سيدي المرحوم...

كيف ما أنت عليه الآن؟

Ad

نفتقدك بالطبع، لكني متيقن أنك تفتقدنا أكثر، أتريد أن تعرف ما يجري لنا من بعدك؟!

أطمئنك يا سيدي، لم يتغير شيء يذكر سوى أن مؤسسة الحزن الكبرى قد زادت فروعها، وتشعبت أنشطتها، وغاصت جذورها أكثر في هذا الوطن المكروب ببعض أهله وساسته وشيوخه بكل أنواعهم.

وعلى صعيد متصل، أُعلمك أن الشعب كان قد انقسم في صراع مكرر معاد التدوير بين سلطة حمقاء ومعارضة أكثر حماقة، ويبدو حتى الآن أن الغلبة فيه ستكون للسلطة، كالعادة، رغم مكابرة خصومها، وهذا النوع من المعارك المنتصر فيه مهزوم كما تعلم.

كما لا يفوتني أن أخبرك بأن كارهيك مازالوا على عهدك بهم وأكثر... لموتك هالة، حتى هذه يحسدونك عليها، ومثلك لا يجهل من بكى عليه ممن تباكى، حين كنت تدافع عن الوطن في عز محنته كانوا يكرهونك، يحملون عليك، يغارون منك، أكثر حنقاً من أبناء وجهاء القبيلة على ابن عمهم الشجاع، وأشد غيرة من الأرستقراطيات العوانس من أختهم الجميلة، تناسوا أعداء الوطن وغاروا منك!

لا أذيع سراً إن قلت إنهم كانوا ومازالوا يلهجون بذكرك، بل أزيدك أن بعضهم قد صاروا بعد غيابك يستشهدون بأقوالك ويستذكرون مواقفك ولمحاتك، بعد أن كفروك وزندقوك وأخرجوك من الملة، وأنت بينهم، حاربوك حاضراً وتاجروا بك غائباً. لكني أقسم بربِّ مظفر ونزار وأبي نواس والمتنبي وربي وربك، وأنت تفهم ما أعني، لو عدت اليوم لتآمروا عليك وأعادوك من حيث أتيت.

ختاماً سيدي المرحوم، هذه أحوالنا اليوم من بعدك، فاعذرنا إن لم يُجدِ معنا تفاؤلك.