صحيح أن "مذكرة نونيس" مثيرة للاهتمام إلا أن كل ما تكشفه حدث قبل تعيين روبرت س. مولر الثالث، لذلك كيف يمكن لأي مسألة وردت في المذكرة أن تؤثر في مصداقية تحقيق المجلس الخاص؟ فمن المهم أن تحقيق وزارة العدل قبل مولر فُتح بحض من حزبيين معادين لترامب وموالين لهيلاري استغلوا تطبيق القانون الأميركي في محاولة لعرقلة حملة ترامب. إذاً يشكّل تحديد ما عرفه مولر ومتى عرفه نقطة أساسية ومهمة، فمتى اكتشف مولر أنه يترأس تحقيقاً أسسه غير شرعية؟ إذا ظن ألا أهمية لذلك، فعليه أن يوضح السبب.

تعود أهمية مذكرة رئيس لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب ديفين نونيس (ممثل كاليفورنيا الجمهوري) في جزء منها إلى أنها تؤكد وجود خلية مناهضة لترامب وموالية لكلينتون عملت على أعلى المستويات في مكتب التحقيقات الفدرالي، وبالاستناد إلى تقارير السنة الماضية، نعرف أن هذه العصبة الحزبية شملت أناساً مثل المدعية العامة في عهد أوباما لوريتا لينش، ونائب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق أندرو ماكيب، ورئيس قسم محاربة التجسس في مكتب التحقيقات الفدرالي السابق بيتر سترزوك، ومساعد نائب المدير العام السابق بروس أوهر، وآخرين.

Ad

صحيح أن الديمقراطيين وحلفاءهم في وسائل الإعلام يرفضون الإقرار بذلك، إلا أن المذكرة تكشف أن الانتخابات الرئاسية الأميركية لم تكد تُخطف من قبل الروس أو حملة ترامب التي تعاونت معهم، بل من عملاء حملة كلينتون الذين تآمروا مع حلفاء مناهضين لترامب داخل مكتب التحقيقات الفدرالي، وقد اعتمدت بعض جهودهم على بحث حملة كلينتون عن معلومات مسيئة للطرف الآخر، وهكذا استخدموا مجموعة من الأكاذيب والمعلومات المشوهة التي نشروها في محاولة لتقويض حملة ترامب.

من الضروري أن نتذكر أن ملف الديمقراطيين لم يؤدِّ دوراً كبيراً في مسألة فتح تحقيق بشأن روسيا، لكن الكشف عن استخدامه يُظهر وجود أفراد مناهضين لترامب في مكتب التحقيقات الفدرالي ويثبت التحيز ضد ترامب، فقد أخذوا مستنداً مزيفاً واستغلوه للترويج لأهدافهم السياسية الخاصة، لذلك لا بد من أن نسأل: ماذا فعلوا غير ذلك؟

أولاً، بدا غريباً أن يعمد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي آنذاك جيمس ب. كومي إلى تقديم تقرير للرئيس المنتخب ترامب عن هذا الملف. أتساءل عما إذا أقدم على ذلك كجزء من محاولة لإخفاء آثار المجموعة المناهضة لترامب أو للكشف بلطف على الأقل عن أن الحكومة استخدمت هذا الملف، وأعتقد ألا أحد كان قد أخبر ترامب أن هذا الملف استُعمل ضد مصالحه في إجراءات حكومية رسمية. في مطلق الأحوال نحتاج إلى بعض الوقت لندرك تأثير مذكرة نونيس، لكننا لا نستطيع بالتأكيد تجاهلها بكل بساطة، فهل كان مولر سيفيد أساساً أن مكتب التحقيقات الفدرالي تآمر مع قوى مناهضة لترامب لتقويض حملته بالاعتماد على معلومات قدّمها أجانب مناهضون لترامب تقاضوا أجراً من حملة كلينتون؟ إذاً، تشكك مذكرة نونيس في أسس تحقيق المجلس الخاص برمتها، وخصوصاً إذا فُتح اليوم تحقيق فيما إذا عمد الرئيس إلى عرقلة مسار تحقيق أطلقته الحكومة بطريقة غير صحيحة في المقام الأول.

قدّرتُ سابقاً اعتراض مكتب التحقيقات الفدرالي على نشر المذكرة، ولكن بعدما اطلعتُ عليها، تساءلتُ لمَ أثار كل هذه الضجة عن كشف المصادر والأساليب، فلم أرَ أياً من كل ذلك. على العكس تشكّل هذه المذكرة فضحاً بالغ الأهمية لخبث عدد من الحزبيين وانتهاكاتهم داخل مكتب التحقيقات الفدرالي، ومن الطبيعي أن يشكك البعض في المعلومات الواردة في المذكرة، معتبرين إياها ناقصة وغير دقيقة. لننتظر ونرَ.

علاوة على ذلك ما زال هنالك المزيد، فأنا أسمع أن تقرير المحقق العام في مكتب التحقيقات الفدرالي سيصدر قريباً وأنه سيشكل إدانة قوية إضافية لكثيرين داخل هذا المكتب.

خلاصة الكلام أن هذه المذكّرة تقدّم أدلة إضافية على أن شخصاً ما تآمر مع الروس، وأخفى معلومات مهمة عن مسؤولي الحكومة، واستخدم أموالاً مبيضة لشراء معلومات مسيئة للحملة ساهم عملاء روس في تزويدها، لكن هذا الشخص لم يكن من حملة ترامب، ويجب أن تشكّل هذه نقطة بالغة الأهمية بالنسبة إلى مولر، فما المنحى الذي سيأخذه التحقيق بعد ذلك؟

* إيد روجرز

*«واشنطن بوست»