء النهوض. لكن أكبر تحدٍ في هذه المرحلة يبقى على الأرجح الثقة في النفس. قد يبدو النهوض أمراً بديهياً بالنسبة إلينا، إلا أنه في الواقع مهارة اضطررنا جميعنا إلى تعلّمها. «وتعتمد هذه الثقة في جزء منها على طبع الطفل. يكون بعض الأطفال أكثر استعداداً لخوض أوضاع جديدة، مقارنة بغيرهم. لذلك إذا كان صغيرك حذراً بطبيعته، فقد يستغرق وقتاً أطول للنهوض على قدميه من طفل أكثر جرأة».

3 سبل للمساعدة

احرصي على أن يسقطه على أرضية لينة:

تنصح كارين: «الوقوق على أرض زلقة أكثر صعوبة من الوقوف على سجادة. لذلك إذا كانت أرضية منزلك من الخشب أو البلاط، فغطيها بسجادة متداخلة من الإسفنج. وهكذا تؤمنين لطفلك سطحاً ليناً وأكثر تماسكاً لقدميه. وتحدين من الألم الذي يشعر به عندما يسقط».

رني جرساً فوق رأسه:

«يشجّعه ذلك على النظر في اتجاه الصوت ومحاولة إمساك الجرس. ولا شك في أن هذه الرغبة تسهم في تحفيز العضلات التي يحتاج إليها للوقوف. وعندما يصبح مستعداً جسدياً، يمنحه هذا الجرس التصميم الذي يحتاج إليه لمحاولة الوقوف»، وفق كارين.

العبي معه «رأس وكتفان وركبتان وأصابع»:

تقول كارين: «عندما ينهض الطفل على قدميه، عليه أن يعتاد الإحساس بالوقوف. لذلك إذا لعبت وتحدثت إليه وهو واقف، تمنحينه حافزاً أكبر للبقاء منتصباً. وبينما تغنين «رأس، كتفان، ركبتان، وأصابع»، قومي بالحركات المطلوبة. وسيحاول طفلك تقليدك، متدرباً على التوازن والتنسيق».

التنقل ممسكاً بالأثاث

يقف طفلك اليوم عمودياً بعدما أمضى حياته حتى اليوم في وضعية أفقية. ولا شك في أن هذا يبدّل فعلياً نظرته إلى العالم. عليه أن يتعلّم الآن استخدام جسمه بطريقة مختلفة تماماً في هذه الوضعية. ولا عجب في أن يحتاج إلى بعض الوقت ليبني الثقة الضرورية ليحاول.

تذكر كارين: «يرتبط انتقال الطفل من الوقوف إلى الإقدام على خطوات صغيرة وهو يمسك بالكنبة أو بيدك بالثقة بالنفس، فضلاً عن القوة والتوازن. يلزم أن يدرك أن عليه رفع قدمه ودفعها إلى الأمام وإنزالها ثم إلقاء وزنه عليها ليرفع بعد ذلك القدم الثانية وموازنة جسمه على الجهة الأخرى. يتطلب هذا كله مهارة كبيرة. ولا شك في أن هذه خطوة كبيرة لشخص صغير». لذلك احرصي على أن يحظى طفلك بالوقت الكافي ليتمرن. شجّعي جهوده وساعديه على ضبط استيائه الذي يشكّل جزءاً لا يتجزأ من عملية تعلّم مهارة جديدة. امنحيه الوقت وشجّعيه، ومن المؤكد أنه سينجح.

3 حيل يمكنك تطبيقها

أمسكيه من الوركين:

«خلال مرحلة المشي الباكرة هذه، حاولي أن تقللي من الوقت الذي تمضينه وأنت تمسكين بيد طفلك أثناء مشيه. عندما تقومين بذلك، تحملين الكثير من وزنه وتعلمينه التوازن عبر يديه بدل جذعه وساقيه. إذا رغبت في دعمه، فاجثي وسيري على ركبتيك فيما تمسكين بوركيه برفق»، حسبما تنصح كارين.

