أعلن سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد التزام الكويت بتخصيص مليار دولار كقروض للعراق وفق آليات الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ومليار دولار للاستثمار في الفرص الاستثمارية بالعراق، فضلا عن مساهمة الجمعيات الخيرية الكويتية.

واعتبر سموه، في افتتاح مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، أن أمن واستقرار العراق يعد جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار الكويت والمنطقة، وأن العراق في مواجهته للإرهاب كان يؤدي دوراً تاريخياً ومشرفاً لدحر التنظيمات الإرهابية.

Ad

ودعا سموه المجتمع الدولي إلى المشاركة في إعادة إعمار، لا سيما أن ما تم تدميره يتجاوز قدرة العراق بمفرده على البناء، مشيرا إلى أن القطاع الخاص قادر على التعامل مع الفرص الاستثمارية والمشاريع الحيوية المطروحة.

وبينما اعتبر سموه أن "التحديات التي تواجه عالمنا تتطلب عملا جماعيا لننعم بكوكب آمن وخال من الغلو والتطرف"، كشف في المقابل أن اجتماع التحالف ضد "داعش"، الذي عقد في الكويت أمس الأول، رسالة قوية عن مدى الإصرار واستمرار المواجهة لهزيمة الإرهاب.

وفيما يلى نص كلمة سمو الأمير:

"بسم الله الرحمن الرحيم

معالي الأخ حيدر العبادي - رئيس وزراء جمهورية العراق

معالي الصديق أنطونيو غوتيريش - الأمين العام للأمم المتحدة

معالي الصديقة فيديريكا موغريني، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية

معالي الصديق جيم يونغ كيم - رئيس مجموعة البنك الدولي

أصحاب المعالي والسعادة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسرني بداية أن أتقدم بالترحيب الحار بكم في المشاركة في أعمال مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار المناطق المحررة في العراق، والذي يأتي تواصلاً لدور الكويت الإنساني في مؤتمرات عقدناها في هذه القاعة على مدى السنوات الماضية، كما نعرب عن التقدير البالغ لتلبية دعوتنا، وما يعكسه ذلك من حرصكم وإدراككم لما ينطوي عليه من أبعاد تمثل أولوية قصوى لنا جميعاً.

أصحاب المعالي والسعادة... إننا في الوقت الذي نتقدم فيه للأشقاء بالتهنئة للانتصارات التي تحققت لهم والتي جاءت بعد تضحيات كبيرة وعزيمة صلبة، فإننا نؤكد أن ما نشهده اليوم من حشد دولي واسع على المستوى الرسمي والشعبي والقطاع الخاص إنما يمثل اعترافا من العالم بحجم التضحيات التي تكبدها العراق في مواجهته للإرهاب، وسعيا من المجتمع الدولي لمكافأته على تلك المواجهة، حيث إن العراق في مواجهته وتصديه للإرهاب إنما كان يؤدي دورا تاريخيا ومشرفا لدحر التنظيمات الإرهابية التي أحالت حياة العراقيين في المناطق التي سيطرت عليها إلى جحيم، بين نازح بلا مأوى وجريح بلا علاج وجائع بلا طعام.

أصحاب المعالي والسعادة... إن لقاءنا اليوم وما سيسفر عنه مؤتمرنا من نتائج يعد استمرارا لجهودنا جميعا، وتفاعلا من المجتمع الدولي في سعينا لمواجهة الإرهاب وهزيمته والتصدي لكل ما يمثله من مخاطر وتحديات، ولا نغفل في سياق الإشارة لتلك التحديات ما يتعرض له الأشقاء في سورية واليمن من معاناة مريرة جراء استمرار الصراع الدائر هناك، ولدينا كل الثقة بأننا والمجتمع الدولي لن نتوانى عن دعمهم بعد عودة الأمن والاستقرار لهم.

