في تطور ينذر بمواجهة غير مسبوقة، حذر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس، حكومة الرئيس السوري بشار الأسد من أي تحرك لدعم المسلحين الأكراد في عفرين، مشدداً على أن ذلك ينطبق على منبج وشرق الفرات.

وفي مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في عمان، تساءل جاويش أوغلو: «هل ستدخل القوات السورية لتطهير عفرين من ​الإرهابيين أم لمحاربة ​الجيش التركي​؟». وأجاب: «لا مشكلة إن كان النظام سيدخل لطرد وحدات حماية الشعب الكردية منها، لكن إن كان هدفه حماية هذا التنظيم والوقوف إلى جانبه، فلا أحد يستطيع وقف تركيا وجيشها، وسوف نعمل على ​القضاء​ عليها».

Ad

وأوضح جاويش أوغلو، أن تركيا حريصة على «وحدة الأراضي السورية في كل العمليات التي تخوضها ضد الإرهاب، وتدعم ذلك بشكل كبير».

«قوات شعبية»

وعلى الأرض، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس أن طلائع «قوات شعبية موالية» دخلت مدينة عفرين، مؤكدة أنها ستقود صمود أهلها في مواجهة عملية أطلقت عليها تركيا اسم «غصن الزيتون» في 20 يناير وشهدت إرسال قوات برية وتنفيذ ضربات جوية وإطلاق نيران المدفعية على المنطقة وهدفها إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً داخل سورية.

ولم تكشف «سانا» عن تشكيل «القوات الشعبية»، كما لم تشر الى دخول قوات من الجيش، الذي انسحب من المناطق ذات الأغلبية الكردية في 2012، مما مهد الطريق أمام الأكراد للتوسع وتأسيس نظام الحكم الذاتي.

موقف الوحدات

وقال القائد العام لوحدات حماية الشعب الكردية سيبان حمو أمس، إنه «لا مشكلة» لدى قواته بدخول الجيش السوري إلى منطقة عفرين من أجل الدفاع عنها، وعن حدودها في وجه الاحتلال التركي».

وفي وقت سابق، ذكر المستشار بإدارة الحكم الذاتي بدران جيا كرد أن قوات الجيش السوري ستنتشر في بعض المواقع الحدودية، وقد تدخل منطقة عفرين خلال يومين.

وأشارت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في عفرين هيفي مصطفى إلى محادثات تجري على المستوى العسكري من أجل الاتفاق مع الحكومة على دخول قواتها لعفرين للمساعدة في صد هجوم القوات التركية وفصائل الجيش الحر.

اللعب بالنار

في موازاة ذلك، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة من اللعب بالنار في سورية ومحاولة تقسيمها، مشدداً على ضرورة إغلاق القاعدة الأميركية في منطقة «التنف» على المثلث الحدودي بين مع العراق والأردن وتأمين وصول المساعدات إلى مخيم الركبان.

وقال لافروف، خلال جلسة لمنتدى «فالداي» الدولي للحوار المنعقد في موسكو، إن واشنطن «بدأت ترجمة مخططات تقسيم سورية على أرض الواقع، وخصوصاً شرق الفرات، في الأراضي الممتدة بين النهر والحدود مع العراق وتركيا»، معتبراً أن تأكيدات مسؤوليها بأن هدفهم الوحيد هو محاربة الإرهاب، تتناقض مع تصرفاتهم العملية. وقال لافروف: «الولايات المتحدة جرّت إلى مسارها الهادف إلى تقويض وحدة الأراضي السورية فصائل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، ما أدى إلى توتير العلاقات مع تركيا، بما ترتب على ذلك من أحداث في عفرين».

موجة تدخل

وفي المؤتمر ذاته، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف، أن الولايات المتحدة تتصرف كالمهووس في سورية، التي تشهد موجة جديدة من التدخل ستكون لها عواقب مزمنة.

وقال ظريف: «نرى موجة جديدة من الاحتلال والتدخل الأجنبي وخصوصاً من الولايات المتحدة»، متهماً إياها بمحاولة الاستيلاء على أراضٍ سورية.

وأضاف أن «سورية لا تزال تحتاج إلى حل سياسي تسعى طهران وموسكو منذ أربع سنوات إلى تحقيقه»، مؤكداً أنه يمكن تفهم قلق تركيا تجاه تصرفات الولايات المتحدة ويجب الاهتمام بمخاوفها.

وقال: «من الأفضل عمل ذلك بشكل قانوني وعبر الحكومة السورية.

لا شك في أن احتلال أراضي الغير لن يساعد في حل المشكلة»، مشدداً على ضرورة الحل السياسي للأزمة السورية وبدء العملية السياسية.

محور أستانة

وإذ أشادت بدور إيران وروسيا وجهودهما المبذولة والمتواصلة لحل الأزمة السورية، اعتبرت المستشارة السياسية والإعلامية للرئاسة السورية بثينة شعبان التدخل التركي انتهاكاً للقانون الدولي واتفاقات محور أستانة لوقف القتال، وعائقاً على طريق الحل السياسي، وكذلك وجود واشنطن ومساعيها مع أوروبا لزيادة أمد الأزمة.

وقالت شعبان، خلال منتدى «فالداي»، إن «النظام التركي ساعد على دخول الإرهابيين إلى سورية، وعندما أدرك أنهم خسروا، انتهك القوانين الدولية وبدأ تدخله شمالاً، ويواصل انتهاك اتفاق آستانة ويعقّد التعاون بين الدول الضامنة له».

الغوطة وإدلب

وبعد تعزيزات عسكرية مكثفة تنُُذر بهجوم وشيك على معقل فصائل المعارضة الأخير قرب العاصمة، أمطرت قوات النظام أمس، الغوطة الشرقية المحاصرة بنحو 260 صاروخاً وسلسلة غارات دامية ما أودى بحياة 17 مدنياً بينهم خمسة أطفال.

وبعد هدوء قطعه النظام باستئناف القصف خصوصاً في مدينة حمورية، اعتبر وزير الخارجية الروسي، ​سيرغي لافروف​ في مؤتمر صحافي مع نظيره الجزائري محمد بن يحيى، أن «تجربة تحرير ​مدينة حلب​ قابلة للتطبيق في ​الغوطة الشرقية​​«، مشيراً إلى أن «دعوات وقف تقدم القوات السورية في إدلب محاولة لإخراج إرهابيي النصرة كي لا يتلقوا ضربة».

وفي محاولة لاستباق اشتباك أوسع محتمل مع «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً)، أعلنت حركتا «أحرار الشام» و«نور الدين زنكي»، الإسلاميتان المتشددتان، صاحبتا الوجود القوي في الشمال على طول الحدود بين محافظتي حلب وإدلب، أمس الأول اندماجهما وتشكيل «جبهة تحرير سورية».

وإذ دعت «جبهة التحرير» في بيانها جميع الفصائل للانضمام إليها، أوضح المحلل في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر أن الاندماج محاولة لتشكيل ميزان قوى ومرتبط بتنامي قوة «تحرير الشام» وتحضيرها لمواجهة جديدة مع حركة «زنكي»، التي كانت عقبة أمامها لتكريس سيطرتها في شمال سورية.