غير متوقع أن يصمد وقف إطلاق النار في سورية حتى لمدة شهر واحد، وفقاً لقرار مجلس الأمن الأخير، فالروس ليسوا مع إنهاء هذه الأزمة، ولو على أساس "لا غالب ولا مغلوب"، وكذلك الإيرانيون بالطبع، وأيضاً هذا النظام الذي كان من المفترض أن يسقط عام 2011 لولا التدخل الروسي والإيراني، ولولا رداءة وميوعة أداء الإدارة الأميركية السابقة، التي كان على رأسها باراك أوباما.

الكل يعرف أن إغراق المعارضة السورية "المعقولة" والمعتدلة بعشرات المنظمات والتنظيمات الاسمية والإرهابية فعلاً، مثل "داعش" و"النصرة"، وأسماء ومسميات أخرى، ما أنزل الله بها من سلطان، هو لإلصاق التهمة الإرهابية بالجميع، أي لكل فصائل المعارضة، وهذا هو ما حصل خلال السنوات السبع الماضية، والحقيقة أن الروس لعبوا الدور الرئيسي في هذا المجال، لأنهم أصحاب خبرة طويلة فيه، سواء في أفغانستان أو في الشيشان أو في داغستان، أو في أوكرانيا، وجمهوريات البلطيق المعروفة.

Ad

حتى في العديد من دول أوروبا الشرقية، كالمجر وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا وبلغاريا وألمانيا الشرقية، فإن الروس في عهد الاتحاد السوفياتي كانوا يلصقون بانتفاضات هذه البلدان، وأهمها الانتفاضة المجرية "الهنغارية" عام 1956، تهمة التطرف والإرهاب والعمالة للدول الاستعمارية "الرأسمالية"، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، والمعروف أيضاً أن هناك شيئاً اسمه "ربيع براغ"، تم قمعه بالقبضة الحديدية السوفياتية.

وهكذا فقد اتبع الروس ومنذ البدايات مع انتفاضة الشعب السوري في عام 2011 أسلوب "تلغيمها" بالعديد من التنظيمات والتشكيلات الإرهابية الوهمية والحقيقية، وكانت النتيجة أن العنف ظل متواصلاً في هذه الدولة العربية، وأصبح الإيرانيون بالتفاهم والاتفاق مع روسيا الاتحادية قوة احتلالية فعلية لها العديد من القواعد والمعسكرات على الأراضي السورية، مثلها مثل قاعدتي "حميميم" و"طرطوس"، التي لا يستطيع حتى بشار الأسد دخولها إلا بعد استئذان مسبق إن من "الجهات" الإيرانية المتنفذة أو من "الجهات" الروسية.

ولذلك فإن الواضح لا بل المؤكد أن الروس لن يغيروا مواقفهم وأساليب عملهم هذه التي اتبعوها على مدى السنوات السبع الماضية، اللهم إلا إذا غير الأميركيون مواقفهم المترددة السابقة واللاحقة ومارسوا، ومعهم الفرنسيون والبريطانيون والعديد من الدول الأوروبية الفاعلة والمعنية، ضغطاً فعلياً على القيادة الروسية، وأيضاً على الإيرانيين... أما إذا بقيت الأمور على ما هي عليه فإن وقف إطلاق النار المؤقت هذا سيفشل بالتأكيد، والمذابح ستستمر، والحلول السلمية ستصبح بعيدة جداً، وتقسيم سورية في النهاية قد يصبح الخيار الذي لا خيار غيره، ويقيناً ان هذا ما يريده بشار الأسد، والذين يقفون إلى جانبه ويدعمونه.