عندما يتصف البعض بأنه "حرامي" فسرعان ما يتبادر إلى الأذهان كلمة "السلوقي"، وهي كلمة دارجة لوصف بعض المرتدين عن الإصلاح، والذين يسلبون أموال الشعب عبر عدة منافذ يجدونها طريقا للكسب غير المشروع دون خوف من القانون الذي ضربوا به عرض الحائط أو مصلحة الوطن أو أموال الشعب.

وإحدى هذه النوافذ هي الجمعيات التعاونية التي أصبح بعضها وسيلة للكسب غير المشروع لبعض الفاسدين الذين يسعون إلى اختلاس أموال المساهمين الذين لا حول لهم ولا قوة، خصوصا في ظل غياب القرار في المحاسبة، والسؤالان اللذان يطرحان نفسيهما: هل لدى وزارة الشؤون حملات تفتيش مفاجئة على الجمعيات التعاونية للنظر عن قرب في الأوضاع المقلوبة؟ وهل تعتمد بمباركة بعض المتنفذين في الوزارة عبر تمرير بعض محاضر الاجتماعات التي نضع عليها علامات استفهام كبيرة؟

Ad

الكثير من الاستجوابات النيابية المقدمة ضد وزراء الشؤون كان مضمونها أو أحد محاورها الرئيسة فساد الجمعيات التعاونية والرقابة القاصرة وعدم وجود محاسبة فاعلة ضد أعضاء مجالس الإدارات المتجاوزين، وطبعا تعهدات الحكومة دائما يكون نصها واحدا: سنحاسب وسنحارب وسنتصدى وغيرها من المصطلحات التي تبدأ بحرف السين وتنتهي "بالطين" لأنها تتبخر بعد كل استجواب.

اليوم المسؤولية تقع أيضا على المساهمين الذين يفترض أن تكون لديهم المحاسبة الفعلية تجاه ما يحدث من تلاعب على حساب أموالهم، بل إحالة الفاسدين إلى النيابة بشكوى رسمية ضد هؤلاء ومن يحميهم ويساعدهم.

كما أن الأسئلة موجهة إلى هيئة مكافحة الفساد التي يفترض أن تكون لديها إجراءات فاعلة وفقا للقانون بمحاسبة كل من لم يتقدم بالكشف عن الذمة المالية: هل كشف جميع أعضاء مجالس إدارات الجمعيات التعاونية عن ذممهم المالية أم لا؟ وإذا لم يكشفوا عن ذممهم المالية فما الإجراءات المتخذة بهذا الشأن؟ وهل تمت إحالة أعضاء إلى النيابة العامة لم يكشفوا ذممهم المالية؟

إن استمرار التخبط في بعض الجمعيات التعاونية والقفز على القانون عبر "من صادها عشاها عياله" كارثة بحق أموال المساهمين الذين لا حول لهم ولا قوة، كما يجب على وزارة الشؤون التدقيق في بعض محاضر مجالس الإدارات، خصوصا المتعلقة ببعض الموافقات على ترسية بعض المناقصات حتى لو كانت بالمئات والآلاف، لأن البداية في شرعية الاختلاس من بعض الحرامية "والمشفح" تبدأ منها بحجة أن المبلغ "ما يسوى" وبسيط، ولكن هناك من يرسم على المبلغ الصغير ليتصاعد تدريجيا دون أن يشعر المساهم أو الجهة الرقابية بذلك.

إن خطورة الوضع في بعض التعاونيات لا تقل أهمية عن الاختلاسات الكبيرة، ورغم ذلك فإن السلطة التشريعية لم تعط هذا الأمر أهمية بإقرار قوانين حازمة وصارمة، فضلا عن السماح لديوان المحاسبة بتحديد أشخاص يراقبون ويتابعون ويدققون أولا بأول على حسابات ومناقصات الجمعيات التعاونية والشركات التي تدخل بضائعها، خصوصا أن رقابة الشؤون لا تزال قاصرة، حتى إن تم حل مجالس الإدارات فإن هناك مثالب قانونية في الإجراء و"لا طبنا ولا غدا الشر".

الأمر الآخر يجب فضح كل من تتسخ يده بسرقة أموال المساهمين أمام الملأ حتى يكون عبرة لغيره.

* آخر الكلام:

عندما يجتمع الحرامي والسلوقي "وأبو جغيرة" ستتولد قناعة تبديد أموال الشعب.