لو كان الرأي لي لكان عنوان المقال هو عنوان افتتاحية الجريدة أمس، نعم هذا هو العنوان، عندما ينتصر اليأس وتتسلل مفرداته إلى قاموس مفردات الناس يكون اليأس قد حقق أعظم انتصاراته، وهو التطبيع مع الواقع في دولة يحكمها الدستور والقانون، ويعلن معظم سكانها التزامهم بمنظومة طويلة عريضة من الأخلاقيات والقيم المستمدة من الدين.

هو أي الفساد يعيش بحرية بين نصوص قانون الجزاء، ومؤسسات ومرافق وظيفتها اكتشافه واقتلاعه؛ لأنه استطاع أن يقنع الناس بأن وجوده أمر طبيعي بهذا الحجم والشكل، وحتى لو تورم أكثر فلا بد من التهوين على النفس بجملة "خل يبوقون المهم خل يشتغلون"! ربما تصلح في دول نعرفها، ولكن من "رداة الحظ" جماعتنا فاشلون في الثانية وناجحون في الأولى.

Ad

الفساد لا يطبع مع أصحاب القرار فقط رغم أنهم حراس بوابات الكنز، ولكنه كريم باستيعاب الناس في عالمه ونقلهم للعيش في عالم مواز مزيف للفضيلة يجعل ارتكاب التعديات على المال العام والتكاسل عن أداء العمل ممارسة طبيعية في بيئة طبيعية!!

لقد انتصر اليأس وقومي لا يعلمون أن للفساد نقطة إذا بلغها المجتمع فلا عودة عنها لأن عملية الفناء النهائي تكون قد بدأت، ولن تستطيع أي قوة إيقافها حتى تنتهي من وظيفتها التي دونها التاريخ مرارا وتكرارا، حينها ستبعث من ركامنا أمة جديدة تأخذ مكاننا قد تكون أفضل منا وقد تسير في دربنا نفسه.

ختاماً هل وصل الفساد إلى نقطة اللا عودة؟ لا يزال عندي بعض الأمل وذرات من الحلم بأن هذه البلاد تصلح للمعالي.