يعيش لبنان على وقع زيارة وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون لبيروت بعد غد، وما ستحملها من رسائل فيما يخص عددا من الملفات، أهمها الخلاف النفطي المستجد مع إسرائيل.

ومن المتوقع أن يؤكد الوزير الأميركي «ضرورة ردع حزب الله ومنعه من الاقدام على أي خطوات ناقصة باتجاه إسرائيل، على ان تتكفل الولايات المتحدة بالتوسط مع تل أبيب لحل الخلاف النفطي مع بيروت، ومنعها من أي مغامرات تعكّر استقرار لبنان».

Ad

وأكدت مصادر متابعة أن «نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد أعاد طرح، خلال لقائه المسؤولين اللبنانيين، تسوية سابقة تقضي بإعطاء لبنان ثلثي البلوك 9 مقابل الثلث لإسرائيل، لكن لبنان رفض هذا الاقتراح مؤكدا ملكيته الكاملة لهذا البلوك».

وعشية وصول تيلرسون، عقد اجتماع رئاسي ثلاثي في قصر بعبدا، أمس، ضم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري خصّص لتحديد موقف رسمي موحد من الأطماع الاسرائيلية. وتم استدعاء منسق الحكومة لدى القوات الدولية «اليونيفل» العميد مالك شمص الى الاجتماع، وغادر بعد أن سلم تقريره. كما انضم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى اللقاء وشارك في جزء منه قبل أن يؤكد خلال مغادرته أن «الوضع الامني على الحدود مستتب، وما من مشكلة».

وبعد الاجتماع، غادر بري من دون الإدلاء بأي تصريح. أما الحريري فقال: «سنبقى على تشاور مع الرئيس، لكي يكون قرارنا موحداً فيما يخص أي تعديات اسرائيلية على لبنان، واستعرضنا التحديات التي تواجهنا وتحدثنا عن زيارة ساترفيلد لبيروت»، مضيفاً: «هذا قرار اتخذناه في المجلس الاعلى للدفاع ومجلس الوزراء، واتجاهنا أن يكون موقفنا موحدا إزاء اي تعديات اسرائيلية على لبنان».

في السياق، أكد عون أن «لبنان أخذ قرارا بالدفاع عن أرضه في حال حصول اعتداء اسرائيلي عليها أو على حقوقه في النفط. وإلى الآن لم يحصل اعتداء، بل هناك تصاريح فقط، وهناك قوى تتدخل دبلوماسيا وسياسيا للمساعدة على فض هذا الخلاف».

وشدد على أن «الاستفزاز الاسرائيلي الكلامي لا يهمنا، لكن اذا دخل حيز التنفيذ فستكون هناك حروب جديدة»، مستبعدا في الوقت نفسه أن «تقدم اسرائيل على تنفيذ تهديداتها». وقال: «نحن طرحنا حلا، هناك نقاط حدودية متنازع عليها مع اسرائيل، فلنحل النزاع حول هذه النقاط أولا، لأنه لا يمكن لاسرائيل ان تبني جدارا في أراضينا».

واعتبر رئيس الجمهورية في حديث إلى برنامج «نقطة تماس» على محطة «ON live» المصرية أمس الأول، أن «اسرائيل منذ نشوئها تهدد كل الدول المحيطة بها، وهي تجعل نفسها دولة عنصرية، والحلول التي تجري حاليا هي حلول على الورق ولا تؤدي الى سلام مع الشعوب العربية، لأن السلام لن يتحقق بالدبابة والطائرة والمدفع، إنما بمقاربة اخرى تقوم على التوصل الى تسوية للحقوق وبالحد الأدنى من العدالة الذي لم يتوافر الى الآن».

