بعد الاطلاع على قانون حظر تعارض المصالح وجدت أنه قد شابته كثير من الأخطاء، وهذا كان متوقعا نتيجة للاستعجال غير المبرر في إقراره، حيث إن اللجنة التشريعية انتهت منه يوم الاثنين 5 مارس عصرا، ووزع التقرير بعدها في مساء ذلك اليوم، ثم صوت عليه المجلس بمداولتين في صباح اليوم التالي 6 مارس الجاري، في حين نصت اللائحة الداخلية للمجلس على أن تفصل أربعة أيّام بين المداولتين إلا في الحالات التي يقدرها المجلس وبأغلبية خاصة، حيث يمكن التصويت بمداولتين في يوم واحد، وسبب وضع هذه المدة بين المداولتين هو التأني في التشريع للإخوة الأعضاء للاطلاع والدراسة، كما يتم نشر الصيغة النهائية بعد المداولة الأولى ليطلع عليها المختصون وأصحاب الرأي ويتاح للجميع إبداء رأيهم فيها، وهذا الذي لم يحدث فخرج القانون قاصرا ومشوها.

ولا صحة لما صرح به أحد الأعضاء أنه يجب إعادة محاكمة القبيضة بعد صدور هذا القانون لأن القوانين الجزائية لا يجوز تطبيقها بأثر رجعي، وهذا أصل شرعي إسلامي قد أخذت به جميع دول العالم بما فيها الدستور الكويتي.

Ad

وأيضا لا يغلق هذا القانون الثغرة التشريعية المتعلقة بموضوع الإيداعات، كما صرح بذلك أحد النواب لأنه لا يحتوي على أي مادة تجرم تلقي النواب الهدايا والعطايا.

ومن الأخطاء أيضا أن القانون لم يضع نصوصا مبيَّنة لكل ما يتعلق بالإفصاح مثل كيفية إعلان الإفصاح؟ والتفاصيل والمعلومات المطلوبة في الإفصاح؟ وإلى من يقدم هذا الإفصاح؟ والمدد الزمنية المحددة له، وترك كل ذلك إلى اللائحة التنفيذية، مع أن الواجب أن ينص ذلك في القانون نفسه خصوصا أن المواد العقابية في القانون ترتب عقوبات على كل ما يتعلق بالإفصاح، وينص الدستور على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، أي بنص قانون وليس بلائحة تنفيذية تقبل الوضع والتعديل والتغيير من قبل السلطة التنفيذية.

وأما أكثر المواد غرابة فهي الفقرة الثانية من المادة الرابعة التي نصت على أن مجرد تملك الخاضع للقانون (الموظفين وفقاً للمادة 2) لأي حصة في شركة أو نشاط يتعامل ماليا مع الجهة التي يعمل فيها فإنه يعتبر في حالة تعارض مصالح وتعتبرها المادة جريمة فساد.

وسبب الاستغراب أن هذا النص ينطبق على الآلاف من موظفي الدولة الذين يملكون مثل غيرهم من الكويتيين حصصا متواضعة في البنوك والشركات المساهمة العامة والمقفلة وغيرها، ولما كانت هذه الشركات والمؤسسات تتعامل مع الوزارات بشكل طبيعي فإنه ووفقاً للقانون فإن هؤلاء الموظفين في حالة تعارض مصالح، وعليهم حسب المادة 5 إزالة هذا التعارض، إما بترك الوظيفة العامة أو التنازل عن الملكية، كما أن هذه الفقرة نصت على مجرد تملك الموظف ولم تحدد درجة هذا الموظف أو سلطتة الوظيفية أو قدرته على اتخاذ القرار وتحقيق المنفعة، ولم تبين الفقرة أيضا حجم الحصة المملوكة له أو لأقاربه في الجهات المختلفة، خصوصا أن القانون يمد الحظر إلى القرابة حتى الدرجة الرابعة والمصاهرة حتى الدرجة الثانية، مما يجعل تطبيق هذه المادة متعذرا أو مستحيلا أيضاً.

والسؤال يعود مرة أخرى، وهو لماذا هذا الاستعجال؟ وكم سيكلف إصلاحه من جهد ومال ووقت؟