أثارت حادثتان وقعتا هذا الأسبوع في نفسي مراجعة محاضرة ألقاها إبراهيم البليهي في الكويت قبل أسابيع، فالحادثتان اللتان احتلتا مواقع رئيسة في الإعلام العالمي كانت الأولى حادثة إطلاق نار في مدرسة ثانوية في ولاية فلوريدا في أميركا أودت بحياة 17 طالبا، والثانية هي موجة التحرش الجنسي الكبيرة التي اجتاحت الغرب خصوصا هوليوود ومؤسسات التسلية السينمائية.

أما البليهي فقد أفاض في النقد والإساءة والتجريح لحاضرنا ولأسلافنا، ووصفهم بكل صفات الجهل والتخلف والتعصب، لأنهم لم يقدموا أي إنجاز يذكر للبشرية، وأن كل شهادات الدكتوراه في جامعاتنا تكرس الجهل، ودعا إلى إعادة النظر في كل شيء وكسر كل المسلمات عندنا لأنها وهم وخرافة. (هذا كلامه بالحرف).

Ad

ونعود إلى الحادثتين فننقل تعليق أحد المعلقين الأميركيين المنصفين، وهو ليس من أصل عربي أو مسلم، فيقول إن حادثة إطلاق النار الأخيرة (التي قام بها أبيض غير مسلم) هي الثامنة عشرة لهذا العام بمعدل حادثة واحدة أسبوعيا، وأن العدد تجاوز 290 حادثة مشابهة منذ عام 2013، ورغم أن عدد سكان الولايات المتحدة هو 5% من سكان العالم فإنها تحوي 31% من هذه الحوادث في العالم بأسره، ويضيف المعلق أنه لو قام بهذه الحوادث مسلم أو عربي لقامت قيامة الكونغرس والساسة الأميركيين ولتغيرت القوانين، والسبب، كما يقول المعلق، هو حق مسلّم به في الدستور الأميركي مفاده حرية كل شخص بامتلاك السلاح والذخيرة. (أي أن السبب مسلّمة من المسلّمات في أميركا).

أما مهرجان برلين السينمائي فقد تفاعل مثل مهرجان غولدن غلوب من قبله بأسابيع مع مشكلة التحرش الجنسي، ولم تفرش السجادة السوداء كما كان مقترحا، ولكن معظم الحضور ارتدوا ملابس سوداء إشارة إلى رفضهم التحرش، خصوصا من المشاهير والمسؤولين والزملاء، ورغم القوانين التي صدرت في أميركا وأوروبا التي تعاقب على التحرش منذ سنوات فإن هذه الظاهرة في ازدياد، وما حدث في هذه المهرجانات هو دليل على ذلك.

ظاهرة التحرش غزت المجتمعات الغربية رغم إباحتها كل شيء حتى غدت مناظر العري والشذوذ والجنس وقضاء الحاجة على المراحيض تظهر يوميا لمشاهير هوليوود في السينما والتلفزيون، وحتى أصبحت من المسلمات، ولكنها لم تمنع التحرش ولا الاغتصاب.

أما في مسلّماتنا نحن -المسلمين- فإن العري والإباحية يؤديان إلى التحرش والاغتصاب كما يؤدي شيوع السلاح والذخيرة إلى إزهاق الأرواح.

هاتان الحادثتان في أسبوع واحد هما أفضل رد على البليهي، فهما تبرهنان على أن من يحتاج إلى إعادة النظر في مسلّماته هو الغرب لا العرب والمسلمون.