وعن تداعيات الحروب المشتعلة في المنطقة، خصوصا في سورية، على لبنان، أوضح عون «استطعنا ان نرسي جوا لا تؤثر فيه نتائج الخسارة والربح في سورية، بحيث يبقى لبنان في حالة استقرار وازدهار من دون أن يدخل في الصراعات، ويبقى الصراع الداخلي سياسيا فقط، وهذا ما أمن الاستقرار في البلد، وأبعد عنا تداعيات ما يحدث في سورية»، لافتا الى ان «المجتمع الدولي يريد بدوره الاستقرار للبنان». في موازاة ذلك، عقدت في السراي الحكومي، أمس، سلسلة اجتماعات تحضيرية للمؤتمر الوزاري الرفيع المستوى الذي سيعقد في روما لدعم الجيش والقوى الأمنية والعسكرية، تحت رعاية مجموعة الدعم الدولية للبنان. وأعلن السفير الايطالي في لبنان ماسيمو ماروتي من السراي أن «مؤتمر روما 2 سيعقد في 15 مارس المقبل».

وأكد وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق في ختام الاجتماع «أننا نرى في مؤتمر روما فرصة تاريخية نحصل فيها على احتياجاتنا من اجل مستقبل آمن ليس في لبنان فقط انما في العالم». وقال المشنوق «نتطلع الى اليوم الذي يصبح السلاح غير الشرعي بأمرة الدولة، ونتطلع الى اليوم الذي يعود الجيش الى ثكناته ليقوم بواجبه بحماية حدود الوطن»، لافتا إلى أن «الخطة الخماسية التي عرضناها هي خطة تطويرية لنقل المؤسسة الى جيل جديد من العمل والحداثة، لتمكين ثقة اللبنانيين بالدولة والقانون».

من جهة أخري، حسم الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، مسألة المضاعفات التي نتجت عن الحملة الإعلامية التي تعرَّض لها مستشاره للشؤون الدولية الوزير السابق إلياس بوصعب، فقبل الاستقالة التي قدَّمها مستشاره الإعلامي جان عزيز بعد الضجة التي أحدثتها مقدِّمات النَّشرات الإخبارية على محطة «أو تي في» الناطقة باسم «التيار الوطني الحر».

واندلع الخلاف بين الرجلين، نتيجة الأداء الإعلامي لـ«أو تي في»، التي يتولّى عزيز فيها منصب مدير الأخبار، خلال التصعيد الذي أعقب انتشار تسريبات لرئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، التي وصف فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ «البلطجي».

وقال يومها بوصعب، خلال مقابلة تلفزيونية، إن «مقدمات نشرة أو تي في (الحادة التي استهدفت بري وحركة «أمل» بشكل مُركّز ومباشر) لا تعبر عن وجهة نظر التيار الوطني الحر»، وقدم موقفاً سياسياً اعتبر فيه أن «الوجود السوري في لبنان لم يكن احتلالاً».

ورد عزيز، عبر مقدمة إخبارية هاجم فيها بوصعب، من دون أن يسميه، ووصفه بأنه «يمتلك أرصدة مشبوهة في المصارف، ومرتبط بأنظمة مافياوية، وشريك في السلب والضرب والنهب، ومرخص الدكاكين (خلال توليه وزارة التربية)، وسارق أموال النازحين السوريين»، وهو ما رفضه كل من عون وباسيل، وعبّرت عنه استقالة عزيز من منصبه كمستشار إعلامي لرئيس الجمهورية. وأكدت مصادر في «التيار الوطني الحر» لـ«الجريدة»، أمس، أن «بوصعب رفض تسوية القضية ودياً بينه وبين عزير، وشدد على ضرورة إعفائه (عزيز) من منصبه لتعود الأمور بينه وبين التيار إلى مجراها الطبيعي».

ولفتت المصادر إلى أن «باسيل وبخ عزيز قبل أيام أمام موظفي القصر الجمهوري، وطلب من عون اقالته حفاظاً على كرامة بوصعب»، مضيفة أن «الرئيس عون اقتنع من باسيل، لكنه اقترح مخرجا مشرفا لعزيز يقضي بأن يقدم استقالته على أن يقبلها الرئيس».