استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي وصل إلى واشنطن أمس، في زيارة هي الأولى له منذ تسلمه منصبه، وستستمر أسبوعين، وتتضمن جدول أعمال حافلا.

خلال استقباله في البيت الأبيض، أشاد ترامب بصداقته مع ولي العهد السعودي، مضيفا أن "قمة الرياض شهدت أروع الاجتماعات التي عقدتها"، وأن "العلاقات الأميركية - السعودية أفضل من أي وقت مضى".

Ad

وأشار الرئيس الأميركي الى "أننا نعمل مع السعودية بشكل جدي لوقف أي تمويل للإرهاب من أي جهة، واتفقنا على إنهاء العلاقة بين أي دولة والإرهاب"، مضيفا أنه سيقرر الشهر المقبل مصير الاتفاق النووي مع إيران.

وعرض ترامب خلال اللقاء لافتات تشرح صفقات الأسلحة والأنظمة العسكرية التي بيعت أخيراً للسعودية بقيمة تفوق الـ 25 مليار دولار.

من ناحيته، قال بن سلمان إن العلاقات بين البلدين قوية، وأضاف: "نحن أقدم الحلفاء... أكثر من 80 سنة، والعلاقات تشمل الجوانب الأمنية والاقتصادية". وأوضح أن العلاقات بين البلدين وفرت حوالي 4 ملايين وظيفة في أميركا، وكذلك في السعودية، إن بشكل مباشر أو غير مباشر. وقال إن هناك الكثير من الأشياء يمكن تحقيقها في المستقبل.

وأضاف: "نسعى إلى التعامل مع 200 مليار دولار من المشروعات المشتركة، وكذلك 400 مليار كانت في وقت سابق، حتى نتأكد أننا نتعامل بشكل جيد مع الأزمات التي تواجه بلدينا".

وأكد أنه "نفذنا 50 في المئة من اتفاقاتنا الاقتصادية مع أميركا".

وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس)، إن ولي العهد يرافقه في زيارته وفد رسمي من أبرز أعضائه وزير الخارجية عادل الجبير، ووزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح، ووزير المالية محمد الجدعان، ورئيس الاستخبارات العامة خالد الحميدان، ورئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول ركن فياض الرويلي.

وأضافت أن الزيارة ستشمل اجتماعات مع رجال أعمال، ورحلات إلى سبع مدن أميركية من بينها واشنطن ونيويورك وبوسطن ولوس انجلس وهيوستون وسان فرانسيسكو.

وزار الأمير الشاب الطموح بريطانيا في وقت سابق هذا الشهر في أول جولة خارجية له منذ صعوده في إطار مساعيه لإقناع الحلفاء الغربيين بأن الإصلاحات التي وصفها بأنها علاج بالصدمة جعلت بلاده، أكبر مصدر للنفط في العالم، مكانا أفضل للاستثمار ومجتمعا أكثر تسامحا.

وإلى جانب اجتماعه مع ترامب سيلتقي الأمير محمد مع مسؤولين كبار آخرين، بينهم نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية المعين الذي لم يتسلم مهامه بعد مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو.

كما سيلتقي ولي العهد أعضاء في «الكونغرس» من الحزبين الجمهوري والديمقراطي انتقد بعضهم السعودية.

العلاقات التجارية

والعلاقات التجارية حاضرة في الزيارة. وقال مسؤول «خلال وجود ولي العهد في واشنطن، سنعمل على اتفاقات تجارية بقيمة 35 مليار دولار للشركات الأميركية تدعم 120 ألف وظيفة في الولايات المتحدة».

وسيعقد ولي العهد اجتماعات مع زعماء في قطاعات التجارة والصناعة والترفيه بهدف اجتذاب استثمارات وتأييد سياسي. ومن المتوقع أن ينضم عشرات من الرؤساء التنفيذيين السعوديين إليه في مساعي خلق فرص الاستثمار في المملكة. وسيجتمع بن سلمان مع مسؤولين في شركات بقطاع النفط والغاز في هيوستون. ومن المنتظر أن يشهد توقيع مذكرات تفاهم بين بلاده وعدد من الشركات خلال جولته.

