عندما كنت أتزلج على الجبل الجليدي في مول الإمارات الذي يقع في شبة الجزيرة ذات درجة الحرارة التي تفوق الأربعين! خطر ببالي أن أكتب مقالة دافئة المشاعر عن الإمارات، فإننا، الكويتيين، أوردة قلوبنا مغزولة بشرايين الإماراتيين، وتلافيف ذواتنا ستظل مجدولةً بعضها ببعض أبداً، فنحن أكثر من إخوة وأعمق من أصدقاء، لأننا أخلاء في السراء والضراء، ولكن لأن فكرة مقالتي كانت عاطفية، فقد سوّفت كتابتها، لأنني كنت أخاف أن أوصم بأنني كاتب يكرر المخزون الصحافي العام.

ولكن بعد الأزمة القطرية، التي قررت أن أحبس عن فتنتها حبري، استشرى الإعلام المغرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ليزيد التوتر بين أبناء مجلس التعاون الخليجي، ويشيع التراشق بالاتهامات وقذف الأعراض، وعلى رأس هذا الإعلام الشيطاني والسرطاني "تويتر"، فوجدت أن كتابة مقالي الأخوي أصبحت واجباً، ولكنني سأمتنع عن توضيح الواضح، وهو محبتنا الأصيلة لأبناء زايد، لأعبر عن نظرة الكويتيين الخاصة للوضع الإماراتي، كما نرى في دواويننا ومجالسنا.

Ad

"سبقونا بكل شيء!" هذه العبارة هي التي أصبحت فاتحة كل حديث نأتي فيه بسيرة الإمارات، ففي هذا الحين الإماراتيون يقصدون المريخ بوكالتهم الفضائية ذات المشاريع المتوائمة مع خطة الإمارات ٢٠٢٢، لكي يبهجوا شعبهم بتعيين معالي الوزيرة عهود خلفان الرومي، وزيرة للسعادة ! بل دخلت ابنتهم شما المزروعي موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأصغر وزيرة في العالم، حينما عينت وزيرة لشؤون الشباب في سن ٢٢ سنة، وأصبحت دبي مضرب المثل في السياحة حول العالم، لأنها جعلت تصاميم عمرانها تقف حيث ينقطع حدود الخيال، وبسبب سلاسة تعاملهم مع الجميع، أمست الإمارات مقصد المستثمرين والتجار حول العالم، الهاربين من البيروقراطية.

أما في التعليم، فيأتي مشروع "محمد بن راشد للتعلم الذكي"، لتوظيف التكنولوجيا لنقل التعليم من الأساليب القديمة إلى رقي التقدم، باستخدام الألواح الذكية والذاكرة السحابية (الرقمية)، كما أن تقدم العنصر النسائي في التعليم والثقافة له آثاره الواقعية من الممارسات الطبية إلى ميادين القتال في الطيران. ومن إفرازات التعليم الناجح جاءت فاطمة الكعبي؛ أصغر مخترعة، ذات الاختراعات العديدة، والتي ذكرت في مقابلتها أن أول من شجعها كان الشيخة جواهر بنت محمد القاسم، حرم حاكم الشارقة.

اقتصاديا، لم يجعلوا اختلاف الأعراق واللغات والديانات عائقاً أمام استمرار صعود اقتصادهم الذي وصفه الكثير منا في سنة 2000 بأنه مجرد فقاعة جاهزة للفرقعة، لأنه لم يتدرج ببطء، فسرعة نجاحات العقارات وفوران الأسهم صعقت الجميع، وكانت تبدو حالة دبي في أوائل 2000 مربكة للناظرين، ولكن الإمارات لم تسمح لاتزان عجلة قفزاتها السريعة أن يتخلخل، بل غدت تزداد سرعة واتزانا، وحتى في الترفيه غلبتنا "أم خماس" بتصميم الغرافيكس لشكل شخصيات المسلسل الثلاثي الأبعاد، فما موقفنا إزاء كل ذلكم بالكويت؟

كلنا في مركب خليجي واحد، وتطور أحدنا نجاح لنا كلنا، سأكتفي بقول إن الإمارات رفعت سقف السباق الأخوي بشراسة غير معهودة، ومن هذا المنبر أحذر أعضاء مجلس الأمة الكويتي بأننا إن لم نتأسَ بكثير مما تنجزه الإمارات الشقيقة فسينطبق علينا ما قاله الإمام الأوزاعي، رحمه الله، "إذا أراد الله بقوم شراً ألزمهم الجدل ومنعهم العمل".