يبدو أن العلاقة بين جمهور المدخنين من المصريين وسجائرهم المنتجة محليا لن تتغير عما قريب، فقد ارتفعت أسهم الشركة الشرقية (ايسترن كومباني) التي تتخذ من القاهرة مقراً لها، والتي تحتكر انتاج السجائر في مصر، الى مستويات قياسية متتالية –سواء من حيث السعر بالدولار الأميركي أوالعملة المحلية– بعد أن أعلنت الشركة عن زيادة بلغت نحو 161 في المئة في أرباح النصف الأول.

وقد استمرت أسهم الشركة في مسار تصاعدي منذ سماح مصر بتعويم حر للجنيه المصري في شهر نوفمبر من سنة 2016، وبدأت بتنفيذ برنامج اصلاح اقتصادي يهدف الى انهاء النقص الحاصل في الدولار وخفض حجم العجز في الميزانية العامة المصرية.

Ad

ومنذ ذلك الوقت، ارتفع سعر سهم الشركة بنسبة 370 في المئة، مقارنة مع 1.9 في المئة في مؤشر إم إس سي آي العالمي للتبغ MSCI World Tobacco و67 في المئة على مقياس الأساس في مصر.

وتراجع السهم بنسبة 0.6 في المئة فقط ليصل الى 481.65 جنيه مصري في القاهرة خلال الأسبوع الماضي، مقارنة مع هبوط بنسبة 1.6 في المئة على مؤشر اي جي اكس EGX 3030.

وقال خالد صادق، وهو رئيس بحوث المستهلكين والرعاية الصحية لدى سي آي كابيتال، إن "الزيادة في الأرباح ترجع بشكل رئيسي الى التسعير، وقد رفعوا أسعار ما قبل الصنع بنحو 40 في المئة مقارنة مع أسعار السنة الماضية، ولا يزالون يملكون جزءاً كبيراً من مخزونهم من التبغ الخام من فترة ما قبل تعويم العملة، وهو ما يجعل التكلفة متدنية بالنسبة لهم، كما يرفع من هوامش العوائد".

وازدادت عوائد الشركة في النصف الأول بنسبة 36 في المئة وصولا الى نحو 6.8 مليارات جنيه (أي ما يعادل 384 مليون دولار)، كما ارتفعت التكلفة 23 في المئة. وفي حين هبط حجم المبيعات الى ما بين 7 و10 في المئة منذ ارتفاع سعر السجائر في شهر نوفمبر الماضي فإن رئيس مجلس ادارة الشركة محمد هارون يرى أن حجم المبيعات سيبدأ بالعودة الى مستوياته الطبيعية في شهر مارس، وذلك استنادا الى تقديراته التي ذكرها في مقابلة أجريت معه خلال الأسبوع الماضي.

ارتفاع مستوى التضخم

لقد دفع نظام صرف العملة الجديد، أي تحريرها، بمعدلات التضخم النقدي الى مستويات قياسية وقلص القوة الشرائية، أي القدرة على الانفاق بالنسبة الى معظم المصريين، ولكنه عجل بعودة ثقة المستثمرين والتدفقات الخارجية الى الاستثمار في الأصول المصرية. وأصبحت الشركة المنتجة للتبغ واحدة من أكثر الأسماء شعبية بين مستثمري الأسهم وحققت المكاسب الأعلى بين 30 شركة مدرجة على مؤشر اي جي اكس 30 بعد شركة الألمنيوم المصرية، منذ التعويم.

وقال أحمد حافظ، وهو الرئيس المشارك لقسم البحوث لدى اتش سي للوساطة في القاهرة: "من قراءة تاريخية لن يتوقف الناس عن التدخين، وما يحدث في العادة أنهم يخفضون عدد السجائر التي يستهلكونها في اليوم في فترة ما، ثم يعاودون سيرتهم الأولى من جديد، ولكننا لم نشهد تأثيراً طويلاً على الطلب منذ الزيادة في الأسعار".

وبحسب معلومات منظمة الصحة العالمية، فإن نحو 50 في المئة من الرجال فوق سن الخامسة عشرة يدخنون السجائر منذ سنة 2015. وقد يرتفع هذا الرقم الى 63 في المئة بحلول عام 2025، وهو أعلى من التوقعات بالنسبة الى معظم دول المنطقة، بما فيها المملكة العربية السعودية والمغرب ولبنان.

وقد أصبحت الشركة ثاني أكبر شركة في مصر من حيث القيمة السوقية في سوق تداول الأسهم وتساوي قيمتها نحو 2.7 مليار دولار، مرتفعة من المركز السابع قبل التعويم. وربما تضاف الى مؤشرات تديرها "ام اس سي آي" و"اف تي اس اي راسل" هذه السنة، وهو ما يمكن أن يفضي الى تدفقات نقدية بقيمة 112 مليون دولار، بحسب محمد الحاج الاستراتيجي لدى ذراع البحث في اي اف جي – هيرميس هولدنغ EFG-Hermes Holding في دبي.

التقييم

الارتفاع في سعر سهم الشركة الشرقية للتبغ أبقى القوة النسبية لمؤشرها طوال 14 أسبوعاً فوق 70 لمعظم الوقت، منذ شهر نوفمبر عام 2016. وتلك اشارة بالنسبة الى البعض من المحللين للزيادة في الكميات المشتراة من الأسهم.

ولكن، في حين ارتفع تقييمها الى أعلى مستوى منذ سنة 2008 فإن سهمها يظل أقل من أسهم الشركات المناظرة العالمية، وذلك من خلال الحكم عبر معدل السعر الى الربحية، على مدى 12 شهراً. وقد جرى تداول سهم الشركة عند 13.3 مرة للأرباح الآجلة خلال الأسبوع الماضي، مقارنة مع 15.5 مرة لأرباح الشركات المسجلة في مؤشر ام اس سي آي العالمي للتبغ.

ويقول عصام علي، وهو حلاق يعمل في القاهرة (في التاسعة والعشرين من العمر)، وكان يدخن السجائر منذ سن الخامسة عشرة، ويستهلك علبتين من السجائر في اليوم، يقول: "ليس في وسعي تحمل ثمن اللحم والدجاج أو الثياب اللائقة، لأن أسعارها ارتفعت أيضاً، ولذلك فإن السجائر هي كل ما تبقى لدي من أجل تخفيف الضغط والعناء. وعندما تشعر بالسأم فليس لديك الا أن تقوم بإشعال سيجارة".