في تحد للضغوط الغربية الهادفة إلى الحد من برنامج تسلح إيران بالصواريخ البالستية، عرضت طهران، أمس، "صاروخ قدر" البالستي الذي يبلغ مداه ألفي كيلومتر، في شارع ولي عصر في وسط العاصمة، احتفالا بالذكرى الـ39 لثورة 1979.

وشارك الملايين في مظاهرات تتولى الحكومة تنظيمها في طهران وغيرها من المدن، لإحياء ذكرى إطاحة نظام الشاه الملكي وعودة آية الله الخميني إلى البلاد، منددين بأميركا وإسرائيل ودول عربية يعتبرونها معادية لإيران.

Ad

شائعة موت خامنئي

وجاءت المسيرات غداة قيام معارضين إيرانيين، مساء أمس الأول، باختراق عدد كبير من المحطات الاخبارية نشروا عليها أخباراً كاذبة عن وفاة المرشد الأعلى علي خامنئي، وخبراً مفاده إلغاء مسيرات انتصار الثورة بسبب الوفاة.

وأدى اختراق عشرات المحطات إلى بلبلة كبيرة بين المحطات الخبرية التي سارعت لإصدار بيانات توضيحية بشأن تعرضها للقرصنة. وذكرت وزارة الاتصالات أن الاختراقات مصدرها بريطانيا والولايات المتحدة.

شفافية ووحدة

وألقى الرئيس المحسوب على التيار المعتدل حسن روحاني خطاباً في ميدان آزادي "الحرية" في طهران، انتقد فيه أميركا واسرائيل، وقال: "أرادت أميركا التدخل في شؤون بلادنا. لكنها فشلت بسبب وعي أمتنا ووحدتها"، مكررا المزاعم الإيرانية بأن الاحتجاجات الأخيرة خرجت بتحريض من الخارج.

وقال إن واشنطن وتل أبيب "تريدان إثارة التوتر في المنطقة. تريدان تقسيم العراق وسورية. تريدان إيجاد فوضى طويلة الأمد في لبنان. لكن بمساعدتنا باءت سياستهما بالفشل".

وحث روحاني المحافظين إلى عدم منع المرشحين الإصلاحيين من خوض الانتخابات مستقبلاً، مؤكداً ضرورة وجود ثقة أكبر في الشعب الإيراني. وطالب بأن تكون السنة الأربعون للثورة العام المقبل سنة وحدة بين جميع أطياف المجتمع، وتابع قائلا: "خلال السنوات الـ39 الماضية، حققنا تقدما في الكثير من المجالات. لكن في نفس الوقت كان هناك تقصير وربما كان هناك تأخير فيما يتعلق بصنع القرار. ربما لم نكن نخاطب شعبنا بشفافية".

وقال الرئيس الإيراني إنه يجب على بلاده أن «تجتاز اختبار النضج السياسي»، خلال العام المقبل، مضيفاً أن احترام الحقوق المدنية في إيران والقواعد الدولية في الخارج من الأمور الضرورية في هذا الصدد.

كما قال روحاني إنه من الجيد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يتمكن من إلغاء الاتفاق النووي لعام 2015، «بالرغم من كراهيته تجاه إيران».

أضاف أن إيران أيضا باتت أفضل اقتصاديا منذ الاتفاق النووي ورفع العقوبات.

معتوه وإطاحة

في هذه الأثناء، شن رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني هجوما لاذعا على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واصفاً إياه بـ"المعتوه" الذي يتصور هو وحلفاؤه أن "إيران المتحضرة شأنها شأن بعض بلدان المنطقة يمكن الإطاحة بها بسهولة، ولهذا السبب هو يتحدث كلاماً فارغاً عن صناعتنا الصاروخية". في إشارة على ما يبدو إلى إطاحة واشنطن بنظام الرئيس العراقي البائد صدام حسين، التي استغرقت أقل من شهر ونصف الشهر.

وخلال كلمته أمام المشاركين في مسيرات ذكرى الثورة في مدينة شيراز تذرع لاريجاني بـ"العقوبات والضغوط التي تمارسها الدول المتغطرسة" على بلاده لتبرير الأوضاع الاقتصادية السيئة وتفاقم مشكلة البطالة.

كما رأى لاريجاني أن "سوء الإدارة الحكومي للموارد والثروات" تسبب في تفاقم المشاكل التي سعت "الأيادي الخبيثة للاستكبار" إلى استغلالها لبث الاضطرابات داخل البلاد. في إشارة إلى موجة الاحتجاجات التي شهدتها عدة مدن ضد النظام وتردي الأوضاع المعيشية مطلع العام الحالي.

وأعلن رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري حجة الاسلام حسين طائب، أن "اعداء الثورة الاسلامية يضعون عل جدول اعمالهم ايجاد مجموعات جديدة مخلة بالأمن"، مضيفا أن "مجموعات سيئة استغلت خلال الاحداث الاخيرة مطالب الشعب الاقتصادية عبر توجيه من العدو الرئيسي للشعب الايراني، وحاولت حرف مطالب الشعب من خلال زعزعة الامن".

صدمة واعتقالات

في سياق آخر، أعربت الأوساط الأكاديمية الايرانية عن صدمتها، أمس، بعد وفاة الناشط البيئي الإيراني الكندي البارز كاووس سيد إمامي الذي أعلنت السلطات أنه انتحر في السجن بعد أسبوعين من اعتقاله، على خلفية الاحتجاجات الشعبية.

وتزامن الإعلان عن وفاة إمامي مع شن الأجهزة الأمنية سلسلة مداهمات استهدفت منازل عدد كبير من أعضاء مؤسسات غير حكومية تعمل في المجال البيئي وحقوق الإنسان.

وأفادت مصادر لـ"الجريدة" باعتقال العشرات خلال سلسلة المداهمات التي جاءت بشكل مفاجئ عقب ادعاء مسؤول إيراني أمني أن وفاة إمامي جاءت نتيجة اقدامه على الانتحار، "بعد كشف الأجهزة الأمنية وثائق تثبت أنه عميل للأعداء يجمع مع عدد آخر من العملاء معلومات للإضرار البلاد عبر غطاء المنظمات الحقوقية".

«القاعدة»

في سياق منفصل، كشفت وثائق أبوت آباد، التي عثر عليها في مخبأ زعيم تنظيم "القاعدة" الراحل أسامة بن لادن، وأفرجت عنها المخابرات المركزية الأميركية أخيراً، عن إصراره على استخدام الطائرات في هجمات جوية ضد الولايات المتحدة، حتى بعد عملية تفجير برجي مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر من عام 2001. واظهرت الوثائق أن بن لادن سعى لتطوير أسلوب شن هجمات جوية على واشنطن وحلفائها، عبر معسكر اطلق عليه "الفاروق"، لتدريب ودعم العناصر الخارجية في إيران.