أقولها بلا تحفظ، إنني أسجل إعجابي الشديد بالآراء التي طرحها الأستاذ أحمد الديين، في حواره مع الأستاذ مبارك الدويلة، الذي أكن له احتراماً كصاحب موقف ملتزم، ويتصدى بشجاعة لمناقشته بموضوعية منضبطة بأخلاق "المجادلة بالحسنى"!

***

Ad

• اللافت للانتباه في هذه المحاورة أن الديين فتح ملفات يعتبر الخوض فيها شديد التعقيد والحساسية منه، كملتزمٍ -هو الآخر- بأيديولوجية اليسار المناوئة للأنظمة الرأسمالية، أو الدول التي تدور في فلكها، خصوصاً بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وأكثر من هذا وذاك أنه مواطن كويتي!

• أحمد الديين في هذا الحوار يواجه خصماً يمتلك ورقة رابحة عند غالبية من شاهدوا تلك المحاورة، وهي ورقة "الدين"، لكنه بذل جهداً كبيراً ليثبت لمحاوره أن هناك فرقاً كبيراً بين الدين الإسلامي كدين، وبين الإسلام السياسي كأحزاب سياسية تتخذ من الدين عباءة لها.

• ثم أخذ -أثناء الحوار- يشرح أيديولوجيته التي وظّفها توظيفاً يتواءم مع أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية عاشتها الكويت خلال عقود القرن الماضي، وكيف أن القوى الوطنية في الكويت هي التي خاضت معارك التطور، وأشار إلى منجزاتها، بينما التنظيمات الإسلامية ليس لها دور يُذكر -كما قال- بل إنه وجّه لها أصابع اتهام بذكر العديد من السلبيات.

فكان رد مبارك الدويلة:

- لا يجوز لك أن تقيّم الحركة الإسلامية في الكويت، بينما أنت تيار محدود جداً قياساً بالتيار الإسلامي، بل إنك تمثل تياراً لا أحد يشعر بوجوده في الساحة الكويتية أصلاً، ولا جدوى من هذا الحوار!

تساءل الديين:

- لا جدوى من هذا الحوار؟! أهذا إقصاء للرأي؟! ثم إن الذي يحدد عدم جدوى الحوار هو مقدم البرنامج، لا أنت، أنا جئت مستعداً للحوار، ولكن التقليل من شأن أي تيار وطني في الكويت كهذا الذي سمعته منك الآن أمرٌ غير منطقي!

***

• ولما ازدادت حرارة النقاش قال الديين:

- إن الإسلاميين لم يكن لهم أي دور في القضايا الحيوية في تاريخ الكويت المعاصر، لأن الحركة الوطنية واليسار هي التي أنشأت نقابة العمال واتحاد الطلبة، ووقفت في وجه مشاركة النفط مع الشركات الأجنبية، كما تصدت لعدم تنقيح الدستور.

واسترسل بذكر الكثير من منجزات الحركة الوطنية الكويتية، فكان رد الدويلة:

- نقابة العمال واتحاد الطلبة منذ سنوات تُدار من جانب الإسلاميين، بعد أن تبين أنكم كنتم تديرونها بسياسات خاطئة، فجاء الإسلاميون وجعلوها تسير سيراً صحيحاً، ولهذا انتخبهم الناس... وهذا الذي تقوله كله أطلال الماضي يا أبوفهد.

***

• لست هنا بصدد تقييم من الرابح أو الخاسر في هذا الحوار، لاعتقادي أن الرابح الوحيد هو المشاهد.

فعلى الرغم من الاختلاف الكبير في وجهات النظر بين المتحاورين، تم هذا الحوار بهدوء ورصانة وأدب، وانتهى بأن أثنى كلا المتحاورين على صاحبه.

***

• لماذا أُبدي هذه الملاحظة الأخيرة؟!.. لأن الكويت صنعت مدرسة للإعلام القائم فعلاً على احترام الرأي والرأي الآخر، وهي الأحق بهذا اللقب، لا تلك المدرسة القائمة على التهريج والسباب والشتائم التي تصل أحياناً إلى الضرب بالأحذية، فهنيئاً للكويت هذا الإعلام الراقي، وتهنئتي لمن أدار هذا الحوار على مهنيته الراقية!