الرومانسية في المعجم الإنكليزي هي "علاقة عاطفية مؤقتة وذات معايير خيالية، تكون بين شخصين مبهمين لبعضهما". أبو زيد لا يرى أم العيال لغزاً، ولو كانت أم عبيد تتمنى معايير واقعية من بعلها فضلاً عن الخيالية لما صبرت كل تلك السنين، فكيف نشأت الرومانسية؟ وهل فيها خير قليل وشر كثير؟

أنسب بل أدق وصف للرومانسية هو وصف الله سبحانه وتعالى للخمر، حيث قال: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا"، فما الخمر إلا ما يكون خِماراً للعقل، أي ساترا له عن صاحبه، أما منافع الرومانسية فقد كانت كلها لداعمتها، ألا وهي الإمبراطورية البريطانية ذات النظم الإقطاعية.

Ad

ففي آخر فصول التخرج من الجامعة بتخصص آداب اللغة الإنكليزية ردد معلمونا أن مناهج هارفارد وأوكسفور تؤكد أن المستعمرين فرضوا القراءة على الناس ليكونوا أذكياء، ولكن اختاروا لهم سيناريوهات الأدب ليبقوا غير ناقدين للأوضاع الاقتصادية والسياسية. فما تلك السيناريوهات؟ بطل ينقذ امرأة عاجزة الحيلة العقلية والجسدية من شرير سطحي التفكير، فما على البطل إلا استهلاك رصيد شجاعته لإنقاذ الضعيفة والعيش معها بسلام، وقد مولت الإمبراطورية النخب من الأدباء للإكثار من حبك حكواتي كهذا حتى حُفظت في هوليود وبوليود وألعاب الفيديو، فأصبح مراهقو المسلمين يظنون أن الأمور ينبغي أن تكون هكذا، إلى أن استقبحوا الحلال اليسير لينجذبوا إلى الحرام الشائك والممرض.

لذا تفشت معاندات الفطرة كوصف ذاتهم بالغرور ومدح فلانة بالمتكبرة، وكل هذه العاهات الأخلاقية هي بسبب التصور المشروخ لمعنى الحب، ألا وهو المودة والرحمة، أي أن تود زوجتك، وليس بالضرورة أن تسيل عظامك بذكر اسمها، إنما ارحمها ولا تتغطرس عليها أو تتشفَّ في أخطائها، والعكس صحيح بالنسبة إلى المرأة.

أليس الحب أبسط بدون كل تلك الوشائج الوهمية؟