في البداية أتقدم بأجمل التهاني لجامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب على نجاح حفل تكريم المتفوقين وإلى أبنائنا الطلاب والطالبات الذين تشرفوا بتكريم حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح.

أعود إلى مقال كتبته في عام 2016 وعما ورد في التقرير الثاني للجنة متابعة وثيقة الإجراءات الداعمة للمسار المالي والاقتصادي، التي دعت فيه إلى معالجة اختلالات مخرجات التعليم العالي في مد سوق العمل بقطاعيه الحكومي والخاص بالوظائف التي يحتاجها.

Ad

قضية مواءمة مخرجات التعليم مع احتياج سوق العمل تنبهت لها الأمم المتحدة، ففي أغسطس 2015 وافقت 193 دولة ومن بينها دولة الكويت على الأهداف السبعة عشر التي جاءت في وثيقة أهداف التنمية المستدامة، حيت أفردت المادة الرابعة "ضمان تعليم ذي جودة وشامل ومتساوٍ، وتعزيز فرص تعلم طوال العمر للجميع"، وكذلك نصت المادة الثامنة كضابط لها "تعزيز النمو الاقتصادي النامي والشامل والمستدام والتوظيف الكامل والمنتج بالإضافة إلى عمل لائق للجميع".

لم تعد المشكلة تنحصر في إيجاد مكان لخريجي الثانوية العامة لمواصلة تحصيلهم الدراسي على الرغم من فرضية تفاقمها بالعام الدراسي القادم ما لم تتدارك قيادات التعليم خطورة تركها دون إيجاد حلول وقتية ودائمة، تتحمل فيها المسؤولية مؤسسات التعليم مجتمعة، وأيضاً على الحكومة الإسراع في فتح أكثر من جامعة حكومية، كما ورد في خطتها التنموية.

أرجع إلى صلب الموضوع وإلى الحديث عن مستقبل الخريجين وعن فرص توظيفهم بعد أن غص ديوان الخدمة المدنية بمخرجات لم يعد بإمكانه توزيعها وتوظيفها بالشكل الصحيح، وإلى توصية مجلس الوزراء للمؤسسات التعليمية بإغلاق وفتح التخصصات والأقسام العلمية حسب حاجة سوق العمل.

هاتان التوصيتان لا أرى على الأرض أي تحرك جاد في تطبيقهما لأسباب كثيرة وفي مقدمتها عدم وجود سياسة عليا واضحة تسير عليها مؤسسات التعليم، كما أنها تتعارض مع فلسفة التعليم التي يفترض إتاحتها للجميع، وبحسب ميول ورغبة الطالب، لكن في الكويت يجب النظر إلى هذه الرغبات بطريقة مغايرة لأن الدولة ملزمة بتوفير الوظائف لمواطنيها كما نص على ذلك الدستور.

من هذا المنطلق توجيه مخرجات التعليم إلى حاجة الدولة يجب أن يؤخذ على محمل الجد نظراً لوجود حاجة واسعة للتخصصات المهنية وفي كل القطاعات، والتي يمكن شغلها بالعامل الكويتي متى ما توافر له الإرشاد الصحيح والتحفيز المناسب، ومتى ما فرضت الدولة على القطاع الخاص نظام التكويت واستطاعت مؤسسات التعليم مواكبة متطلبات سوق العمل.

الشعار الذي أتمنى أن أراه مرفوعا على مؤسسات التعليم "جودة في التعليم وفرصة وظيفية حقيقية لكل خريج"، فالوقت كالسيف ما يمضي منه لن يعود ما لم تضع الحكومة التعليم والاستثمار بالعنصر الوطني في مقدمة أولوياتها إن أرادت لعجلة التنمية الدوران.

ودمتم سالمين.