تبنت الولايات المتحدة خلال عهد ترامب موقفاً متشدداً من الصين، فقد صنّفت إستراتيجيات الدفاع والأمن القومي الأميركية الجديدة، التي تبنتها إدارة ترامب، الصين منافساً إستراتيجياً وخطراً يهدد الأمن المحلي والنظام العالمي، علاوة على ذلك، تخطط إدارة ترامب للتصدي «لممارسات الصين التجارية المجحفة»، وانتهاكاتها عبر الإنترنت، وتوسعها في منطقة المحيط الهادئ الهندية.

يشكّل حذر الولايات المتحدة المتنامي، وسياساتها المالية الجديدة، وخطواتها الاقتصادية ضد الصين خطراً كبيراً يهدد الحزب الشيوعي الصيني، الذي لطالما استمد شرعيته السياسية من أدائه الاقتصادي، لكن الاقتصاد الصين المتباطئ، الذي يعاني تراكم المخاطر المخبأة، بات مضطراً اليوم إلى التكيّف مع ضغوط الرسوم الجمركية الأميركية واقتطاعات ترامب الضريبية.

Ad

لكن شي جين بينغ يفتقر على الأرجح إلى حظ أسلافه الجيد، تسعى إدارة شي جاهدةً لتصلح المشاكل الاقتصادية الحادة التي نجمت عن سياسات طُبقت منذ تسعينيات القرن الماضي. وإذا أراد شي التعاطي مع دولة أميركية تزداد مواجهة حرب تجارية معها، فإنه يحتاج إلى ممثل ممتاز، إذ يجب أن يكون هذا الممثل شخصاً يثق شي كامل الثقة بأنه يستطيع نقل وجهات نظره إلى إدارة ترامب، شخصاً واسع الاطلاع في مجال الاقتصاد، يعرف جيداً المسؤولين الأميركيين، ويستوفي وانغ كيشان كل هذه الشروط.

«مسؤول قسم الإطفاء»

يُعتبر وانغ المسؤول الذي يحظى بثقة شي المطلقة، وقد التقيا عندما كانا شابين مطرودين من المدرسة في إقليم شنشي خلال الثورة الثقافية، وعندما أصبح شي الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، أوكل إلى وانغ مهمة إدارة حملته المناهضة للفساد. ويُعتبر وانغ الرجل الأمثل لحل مشاكل الصين خلال الأزمة، فهو يتمتع بالكفاءة المطلوبة للتحاور مع الولايات المتحدة في المسائل التجارية. في ثمانينيات القرن الماضي، اشتهر وانغ بصوغه السياسات الاقتصادية الإصلاحية واعتُبر من أبرز خبراء الاقتصاد الشبان في الصين. وفي التسعينيات، شغل مناصب رفيعة في مصارف الصين الحكومية وأدار إحدى أكبر عمليات الإفلاس آنذاك حين كان نائب حاكم غوانغدونغ. تعرّف وزير المالية الأميركي السابق هنري بولسون إلى وانغ في هذه المرحلة. ثم التقيا كنظيرين في الاجتماعات الاقتصادية الأميركية- الصينية خلال عهد أوباما. كذلك يعرف المسؤولون الأميركيون والعاملون في «وول ستريت» وانغ جيداً بما أنه تبوأ سابقاً منصب نائب رئيس الوزراء.

إذا كان وانغ سيمثل شي في المسائل الصينية- الأميركية، فسيقوم بذلك بصفته نائب الرئيس الصيني المقبل. في شهر نوفمبر، بدأت وسائل الإعلام الغربية تتحدث عن أن وانغ سيُعيَّن نائب الرئيس خلال لقاء «الجلستين» المهم في شهر مارس وأنه سيؤدي دوراً في العلاقات الأميركية-الصينية، كذلك نقلت South China Morning Post، وهي صحيفة في هونغ كونغ تعرض دوماً معلومات عالية المصداقية من مقر السلطة الصينية، عن مصادر داخلية قولهم إن وانغ يحضر اجتماعات اللجنة الدائمة التابعة للمكتب السياسي المركزي في الحزب الشيوعي كعضو غير مصوت رغم تنحيه عن منصبه في هذه الهيئة الحاكمة البارزة في شهر أكتوبر. كذلك نُشِر في أكتوبر أن وانغ قد يُختار لمنصب نائب الرئيس، وقد توكل إليه مهام دبلوماسية. واستندنا في تقييمنا هذا إلى افتقار شي إلى مرشحين ملائمين لمنصب نائب الرئيس، وإلى أهمية وانغ في خطط شي لتدعيم سلطته.

بالإضافة إلى تعيينه نائب الرئيس، قد يُعطى وانغ دوراً في مجال الأمن القومي، فكما ذكرنا، يربط الحزب الشيوعي الصيني شرعيته السياسية بالأداء الاقتصادي، لذلك، من الطبيعي أن تعتبر قيادة شي معالجة وانغ العلاقات الأميركية- الصينية خطوة مهمة «للدفاع» عن اقتصاد الصين والحفاظ على مكانة الحزب. وهكذا قد يلعب وانغ قريباً دوراً بالغ الأهمية في ترسيخ حكم هذا الحزب بصفته نائب رئيس لجنة الأمن القومي في الحزب الشيوعي الصيني.

لكن شي قد لا يحصل على مبتغاه وينجح في تعيين وانغ نظراً إلى الطبيعة المعقدة للصراعات بين مختلف فصائل الحزب الشيوعي الصيني. على سبيل المثال، يرتبط خروج وانغ من اللجنة الدائمة التابعة للمكتب السياسي المركزي في الحزب الشيوعي بمواجهة شي مقاومة شرسة من فصائل الحزب المختلفة أكثر من ارتباطه باتباع شي قواعد التقاعد في الحزب. كذلك تجلت معارضة وانغ بوضوح من خلال حملة تشويه واسعة لصورته في الخارج قادها ثري صيني فار يملك علاقات مع فصيل جيانغ. وقد اتضح لاحقاً أن شي يقدّم الدعم لوانغ حين طلب من كبار المسؤولين «حماية المسؤولين الرفيعي الشأن الذين يتعرضون لهجوم» خلال جلسة طارئة في شهر يوليو في بكين، لكن وانغ تنحى في نهاية المطاف خلال مؤتمر الحزب التاسع عشر في شهر أكتوبر.

إذا لم يصبح وانغ كيشان نائب الرئيس، فسيُضطر مراقبو الشؤون الصينية إلى إعادة تقييم قوة شي السياسية الحالية ونفوذ خصومه.

● دون تسي ولاري أونغ