حصل الأبيراتيرون أسيتات (Zytiga) عام 2011 على موافقة السلطات المعنية لاستخدامه كعلاج لسرطان البروستات النقيلي. اعتاد المرضى تناوله مع البريدنيزون بغية الحد من خطر تأثيراته الجانبية في الجهاز الهضمي. لكنه يبقى راهناً العلاج المعتمد لمداواة سرطان البروستات النقيلي المقاوم للإخصاء.

ولكن لما كانت كلفة جرعة Zytiga الموصى بها لشهر تتراوح بين 8 آلاف و11 ألف دولار، فإنه يُعتبر دواءً باهظ الثمن. يأخذ مرضى كثيرون يعانون سرطان البروستات Zytiga سنتين أو ثلاث سنوات، ما يعني أن كلفة علاجهم تصل إلى مئات آلاف الدولارات.

يوصي الأطباء المرضى راهناً بأخذ أربع حبات من Zytiga بعيار 250 مليغراماً عندما يستيقظون. ولكن عليهم ألا يتناولوا أي طعام ليلاً أو صباحاً وأن يمتنعوا عن الأكل مدة لا تقل عن ساعة بعد أخذ الدواء.

Ad

يوضح راسل سزموليتويتز، بروفسور مساعد متخصص في الطب في جامعة شيكاغو بإيلينوي وباحث شارك في وضع تقرير الدراسة: «لا يُعتبر هذا البرنامج غير ملائم للمريض فحسب، بل يشكّل أيضاً مصدراً للهدر من نواحٍ عدة».

فاعل إنما مكلف

هللت مراجعة حديثة لدواء Zytiga في مجلة نيو إنغلاند للطب لهذا العلاج، معتبرةً إياه «المعيار الجديد لمعالجة الأمراض النقيلية». إلا أن معدّي المقال حذروا أيضاً من أن «مدة العلاج وكلفته قد تؤثران في عملية اتخاذ القرارات السريرية».

يعتقد زميل البروفسور سزموليتويتز، البروفسور مارك راتاين الذي يدير مركز علم العلاجات الشخصية في كلية الطب في جامعة شيكاغو، أن كلفة هذا العلاج التي تبلغ 10 آلاف دولار شهرياً تشكّل «مثالاً نموذجياً لما ندعوه اليوم «السمية المالية».

يضيف البروفسور راتاين: «يُهدر ما لا يقل عن ثلاثة أرباع هذا الدواء الباهظ الثمن. يخرج مع فضلات الجسم وينتهي به المطاف إلى أقنية الصرف الصحي».

صمم البروفسوران سزموليتويتز وراتاين تجربتهما السريرية العشوائية بغية التحقق مما إذا كانت تتوافر طريقة أكثر فاعلية وأقل كلفة لاستخدام Zytiga.

سبق أن اكتشف الباحثان أن Zytiga يتمتع «بتأثير أكبر مع الطعام»، مقارنةً بأي علاج آخر في الأسواق. ويعني هذا أن من الممكن مضاعفة مقدار الدواء الذي يمتصه الجسم ويدخل إلى مجرى دم المريض إذا أُخذ مع وجبة ملائمة.

في حالة Zytiga، يعني هذا الأمر أن جسم المريض يمتص مقداراً أكبر من الدواء بنحو أربعة إلى خمسة أضعاف، إذا أُخذ مع وجبة تحتوي على 300 سعرة حرارية، مقارنةً بتناوله من دون أي طعام كما يوصي الأطباء راهناً.

أما إذا أخذ المريض Zytiga مع وجبة تضم 825 سعرة حرارية، فيرتفع امتصاصه بنحو 10 أضعاف.

الجرعة الأدنى مع طعام تقدم الفاعلية ذاتها

في الدراسة، استعان فريق البحث باثنين وسبعين رجلاً يعانون سرطان البروستات في مرحلة متقدمة. تناول نصفهم ألف مليغرام من Zytiga على شكل أربع حبوب كل صباح أخذوها من دون أي طعام، ملتزمين بالتوصيات السريرية الحالية.

أما المشاركون المتبقون، فتناولوا 250 مليغراماً فقط من Zytiga مع فطور قليل الدسم.

أظهرت النتائج أن المشاركين الذين أخذوا جرعة أقل من Zytiga مع فطور قليل الدسم تمتعوا بنتائج مماثلة كما المجموعة التي تناولت الجرعة الموصى بها. إذاً، يبدو أن Zytiga عمل على ضبط الأعراض بالفاعلية ذاتها في المجموعتين.

بالإضافة إلى ذلك، أفاد المشاركون في المجموعتين عن فترات متطابقة عاشوا فيها من دون أن يختبروا أي تقدّم في المرض: 8.6 أشهر تقريباً. كذلك قاس الباحثون مدى خفض Zytiga معدلات المستضد البروستاتي النوعي (PSA)، الذي يُعتبر مؤشراً إلى سرطان البروستات.

اكتشف الباحثون أن المشاركين في مجموعة الجرعة المنخفضة عانوا تراجعاً أكبر بقليل في معدلات هذا المستضد، مقارنةً بمجموعة الجرعة الموصى بها.

لما كان تأثير الدواء لم يختلف بين المجموعتين في الدراسة، فيعتقد الباحثون أن تناول جرعة أدنى من Zytiga مع الطعام أقل كلفة وأكثر ملاءمة من دون التأثير سلباً في فوائد العلاج السريرية. فقد احتسب الفريق أن تناول Zytiga بهذه الطريقة قد يقلل الكلفة بنحو 300 ألف دولار لكل مريض.

يوضح البروفسور سزموليتويتز: «يتبع المرضى برنامجاً مبسطاً، ويحظون بسيطرة أكبر بقليل على حياتهم اليومية، ويتمتعون بالقدرة على تناول ما يحلوا لهم، فضلاً عن فرصة لتشاطر ما يوفرونه من كلفة مع شركات التأمين. إذاً، يشكّل تناول هذا الدواء من دون طعام مصدر هدر».

إذا تمكن باحثون راهناً من تأكيد نتائج هذا الفريق في دراسة أكبر مع نقاط نهاية سريرية أكثر متانة، يعتقد البروفسور سزموليتويتز أن البيانات «ستفرض عندئذٍ على مَن يصفون هذا العلاج، ويسددون تكاليفه، ويأخذونه إعادة النظر».

لا تنسَ أن ثمة حاجة راهناً إلى المزيد من الدراسات بغية التثبت من اكتشافات الدراسة. وإذا كنت تعاني سرطان البروستات، فعليك أن تستشير طبيبك قبل أن تدخل أي تعديلات إلى علاجك.