لا شك أن قرار ترامب المشاركة في قمة مع الحاكم الكوري الشمالي المستبد كيم يونغ أون فكرة خطيرة، ولكن إذا نجحت وتمكن ترامب فعلاً في إطلاق عملية نزع الأسلحة النووية من كوريا الشمالية، يُعتبر عندئذٍ أكثر استحقاقاً لجائزة نوبل للسلام من الرئيس السابق أوباما، لكن احتمال حدوث ذلك شبه معدوم، مع أنه ليس مستحيلاً، والأرجح أن هذا المسعى سينتهي بكارثة دبلوماسية.

من المرجح أن تسقط عملية نزع الأسلحة النووية بسرعة عن الطاولة، ولكن من الممكن التوصل إلى نتيجة إيجابية إذا لجأت كوريا الشمالية إلى المناورة، فتراجعت عن نزع السلاح النووي، إلا أنها وافقت على وقف إلى أجل غير مسمى اختبارها وإنتاجها الصواريخ البالستية العابرة للقارات مقابل التخفيف من العقوبات، وإذا استطاع الرئيس تحقيق هذا القدر من النجاح، يكون رهانه مجدياً ولو إلى حين.

Ad

لكن الأكثر احتمالاً أن البيت الأبيض يوشك أن يقع في شرك اعتاد الكوريون الشماليون نصبه للرؤساء الأميركيين منذ تسعينيات القرن الماضي، فلا شك أن قمة تجمع وجهاً لوجه الرئيس الأميركي وأحد قادة العالم الأكثر غرابة وتهوراً ستشكّل مكافأة كبيرة لنظام لطالما انتقد الأنظمة المارقة والحكام المستبدين الآخرين لضعفهم في التعاطي مع الولايات المتحدة.

لن يضفي لقاء مماثل شرعية على نظام كيم فحسب، بل على أساليبه أيضاً، وكيفما صور البيت الأبيض هذه القمة، سيدعي الكوريون الشماليون أنهم حققوا انتصاراً كبيراً بإرغامهم ترامب الرضوخ لمشيئتهم.

لكن هذا لا يعني أن اللقاءات المباشرة فكرة سيئة، فالعقوبات بدأت تؤثر بعمق في كوريا الشمالية، ومن الواضح أن الصين سئمت من حليفها الغريب الأطوار، ورغم ذلك يجب أن تكون القمة مكافأة لأشهر أو حتى لسنوات من العمل الدؤوب والتقدم الفعلي، ويجب البدء باجتماعات على مستويات منخفضة والتقدم بعد ذلك إلى مستويات أرفع شأناً لنشهد أخيراً قمة بين رؤساء الدول.

بدلاً من ذلك نرى قراراً آخر يشكّل، على غرار الإعلان الأخير المتناقض عن الرسوم الجمركية، خطوةً متهورةً بالكامل من رئيس يبدو مستاء من مواصلة مستشاريه التأكيد له أن الدبلوماسية النووية أكثر تعقيداً من إدارة فندق أو ملعب غولف.

نظراً إلى سجل كوريا الشمالية، إليك ما يُعتبر حدوثه أكثر احتمالاً: سيلتقي كيم وترامب، وهكذا يحظى نظام كيم بساعات من التغطية التي نرى فيها رئيساً أميركياً يصافح "القائد الأعلى" الذي سيحكم كوريا الشمالية دوماً، وستنتشر هذه الصور حول العالم، وسيؤدي كيم دور المضيف اللبق وسيوافق على شتى المسائل، بما أنه يدرك أن هذا النوع من التملق سيكسبه فيضاً من الثناء من ترامب وربما يطلق محادثات متهورة بشأن رفع العقوبات.

بعد القمة ستعمل بيونغ يونغ بدأب على عقد المزيد من المفاوضات، وعندما تخفق تلك المحادثات، سيلقي كيم اللوم على ترامب، تاركاً الرئيس حائراً وغاضباً، وسيعود عندئذٍ ترامب إلى أسلوبه المهين، مما يمهد الدرب أمام كيم للتملص من أي اتفاقات أولية، وهكذا تنهار هذه المسألة برمتها، ونتيجة لذلك تكون كوريا الشمالية الرابح الوحيد: بدا رئيسها نداً لرئيس أميركي أُذل أمام حلفاء الولايات المتحدة وأُحرج أمام أعدائها، وسنشهد عقب ذلك الكشف عن صواريخ بالستية كورية شمالية عابرة للقارات، فاعلة، ومسلحة نووياً.

آمل أن أكون مخطئاً، ولا شك أن الحوار مع الكوريين الشماليين يشكّل فكرة أفضل من الحرب، وقد يفاجئنا ترامب وكيم ويبدآن عملية نزع الأسلحة النووية من كوريا الشمالية، ولكن ما زال من المبكر جداً التفكير في أي دعوات إلى أوسلو اليوم.

* توم نيكولز

* «يو إس إي توداي»