أخبرنا عن «نقطة نور» معرضك الأخير بقاعة الباب بدار الأوبرا المصرية.

حاولت من خلال معرضي إشاعة الأمل، وفيه شقان: الأول مرتبط بالحالة التي نعيشها في الفترات الأخيرة والمحبطات التي تحيط بنا من كل اتجاه، لا سيما أنني أميل إلى التفاؤل والمتعة في العمل الفني، من ثم أفكر في ما يمنحني إحساساً بأن الدنيا بخير وما زالت لدينا أمور جميلة لا بد من أن نكملها. أما الجانب الآخر فمرتبط بالتشكيل، وأن تكون فكرة الإضاءة واللون والحركة في معظم أعمالي جزءاً أساسياً يستفزني. وأقصد التحدي في أن يجمع العمل بين الجزأين المضيء والمظلم.

Ad

التيمة الشعبية

تتجلى الحياة الشعبية ثيمة أساسية في المعرض، فما سر ولعك بهذا الجانب؟

لأي موضوع أو عمل فني أساس، سواء في المعايشة أو التجربة التي يعيشها الفنان، من ثم تكون أعمال الأخير انعكاساً للخبرات لديه أو تلك التي تخرج من البيئة حيث يشعر بانتماء إليها، سواء إلى المكان أو الأشخاص. من ثم، ربما تكون البيئة أكثر عنصر ما زال يحمل جزءاً من الطابع المصري. وبطبيعة الحال، لا أعتبر أن عملي يخاطب فئة معينة بل يلمس مشاعر الطبقات كافة. من ثم، أختار الموضوع أو التناول الذي يتضمن قيماً تشكيلية، ويمكن أن يصل إلى المتلقي العادي.

هل جاءت سيطرة الألوان الدافئة في «نقطة نور» لتتواءم اللوحات مع طبيعة الموضوع الذي تطرحة، أم هي رغبتك الخاصة في التعامل مع تلك المجموعة اللونية الثرية؟

ثمة جانب شخصي وهو الثورة على العمل الفني، وكيف أقتحم المساحة بألوان تعبِّر عن الحالة في داخلي. من يعرف شخصيتي يعي أنني شخص هادئ أو غير متحدث، ولكن على اللوحة يظهر العكس تماماً. ليست لديَّ مشكلة في الرسم إزاء المتلقي العادي أو الفنانين، وأحياناً أتعامل مع اللون بدرجة تصل إلى التهور، فالألوان الساخنة أو التي تتضمن درجة من السطوع الشديد تحمل بالنسبة إليّ نوعاً من التحدي، بمعنى هل أستطيع

أن أسيطر عليها أم لا؟ وكيف يحدث ذلك من دون أن يفقد العمل قيمته الفنية ؟

غلبت الأحجام الكبيرة على معظم الأعمال، فهل يرجع ذلك إلى تفضيلك لها أم أن الفكرة تفرض القالب أو الحجم؟

قد تتسبب اللوحة الصغيرة بمشكلة لي، فيما تمنحني المساحة الكبيرة الفرصة للتحرك بحرية أكبر، لذا أميل إلى التعامل مع الحجم الكبير.

السيرة النبوية

تملك تجربة فريدة في تقديم السيرة النبوية بمعارض عدة ربما كان آخرها في الكويت منذ أشهر. حدثنا عن هذا المشروع.

السيرة النبوية مشروع حياتي. أردت أن أقدِّمها في أعمال تصوير توثق جزءاً من الأحداث، إذ إن من الصعب أن يقدِّم فنان السيرة كاملة. قسّمت المراحل بداية من عام الفيل، عام مولد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وأخذت أعمالاً بشكل منفصل متصل، بمعنى أنها كلها مشروع بانورامي واحد، ولكن كل لوحة تعطي حدثاً طبقاً للترتيب الزمني في أحداث السيرة.

ماذا عن رد الفعل في الكويت إزاء عرض جزء من مشروعك عن السيرة النبوية هناك؟

كان لي الحظ أن سافرت إلى الكويت مرات عدة، ودعيت إلى الحضور بمعرض «السيرة النبوية» من المجلس الوطني للفنون والآداب، ولاقى المعرض ترحيباً منقطع النظير من الجمهور والمسؤولين.

حتى أن معرضي الأخير «نقطة نور» بدار الأوبرا تضمّن لوحة المراكب ذات اللون البني، التي رسمتها في الكويت في مرسى المراكب. كذلك رسمت لوحات عدة اقتنى بعضها المتحف الوطني.

من خلال زياراتك المتعددة إلى الكويت، كما أشرت، كيف ترى المشهد التشكيلي الكويتي؟

يتميَّز المشهد التشكيلي الكويتي بنهضة كبيرة، خصوصاً من جانب الفنانات. وفي المجالات كافة، الرسم والنحت والتصوير ثمة طفرة كبيرة، والأهم من ذلك رعاية الدولة للفنون ودعمها، نظراً إلى الوعي بأهميتها.

الحكاية

تجسد كل لوحة في المعرض حكاية. هل تعدّ الحكاية الشاغل الأساسي في أعمالك؟

كل لوحة هي معايشة وموضوع. في المعرض ثيمة الحراك والحياة الشعبية والتركيز على مولد السيدة زينب، لأنه يمثِّل صميم العادات والتقاليد الشعبية المصرية سواء من خلال الراقصين في الفنون الشعبية أو التنورة والأداء التعبيري الخاص بها.

هل أسهم العمل الأكاديمي في تقويض حريتك، حيث الخضوع لقوانين وأسس معينة أم تعمل بعفوية الفنان العادي؟

سؤال صعب، العمل الأكاديمي يمثِّل مشكلة. نتحدّث طوال الوقت عن القواعد والأسس، فيما أن الالتزام بها لفترات يقيِّد الفنان، ولكن عند حدود معينة يصبح على وعي بأن عليه أن يعرف القواعد، كي يحطمها أو يخرج منها بوعي.

كيف تتجلى رؤيتك للمشهد التشكيلي الراهن؟

يجعلني المشهد التشكيلي على مستوى الأفراد أؤكد أن لدينا فنانين يستطيعون المنافسة على مستوى عالمي، لكن المشكلات التي نخضع لها كبعض العادات وأمور كثيرة تحكمها أطر روتينية، تعوق وجود نهضة تتناسب مع حجم الفنانين الموجودين.

كذلك نعاني قلة الإمكانات وغياب التظاهرات الفنية الكافية التي تستوعب الفنانين. أما التبادل مع العالم الخارجي فموجود، إنما في حدود ضيقة. من ثم، الفرصة محدودة للحضور على الساحة العالمية بالقدر المقنع.

الأصالة والحداثة

يرى التشكيلي طاهر عبد العظيم أن اللوحة إذا لم تتضمّن عنصري الأصالة والحداثة تكون ناقصة. فالأصالة في المخزون والخبرات والتراكمات لدى الفنان، وفي موروثه وغذائه البصري والروحي... أما الحداثة فتمثّل الاطلاع والمؤثرات التي يعيشها الفنان. ويجب أن تجمع إعادة الصياغة بين الاثنين.

يتابع: «يمكن القول إننا نعيش مشكلة نتيجة الانفتاح الفكري والعولمة والإنترنت. هذا الانفتاح إذا لم يكن بوعي للأسف يكون شكلاً من أشكال التشوه أو عدم إدراك قيمة الأصالة. لكن وسط هذه النظرة غير المتفائلة، أؤكد أن في الأجيال كافة الموجودة راهناً لدينا نماذج يمكن أن تستفيد من الوضع، وتقدم الفن المصري بالشكل اللائق».