أصحاب المعالي والسعادة... إننا ندرك حجم الدمار الذي لحق بالعراق جراء سيطرة تلك التنظيمات الإرهابية على بعض الأراضي العراقية، وما ترتب على ذلك من قتال لتلك التنظيمات لتطهير التراب العراقي، الأمر الذي يتوجب معه على العراق اليوم الشروع في إعادة إعمار شامل لما تم تدميره من بنية تحتية ومرافق الحياة الأخرى، وهو عمل لن يتمكن العراق من التصدي له وحده، مما دعانا إلى التوجه بالنداء إلى المجتمع الدولي بدعوته للمشاركة في هذا العمل وتحمل تبعاته، وفي ضوء إدراكنا لحجم تلك التبعات فقد كان لا بد لنا من التفكير بالدور الحيوي والمساند لنا، وهو دور القطاع الخاص، إيمانا منا بأن ذلك الدور قادر على المشاركة والعطاء، كما أنه قادر على التعامل مع ما سيطرحه الأشقاء في العراق من فرص استثمارية ومشاريع حيوية تتعلق بالبنية التحتية لبلادهم، وتجسيدا لذلك الدور فقد اجتمع بالأمس ما يزيد على ألفي شركة ورجل أعمال من القطاع الخاص، تفعيلا لذلك الدور، وفي إطار فعاليات مؤتمرنا فقد اجتمع في اليوم الأول الخبراء رفيعو المستوى في المؤسسات التمويلية ضمن برامج إعادة الإعمار، واجتمعت أيضا في ذات اليوم مؤسسات المجتمع المدني، مشاركة منها بدورها في التخفيف من العبء الإنساني الذي يعانيه الشعب العراقي، وهو الدور الذي يحظى دائماً بتقديرنا واعتزازنا.

أصحاب المعالي والسعادة... لا يفوتني هنا أن أشير إلى أنه وفي إطار سعينا للإعداد لمؤتمرنا هذا، فقد لمسنا كل تعاون وتجاوب من الأشقاء في العراق، كما وجدنا كل الدعم والمساندة الفنية من المسؤولين في البنك الدولي من خلال اللقاءات والاتصالات معهم، وأشير أيضاً بالتقدير للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لجهودهم البناءة في هذا الإطار كمشاركين أساسيين لنا بالرئاسة.

كما لا بد من القول إن هذا الدعم الذي نقدمه اليوم للأشقاء في العراق يأتي إيمانا بالدور الإنساني للأسرة الدولية، فضلا عما يمثله من استجابة لما دعتنا إليه الشرائع السماوية السمحاء.

أصحاب المعالي والسعادة... إننا في الوقت الذي نؤكد فيه أن مخرجات مؤتمرنا هذا ستساهم وبشكل فاعل في إعمار وبناء العراق، وأن مؤشرات إيجابية تؤكد نجاحاً تحقق لهذا المؤتمر، وهو ما يدعونا للتفاؤل بمستقبل أمن واستقرار العراق الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار دولة الكويت والمنطقة، كما أن هذا النجاح يدعونا إلى الثقة بأنه سيقود وبنجاح الأشقاء في العراق في المرحلة القادمة، والتي ستشهد انتخابات شاملة لتتواصل العملية السياسية بمشاركة كافة أطياف الشعب العراقي في سعي يهدف لتضافر الجهود لتحقيق وحدة العراق وسلامته وتحقيق آمال وتطلعات أبنائه في مجتمع متماسك ومتصالح ينعم بحياة طبيعية آمنة ومزدهرة.

وفي إطار استمرار مواجهتنا وحشدنا لجهود المجتمع الدولي في التصدي للإرهاب، فقد اجتمع في اليوم الثاني وزراء خارجية دول التحالف في مواجهة ما يسمى بتنظيم داعش، وهو الاجتماع الذي يأتي ضمن سلسلة اجتماعاتهم لتنسيق مواقفهم وإعداد خططهم للمواجهة الطويلة والشاقة للقضاء على الإرهاب، كما أن هذا الاجتماع يعد رسالة قوية من دول التحالف والمجتمع الدولي للتعبير عن مدى الإصرار واستمرار المواجهة لهزيمة الإرهاب.

أصحاب المعالي والسعادة... إن ما يواجهه عالمنا اليوم من أزمات وتحديات يتطلب من المجتمع الدولي عملا جماعيا وتحركا شاملا وعلى كل المستويات، مؤكدين أننا ندرك حجم هذه التحديات، ومتحدون في مواجهتها وصولا إلى غاياتنا المنشودة بأن تنعم البشرية وأجيالها القادمة بكوكب آمن ومستقر خالٍ من الغلو والتطرف والإرهاب لنحفظ لشعوب الأرض الحياة الحرة الآمنة والكريمة.

وفي الختام، فإنه يسرني أن أعلن أن دولة الكويت، وانطلاقا من التزامها بدعم الأشقاء في العراق، ستلتزم بتخصيص مليار دولار كقروض وفق آليات الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، ومليار دولار للاستثمار في الفرص الاستثمارية في العراق، فضلا عن مساهمة الجمعيات الخيرية الكويتية.

أتوجه بالدعاء إلى الباري عز وجل بأن تكلل أعمال مؤتمرنا بالنجاح والتوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".