عندما نتأمل فن الدبلوماسية الرفيع نلاحظ أن مسألة واحدة تُعتبر الأهم: الانسجام بين الرئيس ووزير خارجيته، لكن ترامب ووزير الخارجية ريكس تيلرسون افتقرا إلى هذا الانسجام؛ لذلك أُقيل تيلرسون من منصبه أخيراً.

اختلف الرئيس وتيلرسون حول قضايا شتى مما حال دون عملهما معاً، إذ أخبر الرئيس المراسلين: "ما كنا نفكّر بالطريقة عينها، نملك أسلوب تفكير مختلفاً وأفكاراً مغايرة".

Ad

يحتاج بومبيو إلى موافقة مجلس الشيوخ ليشغل منصب وزير الخارجية، فقبل رئاسته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، كان عضواً جمهورياً في كونغرس كنساس، وأعلن الرئيس أنه سيعيّن الدكتورة جينا هاسبيل، نائب بومبيو في وكالة الاستخبارات الأميركية، خلفاً له في إدارة هذه الوكالة.

تبدو خطوة إقالة تيلرسون منطقية، فمع العاصفة الدبلوماسية الوشيكة، يحتاج ترامب إلى الفريق المناسب ليوجهه عبر بعض التحديات الصعبة التي تكمن أمامه، ففي الأشهر القليلة المقبلة ستُضطر إدارة ترامب إلى معالجة بعض التحديات الأمنية الوطنية الكبيرة، ولعل الأكثر إلحاحاً بينها: كيف نتعاطى مع كوريا الشمالية؟

قرر الرئيس اتخاذ هذه الخطوة قبل القمة المقبلة المتوقعة بينه وبين الحاكم الكوري الشمالي المستبد كيم يونغ أون، حيث لا يستطيع الرئيس ترامب المشاركة في هذه القمة أو حتى الاستعداد لها من دون معاونين لا ينتمون إلى الصف الأول ويثق بهم فحسب، بل يكونون أيضاً على انسجام معه، وقد يوضح هذا بعض الأسباب التي فرضت اتخاذ هذه الخطوة والإقدام عليها اليوم.

خلال الأسابيع القليلة المقبلة ستشارك إدارة ترامب في لعبة مراهنة عالية المخاطر مع كوريا الشمالية تذكّر إلى حد كبير بالتفاعلات التي جرت في الكواليس خلال الحرب الباردة أو بعقد مؤتمرات القمة التي جمعت الولايات المتحدة بالصين وغيرها من القوى العظمى، فلا يمكن للمخاطر أن تكون أعلى.

من الضروري اتخاذ قرارات في مسائل مهمة: أين ستُعقد القمة المحتملة مع كوريا الشمالية؟ مَن سيرافق الرئيس في هذه الرحلة؟ ماذا سيحدث إذا أصرت كوريا الشمالية على مطالب مثل رفع العقوبات قبل عقد القمة؟ وهل تدعو الإدارة إلى وضع خريطة طريق للخطوات التي ستتخذها كوريا الشمالية بغية إزالة برنامجها للأسلحة النووية؟

تشمل الأسئلة الأخرى التي لا بد من الإجابة عنها: ماذا ستقدّم إدارة ترامب وحليفَا الولايات المتحدة كوريا الجنوبية واليابان لكوريا الشمالية إذا أعربت عن استعدادها لنزع أسلحتها النووية؟ هل تستأنف الولايات المتحدة وحليفاها، مثلاً، العلاقات الدبلوماسية مع الشمال؟ وهل نشهد توقيع معاهدة سلام؟

قد يعلل هذا على الأرجح تخلي ترامب عن تيلرسون، فعندما تجمع العدد الكبير من الأسئلة والسيناريوهات بشأن كوريا الشمالية إضافة إلى مسائل مثل إعادة التفاوض حيال اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، والصفقة النووية الإيرانية، وحل القضية السورية، وتحدي روسيا المعقد دوماً، تدرك أن الرئيس ترامب يحتاج إلى وزير خارجية يثق به، وبما أن الوضع لم يكن كذلك فقد آن الأوان لإقالة تيلرسون.

لكن الأكثر أهمية ما يحدث بعد هذه الخطوة، إذ تشهد إدارة ترامب الكثير من الاضطراب على أقل تقدير؛ لذلك على الرئيس التحرك بسرعة وإزالة أي مسؤول بارز يشعر أن من الضروري إقالته.

يبدو أن مستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر سيكون التالي على جدول الإقالات، ولكن مَن يدري ما قد يحدث بعد ذلك؟

* هاري ج. كازيانيس

* «فوكس نيوز»