وسيعقد الأمير لقاءات في غوغل وأبل ولوكهيد مارتن. كما سيشارك في منتدى سعودي أميركي لرجال الأعمال في نيويورك، ويلتقي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وسيراقب المستثمرون أي زيارة لبورصة نيويورك بسبب الإدراج المحتمل المربح لنسبة تصل إلى خمسة في المئة من شركة أرامكو والمتوقع في وقت لاحق هذا العام.

الجبير وإيران

في هذه الأثناء، وصف وزير الخارجية السعودي أمس الأول الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية في عام 2015 بأنه «اتفاق معيب».

وانتقد الجبير، خلال مؤتمر صحافي في واشنطن، إيران بسبب ما تصفه المملكة منذ فترة طويلة بسلوكها المزعزع للاستقرار في المنطقة. وقال: «دعونا منذ سنوات إلى تبني سياسات أشد تجاه إيران». وأضاف «نبحث عن سبل يمكننا من خلالها التصدي لأنشطة إيران الشائنة في المنطقة»، منتقدا دعم طهران لجماعة الحوثي المسلحة في اليمن ودعمها للرئيس السوري بشار الأسد. ومن المرجح أن يكرر الأمير محمد لواشنطن موقف بلاده بأن إيران ينبغي ألا تكون محل ثقة بسبب برنامجها النووي.

وعن موقع الأزمة الخليجية على أجندة المباحثات، اعتبر الجبير أن أزمة قطر مسألة صغيرة في أجندة المباحثات لا تعطيها المملكة أهمية وحساسية القضايا الأخرى، معتبراً أن هناك ملفات أهم.

وبعد عشرة أشهر من آخر لقاء جرى وجها لوجه بين ترامب والأمير محمد في الرياض، يتوقع أن يعمق الرئيس البالغ من العمر 71 عاماً العلاقة الدافئة أصلا والودية مع ولي العهد 35 عاما.

ترامب و«النوروز»

وقبل ساعات من اللقاء، وجه الرئيس الأميركي تهنئة للإيرانيين بمناسبة الاحتفال بعيد النوروز، الذي يمثل بداية العام الفارسي الجديد، إلا أنه ضمن الرسالة هجوما عنيفا على النظام الإيراني، وذراعه العسكرية «الحرس الثوري».

ووصف ترامب «الحرس الثوري» بأنه «جيش معاد يروع ويسرق الشعب الإيراني لتمويل الإرهاب في الخارج».

وقال الرئيس في رسالته مساء أمس الأول إن «الإيرانيين اليوم يواجهون تحديا يسعى فيه القادة إلى تحقيق مساعيهم بدلاً من خدمة شعبهم».

وأضاف أن «الحرس الايراني أنفق منذ عام 2012 أكثر من 16 مليار دولار من الثروة الإيرانية لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد والجماعات المسلحة والإرهابية في سورية والعراق واليمن». واتهم ترامب «الحرس الثوري» بـ«توظيف الدعاية والرقابة لإخفاء حقيقة أن النظام الإيراني ينهب ثروة ايران وينتهك شعبها عبر قمع حقهم في التجمع السلمي ومنعهم من حرية الوصول إلى المعلومات».

وتابع انه «رغم الظلم الذي يواجهه الشعب الإيراني فإنهم يحاربون لاسترداد حقوقهم»، مؤكداً دعم واشنطن لهم في طموحاتهم للتواصل مع العالم، وأن تكون لديهم حكومة مسؤولة وخاضعة للمساءلة تخدم مصالحهم. وتعهد بـ«مواصلة مساءلة الحرس ونظام طهران عن شن هجمات إلكترونية في الخارج وقمع المواطنين الإيرانيين الذين يحتجون على اضطهاد حكومتهم في الداخل».