تتصاعد على الساحة النيابية الكويتية، أخيراً، الظاهرة "الترامبية"، نسبة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي استغل النعرة العنصرية الجامحة في المجتمع الأميركي ليفوز في الانتخابات الأخيرة. وبنفس النهج يستغل عدد من النواب الأطروحات السلبية والعدائية ضد بعض الجاليات المقيمة في البلد، للعب على عواطف الناخبين، بعد اكتشافهم لأدائهم الضعيف، وخذلانهم لهم في عدة قضايا، وبصفة خاصة التصويت الأخير على طرح الثقة بالوزيرة هند الصبيح.

نعم، هناك نقاشات تتعلق بالقضية الاقتصادية في البلد، ودور الوافدين فيها، من ناحية تحمُّل تكاليف بعض الخدمات الصحية، وضرورة سداد رسوم على التحويلات المالية الخارجية، كما يحدث في جميع دول العالم، لكن الخطاب التحريضي ضد الوافدين، وانجرار بعض الجهل في وسائل التواصل الاجتماعي مع هذه الموجة العنصرية المعزولة في المجتمع الكويتي المتسامح والمنفتح، والمكون أصلاً من هجرات من عدة دول مختلفة، جعل الصورة قميئة، بسبب بعض النواب الذين فشلوا في تحقيق أي إنجاز شعبي، ويلعبون على عدة حبال، لتسويق أنفسهم مرة أخرى للناخبين.

Ad

لا يمكن أن نعلِّق فشلنا في حل مشاكلنا الوطنية على الوافدين الذين جلبناهم بأنفسنا، ولا يمكن أن يكون مثلاً فشلنا في حل المشكلة المرورية وتوفير وسائل نقل جماعي حديثة بالتهكم على الوافدين، ومعايرتهم بالقول لهم إنكم تركبون الحمير في بلدانكم، أو إن "باصاتكم بدون أبواب"، وبالمثل ماذا سيكون موقفنا ككويتيين لو كان طالب أو مقيم كويتي في نيويورك أو لندن أو برلين المزدحمة، ورفضت السلطات هناك منحهم رخصة قيادة سيارة، وقالت لهم إنكم كنتم في الكويت تركبون "البعارين"؟!

لذا، أحذر أبناء بلدي من الانجرار مع أطروحات بعض النواب والسياسيين والمغردين الذين يريدون إعادة تسويق أنفسهم على الطريقة "الترامبية"، وإن كان الدفاع عن الكويت وسمعتها ومصالحها أمراً مستحقاً وفرضاً واجباً، لكن هناك حداً فاصلاً بين العقلانية والموضوعية، وبين صُنع الكراهية وتغذية النعرات واستغلال المواقف لأهداف شخصية، حتى إن كانت تضرب الاستقرار والسلم الاجتماعي، في ظل التركيبة السكانية الحالية في البلد، والأوضاع المستجدة في العلاقات الدولية.

***

رحل الأسبوع الماضي في القاهرة الأستاذ الصحافي نبيل سويدان، أحد أهم كوادر الصحافة الكويتية عند نشأتها في ستينيات القرن الماضي، والذي غادر الكويت في عام 2000. الأستاذ سويدان، رحمه الله، كان علامة بارزة في الصحافة المحلية والبرلمانية، وهو مَن أخذ بيدي لدخول مجال تغطية أخبار مجلس الأمة، وكانت لنصائحه وتوجيهاته الأثر الأكبر في تكوين مهنيتي الصحافية. كان حريصاً على مصلحة الكويت، وعمل أثناء الغزو لفترة متطوعاً بالصحافة الكويتية في المهجر، وهو خير مثال على الوافد الشريف والمفيد والمؤثر في تطور الكويت، وكان يستحق أن يحصل على جنسيتها. رحمك الله يا بوأحمد، وخالص العزاء لأسرتك الكريمة. ستظل ذكراك عطرة في قلوبنا، وبصمتك خالدة في الصحافة الكويتية.