زوديه بما يمكنه الاستناد إليه:

تضيف كارين: «عندما يبدأ الطفل بالتنقل وهو يتمسك بالأثاث، يحتاج إلى الثقة أكثر من أي أمر آخر. سهّلي عليه مهمة اتخاذ بضع خطوات وحده بتوزيع الأثاث بطريقة تتيح له الإمساك بشيء ثقيل وثابت على بعد خطوة من الكنبة. وهكذا لا يُضطر إلى الاندفاع بسرعة عبر مساحة واسعة من الغرفة، بل يرى شيئاً قريباً يستطيع التمسك به».

انسي مشاية الأطفال:

توصي كارين: «لا تساعد مشاية الأطفال صغيرك على المشي. تجعل هذه المشاية الطفل يندفع إلى الأمام على أصابع قدميه وتشد عضلات ساقيه من دون أن تسهم في بناء عضلات بطنه وردفيه. انتظري إلى أن يبدأ بالتنقل وهو يمسك بالأثاث، ثم قدمي له مشاية يدفعها أمامه لا يجلس فيها».

المشي بخطوات واسعة

بدأ طفلك يغامر ويسير من الكرسي إلى الكنبة. ربما تسارعين إلى الحؤول دون سقوطه. ولكن لا تفعلي. تؤكد كارين: «السقوط بالغ الأهمية. كلما سقط الطفل، تعلّم التوازن وكم يستطيع أن يضغط على نفسه وما هي حدود جسمه». وكي ينتقل من السير متمسكاً بالأثاث إلى المشي، عليه أن يبني ثقته في نفسه، ويعزِّز تناسق حركاته، ويزيد قوته قليلاً. كذلك يحتاج إلى تحسين إدراكه المكاني كي يفهم موضع جسمه بالنسبة إلى الأشياء الأخرى في الغرفة التي قد تجعله يتعثر. إذاً، يشكّل السقوط جزءاً لا يتجزأ من عملية التعلّم: تُظهر البحوث أن الأطفال يسقطون نحو 17 مرة في الساعة كمعدل أثناء تعلمهم المشي.

لذلك توصي كارين: «قدّمي له مساحة آمنة لينة يمكنه السقوط عليها، ثم اتركيه ليمضي قدماً في عمليه استكشافه الجسدي». مثلاً، شقي أسطوانة الطفو الإسفنجية (pool noodle) في الوسط ولفيها حول حافة طاولة القهوة وغطي أية زوايا حادة أخرى بمواد عزل الأنابيب. كدسي أيضاً الوسادات على الموقد وأزيلي أي أغراض قد يتعثر بها من أمامه.

3 نصائح مفيدة

انفخي الفقاعات من حوله:

توضح كارين: «كي يسير طفلك من دون أية مساعدة، يحتاج إلى أن يثق في أنه يستطيع التحرك ورفع طرفيه. ومن الطرائق السهلة لتدريبه على ذلك نفخ فقاعات قربه. سيتحرك الطفل لمشاهدتها وسيحاول الإمساك بها ولمسها، ما يسهم هذا في بناء ثقته بنفسه ويساعده في تعزيز ثباته ويشجّعه على التحرك».

العبي معه على سجادة موسيقية:

«تشكل السجادات المسطحة التي تعزف أنغاماً مختلفة بينما يسير عليها طفلك وسيلة ممتازة في هذه المرحلة كي تشجعيه على التحرك»، وفق كارين. يعشق الأطفال استكشاف هذه السجادات، فضلاً عن أن جاذب الموسيقى يدفعهم إلى مواصلة التحرك.

دعيه يرتاح:

تشدِّد كارين: «يحتاج المشي إلى طاقة كبيرة عندما تبدأ بتعلمه. يبذل طفلك جهداً جسدياً كبيراً ويفكّر كثيراً في التطورات التي تشهدها حياته. لذلك دعيه يمشي عندما يرغب في ذلك. واسمحي له بالتوقف ساعة يشاء». اكتشف باحثون في جامعة نيويورك أن الطفل عندما يبدأ بتعلّم المشي يسير غالباً في اليوم الأول ويرغب في الاستراحة في اليوم التالي. وقد يرفض السير مطلقاً. حتى لو اقتصرت حركته على فواصل قصيرة من النشاط، يبذل صغيرك جهداً كبيراً ويقوم بخطوات كثيرة: يسير الولد الصغير 2368 خطوة في الساعة كمعدل.